الغارديان: على مجلس الأمن الدولي تحمّل مسؤولياته والتدخل في النزاع السوداني  

2023-09-21

 

بعد الحرب العالمية الثانية اتفقت الإنسانية على ميثاق الأمم المتحدة الذي التزمت فيه بالقيم المشتركة والمساواة والكرامة لكل البشر (ا ف ب)قال أداما دينغ، الخبير السنغالي في حقوق الإنسان، والمستشار الخاص في المحكمة الجنائية الدولية، والمساعد السابق للأمين العام للأمم المتحدة، والمستشار الخاص لمنع الإبادة، إن الأحداث في السودان هي ندبة على جبين الإنسانية، وعلى مجلس الأمن الدولي التدخل.

وفي الوقت الذي يشارك فيه الزعيم الفعلي للبلاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهناك فرصة لممارسة الضغوط.

 وقال: “بعد الاستماع للقصص من السودان، ومن اللاجئين الذي استطاعوا الفرار، أو من بعض الملايين الذي هجروا قسراً في داخل بلدهم، لا يسع الواحد منا إلا الاستنتاج أن الإنسانية تخضع للمحاكمة مرة أخرى”. وقال: “لم نتخل بشكل ذريع عن شعب السودان، بل وعن العاملين من أجل السلام. ويتضح مما يجري في السودان أن الإنسانية لم تتعلم أي شيء من كوسوفو ورواندا وأماكن أخرى”.

وأضاف أن اندلاع العنف، في 15 نيسان/أبريل، لم يحدث من فراغ، فقد كانت العلامات ظاهرة، وكانت المسألة “متى” وليس “إذا ما”. ويقول إن الإطاحة بالرجل القوي في السودان عمر البشير، في احتجاجات شعبية عام 2019، منحت السكان فترة من الراحة، وقدمت أملاً للمستقبل، إلا أن الأحداث التي تبعت الثورة، أشارت إلى انقسام البلد.

ولم تكن النخبة مستعدة للتخلي عن موقعها المتميز على رأس الطاولة، وقاوموا أي محاولة للمحاسبة على جرائم سابقة، وقوّض أفرادها مشاركة المدنيين في الحكم، وعلى حساب مستقبل البلد. وبإشارات كهذه، فإن أي تفاؤل بأي شيء إيجابي يحدث، لا يظهر إلا من الأفراد الذين ركعوا السودان، وتركوه على حاله، وواصلوا في الوقت نفسه ممارسة الإهانة على الشعب السوداني.

ويقول إن انتشار العنف لخارج الخرطوم هو مأساة، وشمل مناطق مضطربة، وبخاصة دار فور التي أخذت حصتها من المعاناة.  وما يجري في السودان يجب أن يكون مصدر عار وندبة على جبين الإنسانية جمعاء.

فبعد الحرب العالمية الثانية اتفقت الإنسانية على ميثاق الأمم المتحدة الذي التزمت فيه بالقيم المشتركة والمساواة والكرامة لكل البشر.

وقام الميثاق التأسيسي على فكرة الحاجة إلى “حماية الأجيال المقبلة من ويلات الحرب”، وعلى مجلس الأمن، وبجب عليه الالتزام بهذه المسؤولية في السودان.

ففي الوقت الذي يمنح الميثاق مجلس الأمن المسؤولية للحفاظ على السلام والأمن العالميين، فإنه يدعو للتحرك بناءً على أهداف ومبادئ الأمم المتحدة، والتي تشمل احترام مبادئ العدالة والقانون الدولي، ودعم وتشجيع احترام حقوق الإنسان، والتعاون بحسن نية لحل المشاكل الدولية ذات الطابع الإنساني. لكل هذا، يجب على مجلس الأمن زيادة التواصل لوقف النزاع في السودان، والسماح للدخول بدون معوقات إلى المنطقة، والتأكد من تلقي سكانها المساعدات الإنسانية الحيوية، بما فيها الطعام والدواء.

وعلى مجلس الأمن إعادة التأكيد للأطراف السودانية المتحاربة، وبشكل لا لبس فيه، أنه ستتم محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي. وسيحاسب المجتمع الدولي أو الشعب السوداني من يقومون بعرقلة دخول الإغاثة الإنسانية، أو يستخدمون الأساليب المحرمة لتحقيق أهدافهم العسكرية.

ويجب أن يكون مجلس الأمن حاجزَ النار الموثوق به ضد الظلم. وعندما يخاطب الجنرال عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان (قاد انقلاباً ضد القادة المدنيين في 2021) الجمعية العامة، يوم الجمعة، فعلى الأمين العام أنطونيو غويتريش انتهاز الفرصة والضغط عليه لكي يضع مصالح الشعب السوداني فوق كل شيء.

وهناك حاجة ماسة لتذكير القادة الأفارقة بأن الاتحاد الأفريقي، وبناءً على قانونه التأسيسي، لديه أكثر الآليات التحذيرية تطوراً لمنع النزاعات، وبإطار يسمح للدول بالتدخل، لو خافت من إمكانية حدوث الإبادة أو ارتكاب جرائم حرب. وحان الوقت لتفعيل هذه الآلية لمنفعة الشعوب الأفريقية.

 ويعتبر النزاع الفظيع تحدياً لمصداقية الاتحاد الأفريقي، وعليه عمل المزيد، وبشكل عاجل، والتفكير وتحقيق رؤية مؤسّسيه، وكذا توقعات الشعوب الأفريقية التي تنظر إليه، وبشكل متزايد، كضامن للسلام في القارة.

وشاهدَ العالم الأسوأ في السابق، و”أعتقد أننا تعلمنا شيئاً من المآسي السابقة بشكل يساعدنا على اتخاذ أفضل القرارات، ولمصحة الإنسانية جمعاء. ويجب على مجلس الأمن أن يظهر، قولاً وفعلاً التزامه المطلق بدعم الشعب السوداني، وإعادة بناء بلده بناء على السلم والعدل والمساواة بين جميع المواطنين”.

فما يحدث في السودان هو مصدر للعار وندبة على جبين الإنسانية جمعاء، و”أحثّ المجتمع الدولي لعمل المزيد، ومعالجة هذا النزاع المأساوي، والذي حكم على الملايين بالفقر واليأس”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي