موسم الأوبرا في "لا سكالا" بميلانو في انطلاقة قوية مع "دون كارلو"

ا ف ب - الأمة برس
2023-12-08

شاشة عملاقة تنقل أوبرا "دون كارلو" على خشبة أوبرا سكالا في ميلانو في افتتاح موسم الأوبرا الجديد في السابع من كانون الأول/ديسمبر 2023 (ا ف ب)

قوبل عرض أوبرا جوزيبي فيردي "دون كارلو" التي تجمع بين الصراع على السلطة ومآسي الغيرة، بترحيب كبير من الجمهور في افتتاح الموسم الجديد لدار لا سكالا في ميلانو الخميس 7-12-2023.

وفي حدث يُعتبر من أبرز محطات الحياة الثقافية الإيطالية سنوياً، يختتم "بريما" (العرض الأول) لدار أوبرا "لا سكالا" ثلاثيته المخصصة لقصص العذاب المرتبطة بالتوق إلى السلطة، والتي بدأت في عام 2021 مع "ماكبيث" لفيردي واستمرت مع "بوريس غودونوف" لموسورغسكي في عام 2022.

وقد جرى الترحيب بالفنانين، وفي مقدمتهم المغنية الروسية آنا نتريبكو، بتصفيق حاد استمر 13 دقيقة، وسط صيحات التقدير التي صدحت في القاعة.

وقاد ريكاردو تشايلي ببراعة العرض لهذا العمل الأوبرالي الذي قال إنه "مفيد للروح"، ويتيح للمتابعين "وضع قلقهم جانباً" طوال مدة العرض.

وفي توقيت مناسب، أدرجت منظمة اليونسكو الأربعاء الغناء الغنائي الإيطالي في تراثها غير المادي، وهو قرار أشادت به روما باعتباره علامة "تميز عالمي".

ويقول مدير مسرح لا سكالا دومينيك ماير لوكالة فرانس برس إن "دون كارلو هو أحد الأعمال العظيمة في المكتبة الغنائية العالمية، وفي الوقت نفسه مثال عن سلطة استبدادية مع قصته عن ديكتاتور مستبدّ ووقح".

هذه الأوبرا، المستوحاة من التراجيديا التي تحمل الاسم نفسه لفريدريش فون شيلر، تنقل الجمهور إلى إسبانيا في القرن السادس عشر، في خضمّ محاكم التفتيش التي أنشأتها الكنيسة الكاثوليكية لمطاردة "المهرطقين".

ويتناول العمل موضوعات فيردي المفضلة مثل الصراع بين السلطات الدينية والملكية، والعلاقة بين الأب والابن واضطهاد الشعوب.

من النشوة إلى اليأس

 

 

وجسّد مغني الأوبرا ميكيلي بيرتوسي دور فيليب الثاني، ملك إسبانيا وأب دون كارلو، الذي يحكم إمبراطورية هائلة بقبضة من حديد، لكنه يبدو هشاً في حياته العاطفية.

ورغم تعرضه لوعكة صحية أعلن عنها في بداية الفصل الثالث، أصر الفنان على الغناء حتى النهاية، وسط تصفيق الجمهور.

وتتدهور علاقات الملك مع دون كارلو بعد قراره فسخ خطوبة ابنه من الأميرة الفرنسية إليزابيت دو فالوا لكي يتزوج منها بنفسه.

وبدا التأثر واضحاً في القاعة عند أداء الملك أغنية "Ella giammai m’amò" ("هي لم تحبّني أبداً").

وقدّم فرانشيسكو ميلي، الذي يعتبر من أبرز التينورات الذين يؤدون أعمال فيردي، أداءً مقنعاً في الدور الرئيسي.

ويشير إلى أن دون كارلو "ليس بطلا، إنه رجل ذو حساسية كبيرة ويتفاعل بشكل مفرط مع كل شيء، وينتقل من النشوة إلى اليأس".

أما السوبرانو آنا نتريبكو، وهي من المشاركات الدائمات في حفلات "بريما" والتي أدت دور إليزابيت دو فالوا، زوجة أبي دون كارلو، فقد أسرت الجمهور بصوتها اللافت.

وتقول المغنية إن صوت إليزابيت "منخفض وعريض وخافت وآسر في الوقت نفسه"، بما يعبّر عن "وحدتها وحزنها وقلبها الكبير".

ومن بين المشاهد الرئيسية، ثنائي الوداع المؤثر لدون كارلو وإليزابيت عند تخليهما عن حبهما بوعد جاء فيه "ولكننا سنلتقي فوق مرة أخرى في عالم أفضل".

كما نالت مغنية الميزوسوبرانو اللاتفية إيلينا غارانكا التي تفوقت في دور أميرة إيبولي، والباريتون لوكا سالسي الذي أدى دور رودريغو، صديق دون كارلو، الثناء بفضل حيويتهما الكبيرة أيضاً.

قدرة مطلقة للكنيسة

ويهيمن على المسرح برج مرمر شفاف متصل بأسوار، في رمز لقدرة الكنيسة المطلقة. وكانت الأزياء في معظمها سوداء، وهي علامة على الثروة في ذلك الوقت.

ويوضح المخرج الإسباني لويس باسكوال أن المرمر، الذي غالبا ما يستخدم لتزيين نوافذ المباني الدينية القديمة، "يحمل دائما رائحة البخور والكنيسة".

ويؤكد قائلاً "أن رسالة فيردي، التي أشعر أنني قريب جداً منها، مناهضة بشدة لرجال الدين".

وهو لا يتردد في تشبيه القصة بما يحصل حالياً على صعيد الحرب في الشرق الأوسط. ويقول "في كل يوم، نرى على شاشة التلفزيون الأصوليين من جميع الأديان يدافعون بعنف عن معتقداتهم".

وتدور أحداث الأوبرا في جو قمعي خلال حرب الثمانين عاماً (1568-1648)، وهي فترة ثورة قام بها البروتستانت الهولنديون الذين كانوا يقاتلون من أجل استقلالهم ضد المحتلين الكاثوليك الإسبان.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي