حرب في غزة ومناوشات بين حزب الله وإسرائيل.. هل يلوح شبح الحرب بجنوب لبنان؟

وكالة أنباء العالم العربي - الأمة برس -
2023-10-20

تصاعد الدخان من تل عقب قصف إسرائيلي لمناطق قرب قرية الضهيرة الحدودية في جنوب لبنان، في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023 (ا ف ب)بيروت - بعد 17 عاما من آخر الحروب المباشرة بين لبنان وإسرائيل في يوليو تموز 2006، والتي اندلعت إثر غارة نفذها حزب الله عبر الحدود وقتل خلالها ثمانية جنود إسرائيليين واختطف اثنين آخرين، تسود مخاوف في لبنان من احتمال اندلاع حرب جديدة في الجنوب وسط خضم أحداث غزة.

وإبان حرب 2006، طالب حزب الله بإجراء مفاوضات غير مباشرة بهدف مبادلة سجناء عرب تحتجزهم إسرائيل بالجنديين. وردت إسرائيل بحرب مفتوحة بدأت بحصار بحري وحملة جوية مكثفة. وبعد 33 يوما، توقفت المعارك التي سقط فيها 1191 قتيلا في لبنان، معظمهم من المدنيين، فيما قُتل 121 جنديا إسرائيليا و44 مدنيا.

وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا حينها طالب فيه حزب الله بالوقف الفوري لهجماته، وإسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية وسحب قواتها من جنوب لبنان.

ومن وقتها، بقي الاحتكاك العسكري بين الجانبين محدودا في الجنوب، لكن الأحداث الدامية في غزة وإمكانية امتدادها إلى جبهات متعددة تفتح احتمالات تغيُّر هذا الوضع.

واليوم الخميس، أفادت قناة الميادين الفضائية بإطلاق صواريخ موجهة من جنوب لبنان باتجاه موقع المنارة الإسرائيلي.

كما نقلت صحيفة (جيروزاليم بوست) عن الجيش الإسرائيلي قوله إنه كان هناك إطلاق صواريخ مضادة للدبابات من لبنان. وأضافت أن المجلس الإقليمي لمنطقة الجليل الأعلى وجّه السكان إثر ذلك بالبقاء داخل المناطق المحمية.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بأن إسرائيل أطلقت قذائف المدفعية باتجاه أطراف بلدة ميس الجبل ردا على القصف من لبنان.

* لا إجماع

وتنقسم الآراء في المجتمع اللبناني بين مؤيد ومعارض لدخول حزب الله في مواجهة عسكرية مع الجيش الإسرائيلي جنوبا لدعم حركة حماس في معركتها بقطاع غزة.

وتقول أستاذة العلاقات الدولية الدكتورة ليلى نقولا "في لبنان لم يكن هناك إجماع على المقاومة حتى في حرب تموز". وأضافت أن الحكومة في عام 2006 اعتبرت أن أفعال حزب الله لا تمثل الدولة اللبنانية، "حتى أن البعض وجه اتهاما إلى وزراء بأنهم أعطوا إحداثيات للإسرائيليين لقصف مواقع لحزب الله".

وتابعت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) قائلة إن المواجهات التي تحدث جنوبا "تقع إلى حد اليوم تحت قواعد الاشتباك التي حددها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بأن كل عنصر يُقتل من الجانب اللبناني سيقُتل بمقابله من الجانب الإسرائيلي، وكذلك الأمر بالنسبة للمدن والبلدات وغيرها."

وهي تعتبر أن حزب الله أقوى الآن بكثير مما كان عليه عام 2006، سواء من ناحية خبرات مقاتليه أو كمية ونوعية ما لديه من عتاد وسلاح، مؤكدة أنه "اكتسب الخبرة الميدانية بشكل كبير من خلال مشاركته في الحرب السورية وقتاله إلى جانب الجيش السوري في العديد من المناطق".

وتضيف "الجانب الإسرائيلي لم يتحمل خسارته حرب تموز، وما يفعله الجيش الإسرائيلي خلال السنوات السابقة هو إعادة ترميم قوته، لكن الحزب بالمقابل كان يستعد للمواجهة والدخول إلى شمال فلسطين".

ومنذ اندلاع المواجهات في غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، استهدف حزب الله العديد من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوبا، معلنا تحقيق العديد من الأهداف وإلحاق خسائر بالجانب الإسرائيلي، ردا على ما اعتبره "عدوانا" إسرائيليا على المدنيين والمناطق اللبنانية.

وفي المقابل، استهدف الجيش الإسرائيلي مواقع الحزب ومقاتليه والبلدات المحاذية للشريط الحدودي ما أسفر عن مقتل عشرة من عناصره.

* حراك دولي

حذر رؤساء دول، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، من دخول حزب الله في مواجهة مع إسرائيل وفتح الجبهة الشمالية، وزار مسؤولون غربيون لبنان، وجرت اتصالات مع الحكومة اللبنانية كي تؤثر على الحزب لمنعه من اتخاذ أي خطوة عسكرية.

وأكدت الدولة اللبنانية على أهمية الاستقرار جنوبا ولكن مع ضرورة وقف إسرائيل أي أعمال عدائية بحق سيادة لبنان. وعبّر وزير الإعلام زياد مكاري عن مخاوفه من انفلات الأوضاع على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، مؤكدا أن ما من أحد في لبنان يريد الحرب.

وقال مكاري في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي يوم الثلاثاء "الوضع على الجبهة الجنوبية مشتعل، ومن المرشح أن تتزايد حدة الاشتباكات في أي لحظة"، مضيفا أن الحكومة اللبنانية تبذل جهودا لاحتواء الأوضاع في الجنوب تتضمن "إجراء اتصالات دبلوماسية دولية على جميع المستويات ومع جميع رؤساء الدول الغربية والدول العربية".

وأكد الوزير اللبناني أن الحكومة تتخذ إجراءات "جدية ووقائية" تحسبا لاندلاع حرب في الجنوب، وأنها شكّلت "خلية أزمة" لوضع خطة تستطيع من خلالها التعامل مع الأوضاع حال اندلاع الحرب وتوسع رقعة الاشتباكات إلى مناطق أخرى غير الجنوب.

وتستبعد الدكتورة ليلى نقولا أن يكون لإعلان الولايات المتحدة عن خططها إرسال ألفي جندي إلى إسرائيل أي أثر على الحرب، مضيفة "هذا العدد ليس له أي ترجمة فعلية على أرض الميدان".

واستطردت "إسرائيل تريد توريط أميركا في الصراع، وهذا واضح من تصريحات نتنياهو منذ اليوم الأول. والمتابع لجولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة يدرك أنه سمع من الدول العربية رفضها لحصول أي نكبة جديدة في فلسطين وترحيل سكان القطاع إلى سيناء في مصر".

وشهد لبنان أمس الأربعاء حدادا وطنيا وإقفالا عاما للمؤسسات والجامعات والمدارس الرسمية والكاثوليكية استنكارا لقصف مستشفى المعمداني في قطاع غزة الذي خلف نحو 500 قتيل فضلا عن مئات الجرحى. وخرجت تظاهرات فلسطينية ولبنانية غاضبة من المخيمات والمدن في لبنان تنديدا بقصف المستشفى، وحمل المتظاهرون أعلام فلسطين وأطلقوا الهتافات ضد إسرائيل.

* الوضع الاقتصادي

يحذر الصحفي الاقتصادي منير يونس من ضعف البنية الاقتصادية في لبنان، ومن شدة تضرره حال وقوع الحرب واتساع رقعة المواجهات.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن الحكومة تواصل اتصالاتها داخليا وخارجيا لإبقاء الوضع هادئا في البلاد وإبعاد لبنان عن تداعيات حرب غزة.

وأشار يونس في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي إلى أن الأوضاع مختلفة عن يوليو تموز 2006 قائلا "حينها كان القطاع المصرفي ما زال موجودا وودائع المواطنين متوفرة في حساباتهم. فمن توقف عن العمل حينها بسبب الحرب استطاع أن يعتمد على المدخرات الموجودة. أما اليوم فهناك حوالي مليون ونصف لبناني ودائعهم محتجزة في المصارف".

وأضاف "في السابق كان المصرف المركزي يملك احتياطيا من العملات تُمكّن الحكومة من تغطية النفقات التي تنتج خلال الحرب مثل الاستشفاء والإيواء، أما الآن ليس هناك من احتياطي للعملات في المصرف مما سيؤدي إلى عدم قدرة الدولة على الإنفاق على المتأثرين، خاصة أننا نستورد 80 بالمئة من احتياجاتنا".

ومضى قائلا "في عام 2006، كانت لنا القدرة على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية والحصول على قروض من الدول والمنظمات المانحة، ولكن منذ مارس آذار 2020 توقف لبنان عن سداد ديونه ليصبح باب الاقتراض مقفلا".

واختتم حديثه بالقول "الدولة مفلسة، وفي حالة وقوع حرب سنكون أمام كارثة إنسانية".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي