تُصبحونَ على خَيرٍ يا أعزائي الصغَار

2024-01-08

شعر: سلوى حجازي | ترجمة: عاطف محمد عبدالمجيد

سلوى حجازي شاعرة مصرية كانت تكتب بالفرنسية، من أعمالها «ظلال وضوء» و»أيام بلا نهاية». حصلت على جوائز أدبية من فرنسا، وأهدتها الأكاديمية الفرنسية ميداليةً ذهبيةً في مجال الشعر عام 1964 ونالت ميداليةً ذهبيةً أخرى في مسابقة الشعر الفرنسي الدولية عام 1965.

ولدت سلوى حجازي في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1933واشتهرت مذيعة تلفزيونية بتقديمها لبرنامج الأطفال الشهير «عصافير الجنة»، ورحلت في حادث طائرة عام 1973.

وكتب كبار النقاد الفرنسيين دراساتٍ نقديةً عن أشعارها، مثلما كرّمها بيت الشعر الفرنسي في أسبوع ربيع الشعراء في ستينيات القرن الماضي.

هنا، وبمناسبة ذكرى ميلادها، مختارات من ديوانيها اللذين قمت بترجمتهما وصدرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

أشواكُ الوَردة

ليسَ ندىً ما يَلمعُ فوقَ الزهرةِ

إنها هي التي تُجري دموعَها الرقراقةَ

هي التي تُحيط نَفسها بأشواكٍ تَحميها

غيرَ أن الأشواكَ تَعتقلُ قلبها المسكينَ

الذي يَنزفُ كل يومٍ، مُتواطِئاً مَعَها،

دموعَ الحب.

أيامٌ بلا نهايةٍ

بلا داعٍ يَصحو النهارُ هذا اليومَ

يُجرجرُ سَاقيهِ كعجوزٍ في الليلِ،

يصحو النهار بلا أملٍ، مُتلكأً، ثُم يتلاشى

أما أنا فلَم أفعل شيئاً كي أُبقي عليه،

لأنني لا رغبةَ بي فيهِ

بينما الليلُ يتوافقُ معي

يُخبئ بعنايةٍ

قلباً لم يمُت، لكنهُ سَاكنٌ

يحاولُ أن ينامَ طيلةَ ما تبقى له

مِن حياة.

إشَارةٌ حَمراءُ

إشَارةٌ حَمراءُ.. انتبهي .. تَوقفي

إشارة حمراء.. انتبهي .. توقفي

ممنوع الدورانُ

انتظري

ممنوعٌ المرورُ

توقفي

خطرٌ.. خطرٌ

انتظري.. تَوقفي

آهٍ..

كم افتقدكِ أيتها الحُرية!

دو…دو….

تُصبحونَ على خَيرٍ،

تُصبحونَ على خَيرٍ يا أعِزائي الصغار

فأنا لا أدري هل سَأكونُ هنا غَداً

لا أدري هل سيكونُ لدينا خُبزٌ

لا أدري هَل سنكونُ مَعاً؟

تصبحون على خير يا أعزائي الصغار

فالعالمُ يدورُ وكأنهُ دوامةٌ..

العصفورُ الذي يَبكي

عُصفورٌ يُغني

بصوتٍ مُتألمٍ

نَغَماً جديدا

أهو نَحيبٌ؟

أم هو صدى

قلبي المُمَزقِ إرباً.. إرباً

الذي بدلاً مِن البكاءِ

أمامَ الآلافِ

يتظاهرُ كعصفورٍ

بالغناء؟

الأَمَلُ

إلى حد ما

يُعتبرُ الأملُ حُلماً

نَقضي فيهِ لحظاتٍ لطيفةً

إلا أنه

ما إن يتحققُ، دونما هُدنةٍ

إلا ويفقدُ كل مُؤهلاته.

تفضيلٌ

أحب الناسَ

الذينَ تَطفو الأحاسيسُ

على وجوههم

كعرائسِ النيلِ البيضاء

على صفحةِ بُحيرةٍ رائقة.

الغيابُ

لم أعُد أُغني

أغثني!

إنني خَرساءُ كالسكون

لم أعُد أبكي

ما جَدوى هذا؟

طالما لم يَعُد للدموعِ مَعنىً

كئيبةٌ كالموتِ..

مُظلمةٌ كالقَدر..

أعيشُ في غيابِك!

أأنتَ حيوانٌ رَخوي؟

خرجتُ مِن قَوقعتي

لكنني

كحيوانٍ رَخَوي صغيرٍ

أمشي الهُوينى

لأنني أحملها فوقَ ظَهري!

صَغيري قالَ لِي

أمي.. أمي

لا تَكبري في السنِ يا أمي

لأنكِ لو كبرتِ ذاتَ يومٍ

لاقتلعتُ كل شَعركِ الأبيضِ

وألقيتُ بهِ في وجهِ الريحِ

كيما تَظلينَ دائماً أمي الرائعة..

بائعُ اليَاسمينِ العجوزُ

لحيتهُ الطويلةُ البيضاءُ

كانت

تُضيء الرصيفَ المُعتمَ

لليلٍ مُبتَل

وبيديهِ المُرتعشتينِ

كانَ يُقدمُ الربيعَ

إلى العابرينَ

كانَ يبيعُ زهورَ الياسمينِ

الطازجةَ كالصباحِ

ليلةَ رأسِ السنةِ

كانَ يَمد يَده بالزهورِ المُتألقةِ

تصحبها ابتسامةٌ عذبةٌ

لأجملِ العشاق.

تَأوهٌ

طَأطئ هامتكَ

أيها النخيلُ الجميلُ

اِنهاري أيتها المنازلُ القبيحةُ

دعِي الرياحَ تمر

لأنكِ تُزعجينها

بقِمَمَكِ الخضراء أو البيضاء

تُوقفينها في عَدوها المُفرحِ

حاملةً في أحضانها الزرقاء المسافرةِ

اسما عزيزاً

أهمسُ به ليلَ نهارٍ

آملةً أن يَسمعني أحدٌ..

دُعابةٌ

لِتَوي لَمَحتُها على جَبهتي

بينَ خُصلاتِ شَعري

تَتَلألأُ كَنجمٍ في المسَاءِ

أُولى شُعَيراتي البيضاء!

…..

أنظرُ إليها بِعيني طفلٍ

أزعمُ أني أُمسدُها ببسَاطةٍ

أبتسمُ لهَا، لكنها بوقاحةٍ

تَنتصبُ قائلةً لي:

لم تَعودي بنتَ العشرينَ ربيعاً!

….

أَعَليّ أن أبتسمَ

أم أبكي منها؟

أَعَلي أن أبتهجَ

أم أتَوجعَ؟

مِن كَثرةِ مَا صَغرتُ سِني

صَدقتُهُ أخيراً

وإن كانت الأعوامُ تَمر؟

لا أريدُ أن أعرفَها!








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي