هآرتس: ما تعرفه إسرائيل عن أنفاق حماس لا يقترب من حجمها وتعقيداتها

الأناضول - الأمة برس
2023-11-08

قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)كل ما تعرفه الاستخبارات العسكرية حول أنفاق غزة، بعيد كل البعد عن حجم ودرجة إحكام مشروع الأنفاق، كما أن صورة المعارك في قطاع غزة أكثر تعقيداً من تلك التي يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تصديرها على أنها تحقق "نجاحاً هائلاً".

هكذا يخلص تحليل لصحيفة "هآرتس" العبرية، ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أنّ جزءاً من النجاحات التي تتحدث عنها إسرائيل قد تكون ناجمة عن محاولات حركة "حماس" الاحتفاظ بقوتها للمراحل المقبلة من الحرب.

ويقول المحلل العسكري عاموس هارئيل، الذي اختارت صحيفته اعتماد تحليله كمادة وعناوين مركزية على صفحتها الأولى، إن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل حول أنفاق "حماس" في غزة "لا تعكس حجمها الحقيقي ومدى تطورها ولا تعقيداتها، ولا تقترب من حجم هذا المشروع على أرض الواقع، والذي ربما يكون الأكبر من نوعه في العالم".

وحسب مسؤولين استخباراتيين في الغرب وفي إسرائيل، فإن قيادة الحركة والجناح العسكري قاما ببناء قدرات تتيح البقاء في الأنفاق لعدة أشهر.

وينبّه بعض المراقبين الإسرائيليين إلى أن النجاحات العسكرية المزعومة بعد ضرب غزة بـ30 ألف طن ديناميت غير مرئية حتى الآن، لافتين على سبيل المثال لعدم مشاهدة صور لأنفاق مدمرة، أو استسلام، أو قتل عدد كبير من المقاتلين الفلسطينيين، أو قتل قيادات بارزة في المقاومة.

وينقل هرئيل عن ضباط في الجيش الإسرائيلي، يقودون المعركة في غزة، وعن مسؤولين آخرين ممن يديرونها في هيئة الأركان، أنّ صورة الحرب أكثر تعقيداً مما يتم تصويره.

كما يحذّر، على غرار بعض المراقبين الإسرائيليين، ولكن بصورة أكثر وضوحاً من قبل، من أن صورة الوضع القتالية معقدة أكثر من تلك التي يحاول نتنياهو رسمها، والتي قال عنها الأخير إنها "ظاهرة نجاح استثنائية".

مع هذا، يشير الكاتب إلى أن القيادات في الجيش الإسرائيلي "راضية، بل ومتفاجئة للأفضل من المستوى المهني للقوات البرية في الأسبوع الثاني للتوغل البري في غزة. ويثني هؤلاء على العزيمة والروح القتالية (لدى جنود الاحتلال) والتعاون بين سلاح الجو والجهات الاستخباراتية، ولكن لا تزال هنالك تساؤلات حول مدى استعداد حماس لمواصلة الحرب حالياً".

ويتابع هارئيل محذرا: "ربما أن النجاحات الإسرائيلية الحالية المتمثلة بتوغلات مع خسائر قليلة تنبع من رغبة (حماس) تسعى للاحتفاظ بقوتها للأيام المقبلة، لتستدرج القوات الإسرائيلية الغازية".

ويشرح ما يقصد بالقول: "حماس تفضّل في بعض الأماكن إبقاء عناصرها في الأنفاق تحت الأرض، وأمام القوات الكبيرة من الجيش الإسرائيلي، إرسال مجموعات صغيرة فقط تركّز على إطلاق صواريخ مضادة للدروع من مسافة قريبة ومحاولة وضع عبوات ناسفة على الدبابات وناقلات الجنود المدرعة. وربما ترغب حماس في الحفاظ على معظم قوتها بهذه الطريقة".

ويرى الكاتب الإسرائيلي البارز، أن حقيقة رفض حركة "حماس" في هذه المرحلة أي مفاوضات فعلية بشأن إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الإسرائيليين قد تشير أيضاً إلى أن قيادتها لا ترى حالياً أن الوضع حرج.

ويشير إلى أن اليومين الماضيين شهدا انخفاضاً معيناً في حجم إطلاق الصواريخ باتجاه منطقة تل أبيب، ومرد هذا الأمر قد يعود لسببين، برأيه؛ "صعوبة إطلاق حماس صواريخ من شمال قطاع غزة في ظل هجمات الجيش الإسرائيلي، والرغبة في ترك ما يكفي من الصواريخ متوسطة المدى للمراحل المقبلة من القتال".

ويلفت الكاتب إلى أن طول مدة الحرب بهذا الحجم من القوات "قد لا يستمر طويلاً"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة التي تدعم العملية الإسرائيلية "تضغط في المقابل من أجل هدنات إنسانية أطول، وترسل إشارات إلى أنه في المستقبل القريب ستكون هناك حاجة لدراسة تغيير شكل القتال".

حرب طويلة جنوبا

في غضون ذلك، تريد القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي عدة أشهر أخرى لاستكمال عملية ضرب حماس، لا سيما في شمال قطاع غزة وتمشيط هذه المناطق بدقة بهدف ضرب المقاومين وجمع الأسلحة، وفق هارئيل.

وحول الواقع الذي يريد الجيش الإسرائيلي رسمه لليوم التالي للحرب، يقول إن الإجابات "غير واضحة" في هذه المرحلة.

ويوضح أن التفكير السائد لدى الجيش هو أنه بالإمكان تفكيك القوة العسكرية والتنظيمية لـ"حماس"، وليس القضاء عليها كلياً، ذلك أنه لا يمكن القضاء على فكرة أو أيديولوجيا.

مع هذا، فإن الفكرة السائدة، حسب الكاتب، هي أن استمرار الهجمات المكثفة على "حماس" سيؤدي في النهاية إلى التغيير، وأن الضغط المتزايد على تشكيلاتها في شمال القطاع وفقدانها قدراتها العسكرية، "سيعزز تسوية مستقبلية تشارك فيها قوى عربية ودولية، مع إخراج حماس من اللعبة السياسية على الساحة الفلسطينية".

ويرى المحلل العسكري الاسرائيلي، أن الخطة يكتنفها الغموض إلى حد ما، ومليئة بالفجوات، خاصة ما يتعلق بالمراحل اللاحقة، "لكنها على الأقل تتطرق إلى هذه الأسئلة (حول ما بعد الحرب)".

ويتابع: "يثير (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو استياء الأمريكيين، يرفض التحدث معهم عن الأوضاع النهائية المرجوة".

دفاع في الجبهة الشمالية

كما يحذر هارئيل مما يجري على الجبهة الشمالية بقوله إن إسرائيل هناك في حالة دفاع، لكنها تنجح بجباية ثمن أكثر فأكثر من "حزب الله"، لافتا إلى أن الباب مفتوح للتدهور نحو حرب.

ويضيف أنه مقابل "حماس"، فإن الضغط اللبناني الداخلي يشكّل ضغطاً على "حزب الله" للحفاظ على مكانته كتنظيم لبناني، غير خاضع لإملاءات إيران، وبالتالي تحاشي الحرب.

ومع ذلك ورغم مناورات نصر الله بين عدة اعتبارات فإن الوضع في الجبهة الشمالية هش وحساس، وهو مرتبط أيضاً بردود إسرائيل، وفق الكاتب ذاته.

ومنذ شهر وبوتيرة يومية، تشهد الحدود بين لبنان ودولة الاحتلال، قصفًا متبادلا ومتقطعا بين الجيش الإسرائيلي من جهة وجماعة "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان من جهة أخرى، ما خلف قتلى وجرحى على طرفي الحدود.

وجاء التوتر على الحدود بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وسط استمرار الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بدعم غربي مطلق خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.

ومنذ 33 يومًا، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمّرة على غزة، استُشهد فيها 10 آلاف و569 شخصا بينهم 4324 طفلا و2823 سيدة و649 مسنا، وأصيب أكثر من 26 ألفا آخرين، حسب وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة.

بينما قتلت كتائب القسام الجناح العسكري لـ"حماس" إلى جانب باقي فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى أكثر من 1538 إسرائيليًا، وأصابت 7262 شخصًا، فضلا عن أسر نحو 240 إسرائيليا، تسعى إلى مبادلتهم بنحو 6 آلاف فلسطيني في سجون الاحتلال.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي