مغارة الميلاد في عيدها الـ800...بين التقليد الديني والزينة

ا ف ب - الأمة برس
2023-12-09

مغارة ميلادية في أبوجا بنيجيريا في 22 كانون الأول/ديسمبر 2022 (ا ف ب)

تتنوع الأشكال التي تتخذها مغارة الميلاد التي تصادف هذه السنة الذكرى الثمانمئة لابتكارها، إذ أن هذا التقليد الكاثوليكي الذي يرمز إلى مكان ولادة السيد المسيح، وبات جزءاً من زينة العيد، قد يتخذ شكلاً بسيطاً ومتواضعاً، لكنّه قد يكون أيضاً مصمماً بطريقة فنية، وغنياً بالتماثيل والمجسّمات، بأحجام متفاوتة. 

ففي العام 1223، أقام القديس فرنسيس الأسيزي، بعد عودته من رحلة إلى الأراضي المقدسة، مغارة ميلادية حيّة في كهف بمدينة غريتشو، في وسط إيطاليا. لم تكن فيها تماثيل صغيرة ولا زينة، بل كانت الفكرة منها جعل القرويين يجتمعون حول مذود - "كريبيا" باللاتينية - يحوط به ثور وحمار.

واندرجت مغارة غريتشو الميلادية، من وجهة نظر دينية، ضمن "سياق ندرك فيه مجدداً أ التواضع هو الإلهي، لا المَلَكية"، على ما أوضح أستاذ اللاهوت السابق فرنسوا كومبارا، من الرهبنة الفرنسيسكانية.

في الواقع، كانت تمثيلات الميلاد والمشاهد المسرحية عنه موجودة قبل ذلك. وقالت المؤرخة في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا إيزابيل سان مارتان لوكالة فرانس برس "هناك بعد رمزي جزئيا في هذه السنوات الثمانمئة".

ولاحظت أن "تكريم المسيح الطفل اتسع خصوصاً في القرن السابع عشر، وترافَقَ مع تزايد الاهتمام بمغارة الميلاد. ولتشجيع ذلك، تم إبراز مغارة غريتشيو".

وشهد القرنان السابع عشر والثامن عشر بدء وضع تماثيل كبيرة داخل المغارات الميلادية، وخصوصاً في منطقة نابولي. أما في فرنسأ ما قبل الثورة، فظهرت أيضاً مغارات صغيرة على شكل علب مفتوحة في داخلها تماثيل ثابتة مصنوعة من الزجاج المغزول والشمع والورق المعجن وما إلى ذلك.

 وفي نهاية القرن الثامن عشر، برزت المغارات العائلية، وكانت تحوي تماثيل صغيرة متحركة. وتوازى تطورها مع تطور ألعاب الأطفال التي عرفت نهضة في القرن التاسع عشر"، على ما توضح المؤرخة. ويُعتقد أن الثورة الفرنسية كانت "عاملاً إيجابياً"، إذ كان الحد من الشعائر الدينية عاملاً محفزاً لعودة المغارة إلى المجال الخاص.

وبعد فترة وجيزة، في السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، "برز صانعو التماثيل الصغيرة في أسواق" جنوب شرق فرنسا. وأشارت سان مارتان إلى أن "المغارات العائلية الصغيرة باتت شائعة على مستوى واسع".

حدادون و"سانتا كلوز"

 

 

وكانت تتوافر مروحة عريضة من هذه التماثيل، في نابولي كما في فرنسا، من بينها ما لا علاقة له برواية الإنجيل عن الميلاد، كصياد السمك، والغزال، والحدّاد. وفي الأعوام الأخيرة، ازدهرت تماثيل "سانتا كلوز" أو حتى أخرى تمثل المتظاهرين ذوي "السترات الصفراء" الذين نفذوا تحركات في فرنسا عامي 2018 و2019. 

ودعا البابا فرنسيس عام 2019 في رسالة بابوية إلى مقاربة مغارة الميلاد مجدداً بمعناها الروحي، وهي أن ثمة "مساحة لكل ما هو إنساني ولكل مخلوق في هذا العالم الجديد الذي بدأه يسوع".

ووفق التقاليد المتبعة، تقام مغارة الميلاد في بداية كانون الأول/ديسمبر، ويوضع فيها تمثال يسوع ليلة عيد الميلاد، ثم تماثيل المجوس في يوم عيد الغطاس.

ومع أن مغارة الميلاد لم تشهد انتشاراً بين البروتستانت، تطورت في البلدان الكاثوليكية مرفقة بخصوصيات محلية، ومنها مثلاً الـ"ريتابلوس" في البيرو وهي مغارات مرسومة كالأيقونات، و"أهرامات الميلاد" الخشبية الألمانية، ومغارات كراكوف شوبكا البولندية المصنوعة من ورق الألومنيوم الكثيف الألوان. 

ومنذ عام 2018، يعرض الفاتيكان عند اقتراب عيد الميلاد نحو مئة مغارة ميلاد من كل أنحاء العالم. وتحتفل مدينة غريتشو بالذكرى الثمانمئة منذ بداية السنة الجارية.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي