«تأْليْبُ المعاني على أُصولِها» للكاتب السوري سليم بركات

2023-12-02

كتاب جديد للروائي والشاعر السوري سليم بركات المقيم في السويد. صدر الكتاب من المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ما الذي نقرأه في هذا العمل الأقرب نوعاً إلى كتاب بركات الشعري «الشظايا الخمسمئة»؟ الفارقُ كبير. كان كتاب «الشظايا..» توثيقاً شعريا للأحاسيس يعتمد على البلاغة كمصدر خاص به جماليا، في تأليف التركيبة والتوليفة اللغوية، وكذلك في «نَحْت» الصور. الكتاب الجديد الذي وضعه المؤلف تحت باب «خواطر» يذهب إلى ما هو نثري الطابع من التعابير ليستظهر منه شعريةً مخبأة فيه:

«كل رقمٍ مقدسٌ في عُرْفٍ،

إلا الرقمَ الذي أنجبَ الصفْرَ».

إيماءات وومضات قصيرة جدا. كثيفة، فيها ظرافة جامحة تصدر عن خيال واسع، وفيها تعابير مشغولة كالبارود:

«تفجيرٌ واحدٌ لا يستوفي هَدْمَ السد بين أساطيرِ الخَلْقِ.

معركة بركات واضحة التخطيط: تبديل كلمة في جملة نثرية يمكن قلْبها من معنى معروف إلى معنى جديد. إنه يريد عن قصد أن يكون النثر هو حامل الإلهام الشعري أيضاً بدلَ مكوثه في ظل الكتابة التقريرة الإخبارية، الصورة التي يركبها لهذا المسعى طريفة:

«فتياتٌ مجهولاتٌ،

وفتيانٌ مجهولونَ،

يتبادلون عناوينَ اللقاءِ في ملهى النثرِ براقصاتهِ خَلَعْنَ سراويلَ الشعْرِ في رقصهن».

هذيانٌ ساحرٌ: «الدموعُ براءةُ اختراعٍ». عنفٌ لا مواربة فيه: «هَدْمُ المبنى على مَنْ فيه». تأمل فلسفي: «الاستحمامُ مُعَادَلاتٌ من مَنطقِ الماءِ». حكمة بلا تاريخ: «يفقدُ الجنونُ عقلَهُ أحياناً، متصرفاً كالبشرِ العادييْنَ».

لن نستطيع اختزالَ هذا الكتاب ومضمونه بالاعتماد على المعاني المبوبة، ستطول اللائحة حتى «تأليب المعاني على أصولها». أيْ تحريضها على تدمير ماضيها بإنشاء مضمون يتسع لحاضر ومستقبل مختلفين من البلاغة النثرية.

يقع الكتاب في160 صفحة من القطع المتوسط.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي