إخفاقها عنوان المعركة.. إسرائيل في مأزق عسكري وأخلاقي في غزة مع اتساع نطاق الحرب بالمنطقة

أ ف ب-الامة برس
2023-12-10

صورةتظهر عموداً من الدخان بعد غارة على خان يونس جنوب قطاع غزة، 9 كانونا الأول/ديسمبر 2023 (أ ف ب)   القدس المحتلة: شنّ الجيش الإسرائيلي الأحد 10 ديسمبر 2023،غارات جوية مكثّفة مع تواصل المعارك الميدانية مع مقاتلي حركة حماس في جنوب قطاع غزة الذي نزح إليه مئات الآلاف من الفلسطينيين، في وقت انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "شلل" مجلس الأمن في وقف الحرب المستمرة منذ أكثر من شهرين.

ومع احتدام القتال وتزايد حصيلة القتلى والأزمة الانسانية والصحية في القطاع المحاصر، أكدت قطر الأحد استمرارها في الجهود لتجديد الهدنة على رغم تأكيدها بأن المجال يضيق أمام احتمال تحقيق نتيجة بهذا الشأن.

وقالت حكومة حماس إنّ طائرات اسرائيلية شنّت فجر الأحد "غارات جوية عنيفة جداً" قرب خانيونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة، وعلى الطريق بين هذه المدينة ورفح قرب الحدود مع مصر. وتمكن مراسل وكالة فرانس برس من مشاهدة الغارات على جنوب غزة.

وأفاد مصدر مقرّب من حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، وكالة فرانس برس، بأنّهما تخوضان "اشتباكات عنيفة" حول خانيونس.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه "كثّف" عملياته في جنوب القطاع. وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي "يجب أن نزيد الضغط"، مشيراً إلى مقتل عدد متزايد من مقاتلي حماس.

وبعيد اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ركّز الجيش الإسرائيلي عملياته في شمال القطاع، وطلب من سكانه الاتجاه جنوبا. وتعرضت مناطق الجنوب حينها للقصف أيضا. الا أن الجيش بدأ في الأيام الماضية توسيع عملياته البرية والقصف في الجنوب.

ومن بين 1,9 مليون نسمة نزحوا عن منازلهم في قطاع غزة، بحسب أرقام الأمم المتحدة، لجأ مئات الآلاف الى مناطق جنوب القطاع. وأضحت رفح الحدودية مع مصر، أشبه بمخيم ضخم.

وعلى رغم دعوات متكررة لوقفها، تتواصل الحرب بلا هوادة. والجمعة، استخدمت الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع قرار لوقف إنساني لإطلاق النار، في جلسة عقدت بناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وندّد غوتيريش بـ"شلل" مجلس الأمن.

وقال أمام منتدى الدوحة في قطر الأحد إن المجلس أصابه "الشلل بسبب الانقسامات الجيواستراتيجية" التي تقوض التوصل لأي حلّ، معتبرا أن "سلطة ومصداقية مجلس الأمن قد تمّ تقويضها بشدة" خلال هذه الحرب.

وإضافة الى الدعم السياسي، تواصل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دعمها العسكري لإسرائيل. وهي وافقت "بشكل عاجل" ومن دون المرور عبر الكونغرس، على بيع حوالى 14 ألف قذيفة من عيار 120 ملم لتجهيز دبابات ميركافا التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي.

- أثر "كارثي" على الصحة -

وفي حين تؤكد إسرائيل قصف "أهداف" لحماس، ألحقت الحرب أضرارا واسعة ودمارا كبيرا ببنى مدنية في القطاع، خصوصا المستشفيات والمرافق الصحية.

وحذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في افتتاح جلسة استثنائية للمجلس التنفيذي للمنظمة مخصّصة للبحث في تبعات الحرب، من أثرها "الكارثي" على الصحة.

وأكد أنّ أفراد الطواقم الصحية يؤدون مهمات مستحيلة في ظروف صعبة.

وتتزايد بشكل ملحوظ أمراض معدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والالتهابات الجلدية وسط الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في الملاجئ التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في جنوب القطاع.

وقالت أديل خضر المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط "أجبر زهاء مليون طفل على النزوح قسرا من منازلهم ويجري دفعهم أكثر فأكثر نحو الجنوب إلى مناطق صغيرة مكتظة بلا ماء ولا طعام ولا حماية". وأضافت "القيود المفروضة على إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى قطاع غزة وعبره هي حكم آخَر بالموت على الأطفال".

- وساطة قطر مستمرة -

ومنذ اندلاع الحرب، لم يتوقف القصف سوى لسبعة أيام اعتبارا من 24 تشرين الثاني/نوفمبر، نتيجة هدنة إنسانية توسطت فيها قطر بالدرجة الأولى، بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة.

وأتاحت الهدنة إطلاق سراح 105 رهائن من غزة، بينهم 80 إسرائيلياً معظمهم نساء وأطفال، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 240 سجيناً فلسطينياً. كما سمحت بدخول كميات إضافية من المساعدات.

وأكد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأحد أنّ جهود الوساطة لتجديد الهدنة مستمرّة.

وقال "جهودنا كدولة قطر مع شركائنا مستمرة. ولن نستسلم"، مضيفا أن "استمرار القصف لا يؤدي إلا إلى تضييق هذا المجال أمامنا".

وتابع "نحن ملتزمون بإطلاق سراح الرهائن ولكننا ملتزمون أيضًا بوقف الحرب"، وتابع لكننا "لا نرى نفس الرغبة عند كلا الطرفين" المتحاربين.

واندلعت الحرب في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أسفر عن 1200 قتيل معظمهم مدنيون وفق السلطات الإسرائيلية. واقتادت الحركة نحو 240 رهينة لا يزال 138 منهم محتجزين في القطاع.

وتعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس. وشنت قصف كثيفا، وباشرت عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر.

وأفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس مساء السبت، عن مقتل 17700 شخص في القطاع، نحو 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، منذ بدء الحرب.

وتجمّع مئات الإسرائيليين في تل أبيب ليل السبت للمطالبة بإطلاق الرهائن.

وقال والد الرهينتين أربيل ودوليف لوكالة فرانس برس "أفضل أن يطلق سراح ولديّ من خلال المفاوضات وليس من خلال العمليات العسكرية لأني أخشى أن يقتلهما الجيش".

- "الموت يلحق بنا" -

في غضون ذلك، انتشر على مواقع التواصل مقطع فيديو لجندي إسرائيلي يحطم موجودات متجر صغير في غزة. ورداً على سؤال لفرانس برس، وصف الجيش الإسرائيلي هذا السلوك بـ"غير اللائق"، مضيفاً إلى أنّه "قيد التحقيق".

وبعد ما يزيد عن شهرين من الحرب، باتت أحياء كاملة في غزة ساحات من الخراب، حيث دُمّر أو تضرّر أكثر من نصف المساكن وفق الأمم المتحدة.

وأفاد مراسل فرانس برس، بأنّ الآلاف لجأوا إلى مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة الذي خرج عن الخدمة بعدما أخلاه الجيش الإسرائيلي قبل نحو أسبوعين.

وأقام نازحون مئات الخيم الموقتة المصنوعة من القماش المغطّى بالبلاستيك أو النايلون في الحدائق والباحات.

وقال سهيل أبو ضلفة (56 عاماً) الذي أصيب منزله بقذيفة كما أصيب ابنه البالغ من 20 عاماً بجروح، لفرانس برس "لجأنا إلى مستشفى الشفاء ... لا نعرف إذا كانوا سيقتحمون المستشفى مجدداً. أينما ذهبنا، الموت يلحق بنا".

- من لبنان إلى اليمن -

وأثارت الحرب في غزة مخاوف من اتساع النزاع ليطال جبهات إقليمية أخرى.

وأعلن انصار الله الحوثيون اليمنيون السبت أنهم سيمنعون مرور السفن المتوجّهة إلى الموانئ الإسرائيلية، عبر البحر الأحمر ما لم يتمّ إدخال الأغذية والأدوية إلى قطاع غزة.

وبعد ساعات من هذا التهديد الذي صدر، أعلنت هيئة أركان الجيوش الفرنسية أن فرقاطة تابعة لها في البحر الأحمر أسقطت مسيّرتين كانتا متجّهتين نحوها، انطلقتا من اليمن.

وفي حين لم يعلن انصار الله الحوثيون المقرّبون من إيران مسؤوليتهم عن هذه العملية بعد، سبق لهم أن تبنوا منذ بدء الحرب في غزة، عمليات شملت احتجاز سفينة تجارية وإطلاق صواريخ ومسيرات نحو أهداف بحرية أو مدينة إيلات بجنوب إسرائيل، مؤكدين أنها ستستمر الى أن "يتوقف العدوان الإسرائيلي".

وردا على التهديد، أكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي السبت رفض بلاده "الحصار البحري"، محذّرا من أن الدولة العبرية "ستتحرك" في حال لم يتعامل المجتمع الدولي معه.

وفي جنوب لبنان، يتواصل تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل.

وأفادت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان "يونيفيل" السبت بأن أحد مواقعها تعرض لقصف، من دون تسجيل إصابات، مشيرة إلى أنها تسعى إلى التحقق من مصدر النيران.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية أن "دبابة ميركافا إسرائيلية استهدفت" الموقع. ونفت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي ذلك.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي