واشنطن بوست: أعمال إسرائيل العسكرية ستغير شكل قطاع غزة وستخلق نكبة جديدة

2023-11-13

من الصعب أن يقف العالم العربي إلى جانب حماس، على الرغم من غضبه الشديد من الهجوم غير المتناسب الذي تشنه إسرائيل (أ ف ب)تحدث المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور أن عمليات إسرائيل العسكرية في غزة قد تؤدي إلى “نكبة” جديدة، مشيرا إلى أن هذه الكلمة تطارد مخيلة الفلسطينيين، لأنها تستدعي الكوارث التي حلت بمئات الآلاف منهم في عام 1948 عندما تم طردهم من منازلهم ومدنهم الأصلية في أعقاب تأسيس إسرائيل.

وأوضحت مراسلة الصحيفة لويزا لوفلوك، في تقرير سابق لها، “لقد تم تدمير قراهم، أو إعادة استيطانها وتغيير أسمائها، ومحو تاريخها. إنها صدمة عميقة ومستمرة أثرت على كل أسرة فلسطينية تقريبا، وهي صدمة يخشى الكثيرون أن تتكرر”.

وأضاف الكاتب أنه في حين تتواصل الحملة الإسرائيلية المدمرة ضد حماس، يلوح في الأفق شبح نكبة جديدة، قائلا إن حجم ونطاق القصف الجوي الإسرائيلي لهذه المنطقة الصغيرة لم يسبق له مثيل.

وفي بداية الشهر، قالت منظمة حقوقية مقرها جنيف إن حجم الذخائر التي أسقطتها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر يعادل بالفعل قنبلتين نوويتين أسقطتهما الولايات المتحدة فوق اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية.

لقد أدى الدمار والهجوم البري المتصاعد إلى مقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني في غزة، العديد منهم من الأطفال، وأدى إلى أزمة إنسانية مذهلة. كما أجبر حوالي 1.7 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على الفرار من منازلهم – وهو النزوح الذي قد يعيد شكل المنطقة لسنوات قادمة. إن القسم الأعظم من سكان غزة هم لاجئون مسجلون فر أجدادهم مما يعرف الآن بإسرائيل في عام 1948. والآن يواجهون مأساة جديدة.

وقالت امرأة عرفت أن اسمها أم حسن لـ “رويترز” أثناء عبورها إلى جنوب غزة من الشمال: “كيف تبدو الأشياء خلفنا؟ الدمار والموت. لقد غادرنا في خوف. نحن الشعب الفلسطيني الفقير الذي دمرت بيوته”.

في مقابلة يوم الأحد مع شبكة سي أن أن ، ألقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين على حماس لأنها أثارت غضب إسرائيل.

وفي المقابلات الإعلامية والتصريحات العامة، يبدو أن العديد من مسؤولي حماس يتقبلون أن أفعالهم ستؤدي إلى سقوط العديد من “الشهداء” ويفسرون العملية بأنها تعبير عن مقاومة النظام القمعي. وقال باسم نعيم، المتحدث باسم حماس: “لقد حذرنا، وقلنا إن هناك شيئا قادما، وقلنا لا تراهنوا على صمت الفلسطينيين. لم يستمع أحد. هذه العملية نعتبرها عملا دفاعيا. أنا محاصر في سجن، حاولت الهروب من السجن”. وقال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لحركة حماس، لـ “صحيفة نيويورك تايمز”: “آمل أن تصبح حالة الحرب مع إسرائيل دائمة على جميع الحدود، وأن يقف العالم العربي معنا”.

ومن الصعب أن يقف العالم العربي إلى جانب حماس، على الرغم من غضبه الشديد من الهجوم غير المتناسب الذي تشنه إسرائيل. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في تغريدة على تويتر، إن “إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء القانونية والأخلاقية والإنسانية في حربها الوحشية على سكان غزة”، في إشارة إلى المعايير الأخلاقية المزدوجة للغرب. “ومع ذلك فقد فشل المجتمع الدولي ومنظماته الرئيسية في المطالبة بوقف إطلاق النار”.

وقال الكاتب ان بعض المسؤولين الإسرائيليين أعربوا عن تفاؤلهم وإن لم يعتذروا، بشأن ما تفعله عمليتهم بالفلسطينيين. وفي حديثه لإحدى القنوات التلفزيونية الإخبارية الرئيسية في إسرائيل، يوم السبت، قال آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي والمدير السابق لجهاز الشاباك، إن طبيعة القتال في شمال غزة تتطلب الإجلاء الجماعي – والطرد المحتمل – للفلسطينيين المقيمين في مدينة غزة. ورد على أحد المحاورين الذي استخدم مصطلح النكبة: “هذا سيؤدي إلى نوع من النكبة، [هذه] نكبة غزة 2023، هكذا ستنتهي”.

وأضاف الكاتب أن الأزمة التي يواجهها الفلسطينيون لا تقتصر على غزة فحسب. ففي الضفة الغربية حيث تقوم السلطات القضائية الإسرائيلية بتقسيم الأراضي التي تم تصورها ذات يوم كموقع لدولة فلسطينية قابلة للحياة، صعد المستوطنون هجماتهم على الفلسطينيين في أعقاب أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وفي تقارير للصحيفة نقل مراسلوها أن “الأمم المتحدة سجلت 222 هجوما ضد الفلسطينيين خلال الشهر الماضي.. وقتل ثمانية أشخاص، بينهم طفل. وأصيب 64 فلسطينيا آخرين، أكثر من ربعهم بالذخيرة الحية [في تلك الهجمات]”.

وقد أجبر العنف بالفعل عشرات العائلات على الفرار من منازلهم والتخلي عن بساتين أشجار الزيتون التي كانت تعتني بها أسرهم منذ أجيال.

وزارت مراسلة الصحيفة لويزا لافلاك خربة زنوتا بالضفة الغربية، الذي كان سكانها الفلسطينيون البالغ عددهم 150 أو نحو ذلك يغادرون خوفا على حياتهم. وقال أسير التل، وهو راعي أغنام يبلغ من العمر 59 عاما للصحيفة: “هؤلاء المستوطنون فوق القانون إنهم الحكومة الآن”. وأضاف وقد بدأ بالبكاء: “يمكن لهؤلاء المستوطنين أن يذبحونا ولن يهتم أحد. ماذا تريدني أن اقول.. لا توجد كلمات تصف بؤس هذه الحياة”.

بالنسبة لقطاعات من اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي يشكل جزءا كبيرا من حكومة نتنياهو، فإن تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم هو الشرط المسبق غير المعلن لتحقيق أهدافهم. في مقابلة معبرة مع مجلة “نيويوركر”، أظهرت دانييلا فايس، الزعيمة المخضرمة لحركة الاستيطان الإسرائيلية، في أحسن الأحوال، عدم مبالاة بمحنة الفلسطينيين في غزة، قائلة إنه يجب توزيعهم على دول مثل مصر وتركيا، وإنه يجب على الإسرائيليين العودة إلى الاستيطان في غزة. (وقد قاوم نتنياهو وبعض حلفائه في الحكومة حتى الآن مثل هذه الدعوات).

عندما يتعلق الأمر بتصرفات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، بما في ذلك الهجمات والترهيب التي أدت في نهاية المطاف إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، كانت فايس صريحة بشأن أهدافهم ولم تتأثر بالإدانة التي تلقوها من إدارة بايدن.

وقالت لإسحاق شوتينر من مجلة نيويوركر: “إن العالم، وخاصة الولايات المتحدة، يعتقد أن هناك خيارا لقيام دولة فلسطينية، وإذا واصلنا بناء المجتمعات، فإننا نمنع خيار الدولة الفلسطينية. نريد إغلاق خيار الدولة الفلسطينية، والعالم يريد ترك الخيار مفتوحا. إنه أمر بسيط للغاية يجب فهمه”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي