تكدس مئات الآلاف من سكان غزة قرب الحدود مع مصر وسط مخاوف من التهجير

الامة برس
2023-12-22

تتزايد المخاوف في قطاع غزة من خطر التهجير مع استمرار إسرائيل حربها وإجبارها نحو 90% من السكان على النزوح دون أن تقدم لهم أي إشارة على إمكانية السماح لهم مستقبلا بالعودة إلى منازلهم. (أ ف ب)القدس المحتلة: يتخذ الفلسطيني هيثم راضي من خيمة صغيرة مأوى له ولعائلته المكونة من ستة أفراد في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة في وقت يبدو فيه المستقبل مجهولا بشدة بالنسبة لهم في ظل تدهور الوضع الإنساني ومخاوف من التهجير.

ويقول راضي وهو في نهاية الثلاثينات من عمره، إنه نزح من منزله في حي الشيخ رضوان في غزة بعد أسبوع من بدء الحرب في القطاع في السابع من أكتوبر الماضي، وفق وكالة شينخوا الصينية.

ويتابع أنه تنقل منذ ذلك التاريخ أربع مرات بين منزل أحد أقاربه في غزة ومدينة دير البلح ومنها إلى منزل صديق له في خانيونس جنوبي قطاع غزة قبل أن يستقر الحال به قبل أسبوعين في رفح.

ويضيف بنبرات يائسة "الآن لم يعد هنالك مكان نذهب إليه، والقادم بالنسبة إلينا مجهول وضبابي".

ويقيم راضي حاليا في خيمة بحي الشابورة في رفح على مقربة من الحدود مع مصر، ويعبر عن مخاوفه من أن يوسع الجيش الإسرائيلي عملياته البرية إلى المدينة المكتظة بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين.

ويشير إلى أن "الناس تتحدث طوال الوقت عن احتمال تهجيرنا إلى سيناء المصرية أو مكان آخر خارج قطاع غزة، لا نريد ذلك لكن إسرائيل لا تترك على ما يبدو لنا خيارا".

ويقول الرجل إن منزل عائلته الذي كان مكونا من ثلاثة طوابق دمر بشكل كامل في قصف إسرائيلي، وهو لا يعرف إلى أين يذهب بعائلته حتى لو كتب لهم النجاة وتوقفت الحرب اليوم.

وتتزايد المخاوف في قطاع غزة من خطر التهجير مع استمرار إسرائيل حربها وإجبارها نحو 90% من السكان على النزوح دون أن تقدم لهم أي إشارة على إمكانية السماح لهم مستقبلا بالعودة إلى منازلهم.

وتزيد هذه المخاوف بالنظر إلى واقع تدمير أكثر من 60% من قطاع غزة لاسيما المباني السكنية ومختلف مرافق البني التحتية من مدارس وجامعات ومستشفيات وغيرها، وفق مسؤولين فلسطينيين وأمميين.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن الجيش الإسرائيلي خصص منطقة جديدة تغطي حوالي 20% من وسط وجنوب مدينة خانيونس للإخلاء الفوري.

وبحسب المكتب الأممي، تم تحديد المنطقة في خريطة إلكترونية منشورة من الجيش الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقبل بدء الحرب الإسرائيلية، كانت هذه المنطقة موطنًا لأكثر من 110 آلاف شخص، كما تضم 32 مركز إيواء استوعب أكثر من 140 ألف نازح، غالبيتهم العظمى نزحوا سابقاً من الشمال.

وتدعو التعليمات المصاحبة للخريطة السكان إلى الانتقال فورًا إلى الملاجئ جنوب خانيونس، وتحديدًا في أحياء الشابورة وتل السلطان والزهور في محافظة رفح المكتظة بالفعل.

وقال المكتب الأممي إن الملاجئ في مدينة رفح تجاوزت طاقتها الاستيعابية بشكل كبير، واستقر معظم النازحين الوافدين حديثاً في الشوارع والأماكن الفارغة في جميع أنحاء المدينة.

وأصبحت محافظة رفح المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في قطاع غزة، حيث يضطر مئات الآلاف من النازحين داخليا إلى العيش في أماكن مكتظة للغاية وفي ظروف معيشية مزرية.

وتشير التقديرات إلى أن الكثافة السكانية تتجاوز الآن 12,000 شخص لكل كيلومتر مربع، أي بزيادة أربعة أضعاف قبل التصعيد.

ولذلك تتكدس خيام النازحين في رفح في ظل تدهور إنساني ومخاطر مجاعة.

ويقول المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة، إن جميع السكان في قطاع غزة يواجهون خطراً وشيكاً للمجاعة بشكل صادم وغير مسبوق.

ويضيف أبو حسنة أن القصف والعمليات البرية وحصار جميع السكان بجانب تقييد وصول المساعدات الإنسانية أدى إلى مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مما يزيد من خطر المجاعة كل يوم.

ويشير إلى أن الاحتياجات الإنسانية هائلة بالنظر إلى الأعداد الضخمة من النازحين في ظل الحرب والاستهداف المستمر.

ويواجه الفلسطيني جمال الخضري مصاعب شديدة يوميا لتأمين قوت عائلته المكونة من سبعة أفراد.

ويقول الخضري، وهو في العقد الثالث من عمره إنه وعائلته يعتاشون على وجبة طعام واحدة تقدمها الأونروا وغيرها من مؤسسات الإغاثة، وقد أصبحت حياتهم متوقفة على هذه الوجبة.

ويضيف أنه في ظل القصف والتهديد المستمر بالموت فإن أي فرصة سفر ستتاح لهم سيسارعون لاغتنامها للهروب من واقع الموت جوعا.

وأكدت مصر منذ بداية الحرب في غزة أنها لن تقبل تهجير الفلسطينيين في غزة نحو أراضيها، واعتبرته تهديدا لأمنها القومي ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

كما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرارا رفض أي شكل من أشكال التهجير القسري للشعب الفلسطيني وضرورة منعه سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية بما فيها القدس.

وشددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل الفلسطينية الأخرى على رفض أي مخطط لتهجير لسكان غزة وضرورة إفشاله

وبالرغم من ذلك، تتزايد مخاوف التهجير في وقت تتصاعد فيه المؤشرات على أن أجزاء كبيرة من قطاع غزة المكتظ بأكثر من 2.3 مليون نسمة أصبحت غير صالحة للحياة.

ويقول مدير مكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن الوضع الإنساني في القطاع "يزداد كارثية وبات سيئاً للغاية ويتجه نحو الهاوية".

ويشير الثوابتة إلى أن أكثر من 1.9 مليون شخص في قطاع غزة أصبحوا نازحين ويسكنون خارج مساكنهم ومنازلهم، ويعانون معاناة بالغة في توفير الغذاء والدَّواء والماء الصالح للشرب.

ويضيف أن سكان غزة "يتعرضون إلى التهديد بشكل واضح في الأمن الغذائي والمائي والدوائي، ويعانون من سوء المعيشة والمأوى".

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي من غزة توفيق أبو شومر فإن إسرائيل تشن "حرب تدمير شاملة" في القطاع بهدف صريح هو التهجير القسري لسكانه.

ويقول أبو شومر إن أكثر من مسؤول إسرائيلي سبق أن صرحوا بأن الهدف الاستراتيجي من الحرب هو إجبار سكان غزة على الرحيل وتجميعهم وتركيزهم عند الحدود المصرية ليخترقوا السياج الحدودي.

ويرى أن إسرائيل "خططت منذ سنوات طويلة لاستراتيجية الترحيل عبر إزاحة قطاع غزة باتجاه سيناء المصرية، وقد اتخذت من الحرب الحالية وسيلة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي".

ووفق أبو شومر، الذي يقيم في مركز إيواء في رفح فإنه يجب التنبه لمخاطر زج إسرائيل بمئات الآلاف من المهجرين قسرياً إلى رفح على الحدود مع مصر، وشن حزامات نارية في المناطق الحدودية بين قطاع غزة ومصر بإدعاء تدمير الأنفاق.

وتقدر الأمم المتحدة بأن ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة، هم نازحون داخليا، بما في ذلك الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات.

فيما تم تسجيل ما يقرب من 1.4 مليون من هؤلاء النازحين في 155 منشأة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء غزة، بما في ذلك أكثر من 1.2 مليون في 98 ملجأ في وسط وجنوب القطاع.

ويتفق المحلل السياسي عبد المجيد سويلم مع الرأي القائل بأن تهجير سكان قطاع غزة أو الجزء الأكبر منهم على الأقل هو جوهر أهداف إسرائيل الخفية من الحرب المستمرة سواء بشكل قسري أو طوعي.

ويقول سويلم إن ملف التهجير يعود إلى مخططات سابقة على اندلاع الحرب الحالية ويتم ترجمتها بإعدام فرص الحياة في قطاع غزة وتدمير كل شيء يمت لها بصلة.

ويرى أن إسرائيل تستهدف أن يتحول قطاع غزة إلى حمل ثقيل لا يمكن لأحد أن يحمله وعبء اقتصادي واجتماعي ليس له حل سوى بالهجرة أو الهروب من القطاع بعد انتهاء الحرب.

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في قطاع غزة خلفت أكثر من 20 ألف قتيل فلسطيني بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أودى، وفق السلطات الإسرائيلية، بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي