ما دور إسرائيل في نزوح الأرمن عن إقليم ناغورني قرة باغ؟  

2023-09-27

 

لم تكتف إسرائيل في كل هذه السنوات بمساعدة أذربيجان في السلاح، فقد ساعدتها أيضاً في تشويه التاريخ (ا ف ب)السكان الأرمن الذين فروا بجموعهم من الإقليم، يتذكرون تاريخ الحرب والمذبحة الهائلة لجموعهم في السنوات الأولى ما بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، لكنهم يتذكرون أيضاً تاريخ قتل الشعب الذي ارتكبته الإمبراطورية العثمانية بحق أبناء شعبهم. وعن حق، لا يثقون برحمة قوات الأمن الأذربيجانية، التي لم تتردد في السنوات الأخيرة في مهاجمة أهداف مدنية ومدنيين أرمن وارتكاب جرائم حرب في ناغورني قرة باغ.

من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ساعدت دولة إسرائيل أذربيجان في جرائم الحرب وفي هزيمة الأرمن في قرة باغ. لإسرائيل علاقات استراتيجية مع الأذربيجانيين، بما فيها صفقات سلاح بقيمة مليارات الدولارات، وذلك على خلفية حربهم ضد إيران ولأن قسماً مهماً من النفط الذي تستخدمه يشترى من أذربيجان.

ومع الإبقاء على السرية في العلاقات الأمنية بين الدولتين، تفتخر أذربيجان بامتلاكها سلاحاً إسرائيلياً متطوراً وصواريخ ومسيرات هجومية، وكشفت النقاب عن وجود مصنع على أرضها لإنتاج محلي للمسيرات الانتحارية من طراز إسرائيلي. كما عادت ونشرت أفلاماً رسمية بدت فيها قواتها تستخدم السلاح الإسرائيلي.

قبل نصف سنة، كشفت “هآرتس” النقاب (6 آذار) بأنه 92 رحلة شحن جوية أذربيجانية هبطت في مطار قاعدة عوفدا (الوحيد المسموح منه تصدير المواد المتفجرة) في السنوات السبع الأخيرة، ووثقت مسيرة إسرائيلية انتحارية تهاجم موقعاً مضاداً للطائرات على الأرض الأرمنية نفسها (“هآرتس” 15/3/2021). كما كشف النقاب عن أن صحافيين ونشطاء معارضة أذربيجانيين كانوا أهدافاً لملاحقة منظومة بيغاسوس (“هآرتس” 25/5).

لم تكتف إسرائيل في كل هذه السنوات بمساعدة أذربيجان في السلاح، فقد ساعدتها أيضاً في تشويه التاريخ. فقد اعترفت وزارة الخارجية ضمن إجراءات قضائية في العام 2020 بأن رفض إسرائيل الاعتراف بكارثة الأرمن – التي لا تعدو كونها “مأساة” على حد تعريفها – ينبع أيضاً من علاقاتها مع الحكومة في باكو. إلى جانب ذلك، ساعدت إسرائيل حملة أذربيجان لاعتراف دولي بـ “قتل الشعب” في خوجالي الذي يزعم بأنه قام به الأذربيجانيون بحق الأرمن. صحيح أن هناك عدة روايات عما حصل في المعركة في خوجالي في أيام الحرب الأولى على قرة باغ في 1992 لكن الأسرة الدولية تتفق في أمر واحد بهذا الشأن: لم يكن هناك قتل شعب وفقاً للتعريف الدارج.

ليس هذا هو التطهير العرقي الأول الذي تظهر فيه بصمات إسرائيل؛ فالروهينجا في بورما، والمسلمون في الحرب البوسنية، مثالان من أمثلة كثيرة. فقد كان يفترض بإسرائيل أن تعرف من تاريخ الشعب اليهودي بأنه عندما يدمج سلاح مكثف مع تشويه للتاريخ، فكلاهما يخلقان وصفة للمصيبة.

 

أسرة التحرير

هآرتس 27/9/2023








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي