أسرار قوة القلاع اليابانية

اليابان بالعربي - الأمة برس
2023-12-03

تعبيرية (unsplash)

يشير مصطلح ”نواباري“ الذي يعني حرفيا ”حبل ممدود“ إلى مخطط تصميم القلاع اليابانية. وهذا المخطط قد يكون مختلفا حسب مكان بناء القلاع على جبل أو أرض مسطحة. فبالنسبة للقلاع الجبلية ”ياماجيرو“ لا يمكن تشييد الهياكل الدفاعية فيها إلا على مناطق مسطحة من الجبل مثل القمة أو الحافة. لذلك كانت تمد حبال على أوتاد مغروسة في تلك المساحات المسطحة لاستخدامها في تصميم القلعة وتحديد حجمها ومن هنا اشتقت كلمة نواباري.

وكانت تلك الحبال تستخدم أيضا كأساس عند بناء دوروي (حواجز ترابية) وهوري (خندق) وإيشيغاكي (جدران حجرية) ومدخل القلعة. وكانت تشكل جوهر تصميم القلاع. كان كاتو كيوماسا وكورودا يوشيتاكا وتودو تاكاتورا من بناة القلاع المهرة وكانوا خبراء في صنع حبال نواباري قوية. وتمكنوا جميعهم من تشييد قلاع ضخمة.

كورووا

تشير هذه الكلمة إلى مجمعات داخل القلعة مقسمة على أساس نواباري. يشكل كلا من المجمع الرئيسي ”هونمارو“ و المجمع الثاني ”نينومارو“ والمجمع الثالث ”سانّومارو“ مركز القلعة وهم محاطون بعدد إضافي من كورووا صغيرة وكبيرة كوسيلة لزيادة القدرات الدفاعية للقلعة.

كان لكل مجمع منهم اسم مختلف مثل أوبي كورووا (جاءت تسميتها من كلمة أوبي وتعني حزام) وكانت هذه المجمعات طويلة وضيقة وتطوق المحيط الخارجي للقلعة. وهناك أيضا كوشي-كورووا وهو نوع من المجمعات بني على شكل طبقات في ياماجيرو على ”كوشي“ التي تعني الخصر أو القسم الأوسط من منحدر جبلي. ساعدت هذه المجمعات المتنوعة في منع الأعداء من غزو هونمارو. كما كان هناك أيضا كورووا لتخزين المؤن وإسطبلات الخيول.

هوري ودوروي

كان هوري ”الخندق“ وسيلة دفاع رئيسية حول كورووا، ويوجد منه أيضا أنواع مختلفة. فهناك خنادق تاتيبوري العمودية الجافة المحفورة في المنحدرات الجبلية والتي كانت تسنحدم لمنع العدو من التحرك أفقيا. وعُرفت سلسلة من هذه الخنادق ممتدة عموديا فوق المنحدر باسم أونئيجو تاتيبوري أو الخندق الجاف المخدد.

وهناك أنواع أخرى من الخنادق مثل ياغنبوري التي كانت تحفر على شكل أخدود ضحل بشكل حرف V وهو يشبه هاون ياغين الذي كان يستخدم من قبل صانعي الأدوية العشبية وخنادق هاكوبوري المحفورة على شكل صندوق وسميت بذلك بسبب قاعها المربع والمسطح وخنادق كينوكيبوري المحفورة على شكل حرف U وخنادق شوجيبوري المقسمة إلى أقسام على شكل شبكة بشكل يشابه الإطار الذي تركب عليه أبواب شوجي.

كانت التربة التي تزال عند حفر الخنادق تكدس فوق بعضها من أجل تشييد حواجز ترابية ”دوروي“. وكان الجنود يقفون على دوروي لمهاجمة الأعداء المحاصرين في الخندق. كانت معظم تلك الحواجز تشيد بزاوية 45 درجة تقريبا. إلا أن بعضها كان بزاوية 60 درجة أو أشد انحدارا من ذلك وأقرب إلى نوع من الجدران يُعرف باسم كيريغيشي (جُرف).

إيشيغاكي

إن جدران القلعة الحجرية هي الصورة الكلاسيكية لدى الكثير من الناس عند التفكير في الهيكل الدفاعي للقلاع. إلا أنه في اليابان بدأت القلاع ذات الجدران الحجرية ”إيشيغاكي“ في الظهور فعليا فقط في أواخر فترة المقاطعات المتحاربة (1467-1568)، عندما بدأ أودا نوبوناغا وتويوتومي هيديوشي ببنائها، وأصبحت أكثر انتشارا فيما بعد. وكانت دوروي هي النوع الرئيسي من الهياكل الدفاعية المستخدم خلال فترة المقاطعات المتحاربة الرئيسية.

لكن لم يكن يتعلق الأمر باستخدام دوروي في البداية ثم التحول في نهاية المطاف إلى استخدام إيشيغاكي. كان بناء القلاع خلال فترة المقاطعات المتحاربة في كثير من الأحيان أمرا يتم على عجل، لذلك كانت تستخدم المواد المحلية المتاحة بسرعة مثل الأتربة، بينما في أماكن أخرى كانت تبنى جدران حجرية.

ومنذ زمن نوبوناغا فصاعدا، استخدمت طريقة أكثر تنظيما لبناء القلاع وزاد عدد إيشيغاكي مع تطور تقنيات رصف الحجارة.

تغيرت تقنيات معالجة الحجارة ورصفها مع مرور الوقت أيضا. فهناك تقنية نوزورازومي لرصف الحجارة كما هي، حيث يتيح الشكل غير الموحد لتلك الحجارة تصريفا ممتازا.

وهناك نوع من تقنيات بناء الجدران طور فيما بعد هو أوتشيكومي-هاغي. وفي هذه الجدران كانت الحجارة تكدس بزوايا حادة ما يقلل من الفجوات المتشكلة، وهذا ما جعلها تقنية مناسبة لبناء إيشيغاكي على سفوح شديدة الانحدار. وأصبح هذا هو النوع الأكثر شيوعا من الجدران الحجرية بعد معركة سيكيغاهارا عام 1600.

وهناك تقنية أخرى مستخدمة وهي كيريكومي-هاغي، حيث كانت تقطع الحجارة إلى مكعبات ثم ترصف فوق بعضها. ونظرا لعدم وجود فجوات تقريبا في هذا النوع المتراص من الحجارة، كانت تزود بقنوات تصريف منفصلة.

تجدر الإشارة إلى أن تقنيات رصف الحجارة الثلاث تلك ذكرت لأول مرة في أعمال أدبية تعود إلى منتصف فترة إيدو (1603–1868)، وليس في أواخر فترة المقاطعات المتحاربة.

كوغوتشي

وهو مدخل القلاع والمكان الأكثر عرضة لخطر تعرضه لغزو الأعداء. المعنى الأصلي لكلمة ”كوغوتشي“ هو ”مدخل صغير“ ويكتب بالحرف الصيني 小 ”كو“ ويعني ”صغير“. ولكن نظرا للخطر الذي يمثله الأعداء تم تغيير الحرف الأول إلى 虎 ”كو“ ويعني ”النمر“، ما أدى إلى تغيير معنى كوغوتشي ليصبح حرفيا ”فم النمر“ ما يعطي انطباعا بخطورة المكان.

كان كوغوتشي في الأساس فخا وكان الأعداء يندفعون عبره من مدخل القلعة، ولأنه يحتوي على تعرجات، فهو يبطئ تقدم الأعداء إلى شبه توقف. ثم يقوم المدافعون بإطلاق النار أو السهام عليهم من خلال نوافذ مراقبة ”ساما“ في الجدران المحيطة وأبراج ياغورا. كان هذا النوع من المداخل الضيقة والمتعرجة ذات الجدران غير المتوازية يُعرف باسم كوئيتشيغاي -كوغوتشي.

تطور هذا الطراز من المداخل بشكل أكبر إلى ما يُعرف باسم ماسوغاتا كوغوتشي، حيث تُركت منطقة ماسوغاتا المربعة مفتوحة عمدا لإغراء العدو. وهو مسور من جانبين أما الجانب الثالث هو المدخل والجانب الرابع هو البوابة المؤدية إلى وسط القلعة. ومن الطبيعي أن يحاول العدو التقدم عبر البوابة ولكن بسبب ضيقها سيتكدسون وراء بعضهم ما يجعلهم هدفا أسهل.

مون وياغورا

كانت البوابة ”مون“ في كوغوتشي ذات أهمية أيضا.

بنيت بوابة برج ياغورامون في الكثير من القلاع في اليابان بحيث يكون من الممكن إطلاق النار على الأعداء من جزئها العلوي. ونظرا لما يتمتع به هذا النوع من البوابات من قدرات دفاعية قوية، فقد كانت تستخدم غالبا في بوابة أوتيمون الرئيسية أو في بوابة هونمارو الأمامية.

يُطلق على البرج الأفقي الطويل المبني فوق البوابة اسم تامون-ياغورا. تأتي تسميته من أول مكان استخدم فيه وهو قلعة تامون في نارا بمحافظة نارا التي بناها الدايميو ماتسوناغا هيساهيدي في فترة المقاطعات المتحاربة. يسمح تصميم البرج باستيعاب عدد كبير من الجنود داخله. ولكن كلما زاد طول البرج أصبح أثقل وزنا، ولذلك أصبح مزيد من تلك الأبراج المبنية على إيشيغاكي – مع مرور الوقت – تبنى كهياكل دفاعية مستقلة منفصلة عن البوابة (مون).








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي