الغارديان: قضية الإبادة الجماعية مهمة لغزة والعدالة الإنسانية  

2024-01-12

 

هناك اعتقاد واسع في إسرائيل أنه من الفحش بمكان استخدام ميثاق الإبادة الجماعية الذي ظهر كرد فعل على الهولوكوست (ا ف ب)نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية بشأن المرافعات أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي والتي بدأتها الخميس جنوب أفريقيا، حيث قدمت شكواها ضد إسرائيل ومزاعم ارتكابها إبادة جماعية ضد سكان غزة.

وقالت إن جلسة الاستماع هذا الأسبوع تقدم لحظة مهمة للحماية الإنسانية ولغزة أيضا، مضيفة أن تعريف الإبادة بسيط: جريمة ترتكب بنية تدمير جماعة وطنية، إثنية، عرقية أو دينية، بشكل كامل أو جزئي. ولكن تحديد حصول الإبادة معقد. فالعتبة القانونية عالية، لكن قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي يستطيعون إصدار حكم مؤقت في الاتهامات الموجهة لإسرائيل خلال أسابيع.

 ويجب اتخاذ القرار بشأن التدابير المؤقتة التي طلبتها جنوب أفريقيا بناء على معقولية القضية وليس إثباتها، أو لاعتقاد القضاة أن هناك مخاطر إبادة جماعية تحدث. ولا يعني الأمر الصادر عن المحكمة وقفا فوريا لإطلاق النار، ولكن إعادة إمدادات المياه أو معاقبة التصريحات التحريضية.

وقد تزايدت الأدلة عن ارتكاب جرائم حرب تتراوح من عدم المبالاة أمام القتل الجماعي للمدنيين أو استخدام التجويع كسلاح، في كل يوم. وكذا التصريحات النارية والتي تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم والتي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من الوزراء في حكومته. وتقدم إسرائيل دفاعها يوم الجمعة أمام المحكمة التابعة للأمم المتحدة، لكن ردها المباشر، لم يكن المجادلة في صحة الأدلة فقط بل وشن هجوم على جنوب أفريقيا وأنها تتصرف كـ “جناح قانوني لحماس” وترتكب “فرية الدم”.

وهناك اعتقاد واسع في إسرائيل أنه من الفحش بمكان استخدام ميثاق الإبادة الجماعية الذي ظهر كرد فعل على الهولوكوست، ضد “دولة خرجت من ذلك الرعب بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر التي نفذتها حماس”.

لكن الدفاع عن النفس، كما قالت جنوب أفريقيا لا يبرر الفعل الذي قد يصل إلى درجة الإبادة الجماعية. وبالإضافة إلى هذا، فقد قتل القصف 23,570 فلسطينيا حسب إحصائيات السلطات الفلسطينية، معظمهم من النساء والأطفال، وقد أشار محامو جنوب أفريقيا إلى الأذى الجسدي والنفسي من خلال منع وصول المساعدات التي تنقذ الحياة. وقالوا إن هناك “أدلة تقشعر لها الأبدان وساحقة ولا تقبل الجدل” عن وجود نية إبادة جماعية، حيث استشهدوا بتصريحات نتنياهو وبقية الوزراء ورموز بارزة جردت الفلسطينيين من إنسانيتهم ولم تفرق بين مقاتلي حماس والمدنيين.

واستشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بحكاية العهد القديم عن العماليق: أمر الرب شاؤول بقتل شعبها دون أن يبقي على أحد. ووصف وزير الدفاع يواف غالانت سكان غزة بأنهم “حيوانات بشرية”، وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ “كل الأمة هناك مسؤولة”. وكشفت أشرطة فيديو عن جنود وهم يهتفون “لا يوجد مدنيون غير متورطين”. وأصدر نواب الكنيست تصريحات أسوأ، فتصريحات نتنياهو قبل الساعة الأخيرة من المحاكمة بأن إسرائيل لا نية لديها لتشريد المدنيين بشكل دائم وتقاتل حماس وليس الفلسطينيين، تدعو على السخرية، فالدليل واضح للعيان: معظم غزة لم يعد صالحا للعيش.

وترى الصحيفة أن الحاجة الماسة لهذه القضية واضحة، إلا أن أهميتها الأوسع، ولكل شخص، هي تعزيز ميثاق الإبادة الجماعية. فالدول لا يطلب منها فقط تجنب الإبادة الجماعية ولكن منعها أيضا. وكانت غامبيا واضحة في هذا عندما قدمت الطغمة العسكرية في ميانمار للمحكمة بتهمة إبادة الروهينجا. وكانت الولايات المتحدة، إلى جانب بريطانيا وعدد آخر، محقة في دعم تلك الحالة، لكنها ترفض دعم القضية الحالية.

ولا يوجد أي ضغط على إسرائيل لتغيير مسارها، وفي الوقت الذي تحدث فيه جو بايدن عن معاناة المدنيين والقصف العشوائي إلا أنه لم يعبر عن استعداد لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل.

وتعلق الصحيفة أن قرار إسرائيل مواجهة القضية أمام المحكمة وليس مقاطعتها، كما في السابق، يظهر قلقها. وحتى لو أصدرت المحكمة تدبيرا مؤقتا لصالح جنوب أفريقيا، فسيكون ضربة رمزية. وفي الوقت الذي لا تملك فيه محكمة العدل الدولية الوسائل لفرض قرارها، ربما قامت كتل ودول بفرض عقوبات. وسواء قرر القضاة أن مقتل المدنيين والمعاناة الإنسانية وكلمات الوزراء عديمة الضمير أم لا، فهذا، وليس العملية القانونية، هو الذي دمر موقف إسرائيل وحلفائها في الغرب.

حلول بريطانية

وفي مقال كتبه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون بالغارديان دعا إسرائيل للتحرك والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وإنقاذ الأرواح في غزة، موضحا أن بريطانيا لديها خطة لتحقيق هذا. وقال كاميرون إن التقييم الأخير لبرنامج الغذاء العالمي حول الجوع في غزة سيصبح أسوأ، فكل تسعة من عشرة فلسطينيين في شمال غزة يأكلون وجبة واحدة في اليوم على الأرجح.

ومع تهجير السكان وعدم توفر المرافق الصحية، فالأمراض والأوبئة ستنتشر. ونسبة الغزيين ممن هم تحت سن الـ 15 عاما هي 49%، حيث سيلاحقهم الموت واليأس و”نعرف كلنا أن علينا التحرك، والسؤال هو كيف؟” و”البعض يطالب بوقف إطلاق نار فوري، ولا أريد رؤية هذا النزاع يمضي أطول مما هو ضروري. وهذا يعني تحقيق وقف إطلاق مستدام للنار، واحد يمنع أجيالا أخرى من العيش في ظل الحرب. ولا مزيد من حماس وهجماتها الصاروخية والتزامها بالإرهاب. وفي ضوء هذا، فقد جادلت لصالح وقفة إنسانية من أجل الإفراج عن الرهائن ومزيد من المساعدات لغزة، لكن ماذا لو لم يتحقق أي من الأمرين وحالا؟ وكيف يمكننا منع تحول الجوع إلى مجاعة؟ وكيف يمكننا تخفيف الجوع وفي نفس الوقت دعم حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها؟”.

وقال إن هناك حاجة لمزيد من المساعدات. وأشار إلى البحرية البريطانية التي أرسلت 80 طنا من البطانيات والأدوية إلى مصر كي ترسل لغزة، وما قدمه الأردن وفرنسا من مساعدات عبر الجو. وأكد أن الحكومة البريطانية وشركاءها ملتزمون بإيصال المساعدات العاجلة إلى غزة وضرورة التوصل لحلول إبداعية. والحاجة كبيرة ولا تستطيع المساعدات البرية والجوية والبحرية إحداث فرق على المدى القصير. وما يهم هو مزيد من المساعدات التي تنقل عبر البر، بسرعة وطريقة فعالة.

وبلغ عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات والتي تعبر يوميا معبر رفح وكرم أبو سالم 131 وتقترب من 200، لكن العدد ليس كافيا ويجب أن يكون 500 شاحنة في اليوم. وقال إن الوضع على الأرض معقد ولا يمكن لدولة واحدة التصدي له. وتحوله إلى كارثة لن يخدم “الرهائن لدى حماس” أو أهداف الحرب الإسرائيلية و”أعتقد أن هناك الكثير مما يمكن عمله لتحقيق فرق مباشر”. وقال إنه شاهد في العريش الكثير من المساعدات المتراكمة والتي لا تستطيع دخول غزة. وعين ممثلا خاصا للشؤون الإنسانية في المناطق الفلسطينية المحتلة. وبناء على العمل الكبير، “فقد حددنا مراكز الاختناقات وكيفية فتحها”.

ويمكن حل المشكلة في المعابر من خلال تمديد ساعات وقدرات العمل في منشأة الفحص في نيتزانا ونقطة تفتيش كرم أبو سالم، بشكل يسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة. وساعد فتح كرم أبو سالم في كانون الأول/ديسمبر، وسيساعد فتحه مدة سبعة أيام أكثر. كما أن فتح طرق للشاحنات سيترك أثرا مهما على حركة المساعدات إلى غزة. فميناء أشدود القريب من غزة، أكبر من ميناء بور سعيد المصري، وتوجد فيه المنشآت لتوصيل المواد الضخمة.

وتم إيصال 750 طنا من المواد الغذائية عبر الممر الأردني إلى غزة بإدارة برنامج الغذاء العالمي ودعم بريطاني. ويمكن أن تزيد المعابر هذه، وبخاصة فتح معبر إيريز، شمال غزة من دخول المساعدات الإنسانية ووصولها للمحتاجين في القطاع.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي