الإنجاب خطر يهدد حياة النساء في أفغانستان

ا ف ب - الأمة برس
2023-12-21

امرأة أفغانية تحمل مولودها الجديد في عيادة لأطباء بلا حدود في خوست بأفغانستان بتاريخ الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2023 (ا ف ب)

يرأس أحد مسؤولي حركة طالبان افتتاح عيادة توليد في مدينة غرديز في شرق أفغانستان، في ظل حضور مقتصر على الرجال، رغم أنّ النساء هنّ المعنيات بهذه العيادة إدارياً وخدماتياً.

ويقول خير محمد منصور، مدير الصحة في ولاية بكتيا التي تشكل غرديز عاصمة لها، إنّ "هذا النوع من العيادات غير موجود في معظم الولايات"، مشيراً إلى أنّ العيادة "تحترم مبادئ الشريعة والطب".

وتقول مديرة المركز نسرين أورياخيل لوكالة فرانس برس إن عيادة التوليد التي افتتحتها منظمة "نرويجن افغانستان كوميتي" (NAC) في المدينة الجبلية الصغيرة، ستساعد "أفغانستانيات كثيرات يعشن في مناطق نائية".

وستفتتح المنظمة غير الحكومية النرويجية عيادات مماثلة في أربع ولايات أخرى في أفغانستان حيث تموت امرأة كل ساعتين أثناء الولادة، بحسب الأمم المتحدة.

وترمي هذه الخطوة إلى الحدّ من الوفيات في أفغانستان، إحدى الدول العشر التي تُسجّل أعلى معدلات وفيات للنساء أثناء الولادة.

وتشير أحدث أرقام وفّرتها منظمة الصحة العالمية إلى وفاة 638 امرأة لكل 100 ألف ولادة قابلة للحياة، مقارنة بثماني نساء في فرنسا مثلاً.

ويؤشر هذا الرقم بشكل غير مباشر إلى التفاوت الكبير بين المدن والأرياف.

ويقول مدير "نرويجن افغانستان كوميتي" تيريي واتردال "قد تصل الوفيات في المناطق النائية، إلى 5 آلاف امرأة لكل مئة ألف عملية ولادة".

ويتابع "لا يزال هناك حتى اليوم أماكن يحمل فيها الرجال زوجاتهم الحوامل على أكتافهم ويعبرون الجبال، إلا أنّ النساء يمتن قبل الوصول إلى المستشفى".

ماتت والدتي وهي تلد

تستعد العيادة الجديدة لتسجيل ما يصل إلى عشر ولادات يومياً.

وتقول أورياخيل "إنّ جميع العاملين في المجال الصحي إناث"، في إشارة إلى المبادئ الثقافية للدولة الإسلامية.

وتضيف المسؤولة عن القابلات مؤمنة كوهيستاني إنّ "الخدمات التي نوفرها مجانية".

تنهمر الدموع على خديها فجأة، وتقول "ماتت والدتي وهي تلد وكنت حينها في الثالثة".

قبل عودة طالبان إلى السلطة في آب/أغسطس 2021، "كان يتعيّن على النساء في بعض المناطق، عبور جبهات القتال للذهاب إلى المستشفى"، على قول واتردال.

ويضيف إنّ "العيادة الجديدة خطوة إيجابية، لكنّ التغيير السلبي هو هجرة الأدمغة، بعدما فرّ عدد كبير من الاطباء المتخصصين في الأمراض النسائية" من أفغانستان، حيث تنجب المرأة ستة أطفال في المتوسط.

وترغب حركة طالبان "في التخلص من الفرق الطبية المتنقلة" التي ترتاد بيوت النساء "لأنها عاجزة عن التحكم بالرسائل التي قد يحملها هؤلاء إليهنّ"، وبخاصة في ما يتعلق بوسائل منع الحمل، بحسب واتردال.

ويقول مدير منظمة أطباء بلا حدود في أفغانستان فيليبيه ريبيرو "إن إتاحة رعاية صحية للنساء قبل الولادة وبعدها باتت أكثر تعقيداً حالياً".

ويعود ذلك إلى "التدابير التي تتخذها طالبان" ضد النساء اللواتي يقبعن في منازلهنّ بصورة متزايدة، و"القصور في النظام الصحي بعد وقف الدعم الأجنبي".

ولم ترد وزارة الصحة الأفغانية بعدما حاولت وكالة فرانس برس التواصل معها.

توليد في المنازل

ترى الطبيبة نور خانوم أحمدزاي، وهي منسقة صحية في منظمة "أرض الإنسان" ("تير دي زوم") في كابول، أنّ النظام الصحي المتهالك يجعل الولادات أكثر خطورة.

وفي مستشفى عام حيث تعمل القابلات فيه فوق طاقتهنّ في حين يتقاضين أجوراً زهيدة، يتعين على النساء إحضار أدويتهن معهنّ. وتبلغ تكلفة الولادة نحو ألفي أفغاني (حوالى 30 دولاراً)، وهو مبلغ ليس بقليل في افغانستان.

تقول الطبيبة إن "النساء اللواتي يذهبن إلى المستشفيات بتن يفضّلن أن يضعن مواليدهنّ في منازلهنّ لأنهنّ لا يملكن المال الكافي"، رغم مخاطر ذلك.

ونحو 40% من النساء الأفغانيات يلدن في المنزل، وما يصل إلى 80% منهنّ في المناطق النائية، بمساعدة حماتهنّ وأحياناً بفردهنّ.

وغالباً ما يرفض الزوج أو عائلته دخول المرأة المستشفى، أو تخجل الأخيرة من الكشف عن جسمها أمام غرباء.

على بعد 250 كيلومتراً جنوب كابول، تتولى منظمة "أطباء بلا حدود" 20 الف ولادة سنوياً في مدينة خوست، وهو ما يعادل 47% من الولادات في الولاية التي تحمل الاسم نفسه.

وفي المركز الصحي النادر في أفغانستان والذي يضم مئة قابلة، يظهر التعب على زبيدة التي تتعافى من ولادة جنينها في اليوم السابق.

وتقول المرأة التي تجهل عمرها "لو ولّدت في المنزل، لكنت واجهت أو الجنين مضاعفات".

ينام طفلها الرضيع في مهد حديدي طلاؤه متقشر، فيما غُطّت عينيه بالكحل لدرء الشر.

وتقول إحدى العاملات في قسم التوليد "إن زبيدة آتية من منطقة نائية. إنها المرة الأولى التي ترى فيها هذا العدد من الأشخاص".

في هذه الولاية الشديدة المحافظة، تستقبل منظمة أطباء بلا حدود نساء كثيرات لم يتابعن وضعهنّ خلال الحمل.

حامل للمرة الرابعة عشرة

تقول المسؤولة عن عمل القابلات لدى منظمة أطباء بلا حدود في خوست تيريز تويسابينغر إنّ "مهمتنا تتمثل في إنقاذ الأرواح".

وتتابع المرأة الرواندية "في أحيان كثيرة، تصل النساء من أماكن بعيدة بعد فوات الأوان، ويعانين من نزيف خطر جراء وضعنّ مواليدهنّ في المنازل".

وتقول الأرجنتينية تانيا أليكوتي، وهي طبيبة أمراض نسائية في منظمة أطباء بلا حدود "لا نستقبل سوى حالات الحمل الخطرة أو المعقدة".

وتزيد حالات الحمل المتعددة أو العمليات القيصرية أو حالات الإجهاض المتكررة من خطر الوفاة.

وأنجبت إسلام بيبي (38 سنة) التي لها ستة أبناء، ثلاثة توائم.

وتوضح أنها كانت من بين اللاجئين الذين طردوا من باكستان.

وتقول  "كنت مريضة وزوجي لا يملك المال. قالوا لي اذهبي إلى هذا المستشفى لأنه يوفّر الخدمات الصحية مجاناً".

تشير الدكتورة أليكوتيه التي عاينت أخيراً امرأة حامل للمرة الرابعة عشر، إلى أن "إنجاب الأطفال مُقدّر جداً في أفغانستان لدرجة أن نسبة كبيرة من النساء يتناولن علاجات لتعزيز خصوبتهن".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي