ديلي تلغراف: على لندن الابتعاد عن الشرق الأوسط وعدم السماح لانصار الله الحوثيين بتوريط بريطانيا  

2024-01-15

 

رغم الحملة العسكرية السعودية، استمرت السيطرة الحوثية على معظم سكان اليمن “فنادرا ما تنجح التدخلات العسكرية بنفسها (أ ف ب)نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” مقالا لتيم ستانلي دعا فيه بريطانيا للابتعاد عن الشرق الأوسط وعدم السماح لانصار الله الحوثيين بجرها إليه. وقال إن التدخلات العسكرية الأخيرة في العراق وليبيا وأفغانستان لم تكن ناجحة وعلينا عدم تكرار الخطأ في اليمن.

وبدأ قائلا “في ليلة الخميس بعدما أعددت فنجان كاكاو، أدرت التلفاز لأعرف أننا قصفنا الحوثيين، وبدون تحذير أو نقاش برلماني. وعندما واجه ديفيد كاميرون لجنة الشؤون الخارجية قبل يومين، لم يكن قادرا على تعريف وضع غزة القانوني أو استدعاء نصيحة محاميه في الموضوع. ولم يحظ اليمن إلا بسبع دقائق، مع أنه كان على حافة الحرب. ومرة أخرى، فلو كانت هناك حاجة أو سبب وجيه لاستخدام القوة العسكرية ووقف القرصنة، فإننا مدينون بالامتنان للولايات المتحدة لهذا، ولكن لماذا يجب على بريطانيا التورط؟ وما هي الخطة طويلة الأمد؟ فقد وضعنا جو بايدن على طريق فك الارتباط مع العالم الإسلامي والانسحاب من أفغانستان. ومع ذلك، فالغرب ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، على ما يبدو مصمم على العودة مرة أخرى وخوض حرب بالوكالة مع إيران، العقل المدبر لكل الحاءات (حماس، حزب الله والحوثيين)”.

ويقدم الكاتب استراتيجية بديلة عن العودة والتورط مرة أخرى “دعونا نخرج، وقد حاولنا نشر السلام والديمقراطية في هذه المنطقة ولكنها لم تنجح، لأن قوى مجنونة تهيمن عليها وسياسات أصحاب المصالح الذين يقاومون التفاوض والمنطق. والحوثيون الذين يؤمنون بأن اليمن يجب أن يحكمه رجل مقدس مرتبط بالنبي محمد، هم مثال واضح”.

ويشير الكاتب إلى أن انصار الله الحوثيين تطوروا من خلال الدعم الذي قدمه لهم الرئيس اليمني في التسعينات من القرن الماضي، عندما هدد السعوديون الأراضي اليمنية. وحاول الرئيس اليمني تدميرهم بإرسال قريبه، وفي كل مرة كان قريبه قريبا من النصر، أعلن الرئيس وبشكل مبهم وقف إطلاق النار. وقيل إن الرئيس كان يكره قريبه أكثر من كرهه للحوثيين، وكان يأمل بأن يقتل في المعركة. ويقول الكاتب إن خطط مواقع قريب الرئيس سربت للسعوديين على أنها مواقع للمتمردين لقصفها. ولم يكن مستغربا أن يقوم قريب أو ابن عم الرئيس بعقد صفقة مع الحوثيين سمحت لهم بحكم ذاتي في شمال اليمن، وأعلنوا ولاءهم للرئيس وسيطروا على العاصمة في 2014.

 وكان السعوديون راغبين بتدمير أنصار الله الحوثيين، ولهذا أعطى ديفيد كاميرون الذي كان رئيسا للوزراء الضوء الأخضر لبيع أسلحة بمليارات الجنيهات للرياض. ومات حوالي 400,000 في سنوات الحرب، جراء القتال والأمراض ونقص الطعام. ولم تستطع القنابل البريطانية المصنعة في غلينروثيز وهارلو وستيفنيج تعزيز الماركة البريطانية العالمية.

وفي 2017، أخبر أندرو ميتشل – صوت كاميرون الآن- النواب أن السياسة الخارجية البريطانية لا تعطي أي منطق، فمن جهة نحاول إيصال المساعدات إلى اليمن ونساعد على بقاء الحصار من جهة أخرى ونقوم بدفع أجيال بأكملها نحو التشدد من خلال دعم الحملة العسكرية التي تقودها السعودية. و”زار ميتشل مدرسة مهدمة، ربما ضربت بسبب صادراتنا، حيث كان التلاميذ يتلقون الدروس في خيام قدمها دافعو الضريبة البريطانيون. وكان التلاميذ يهتفون “الموت للسعوديين والأمريكيين” وحذفوا تأدبا من الهتاف الدولة الثالثة، بريطانيا.

ورغم الحملة العسكرية السعودية، استمرت السيطرة الحوثية على معظم سكان اليمن “فنادرا ما تنجح التدخلات العسكرية بنفسها. وكان الجدل القوي الذي قدمه كاميرون للجنة الشؤون الخارجية أن التحرك سيحفظ الدماء، وقصف القذافي في 2011 وقال إنه لمنعه من قتل شعبه. لكن موت الديكتاتور السابق فاقم الحرب الأهلية التي أدت لوفاة المزيد من الآلاف، مما يذكرنا أن النوايا الحسنة، لو لم يتم التحقيق بها بشكل كاف قد تقود إلى شر عظيم”.

ويرى الكاتب أن تاريخ أنصار الله الحوثيين مرتبط وبشكل وثيق بسياسة بريطانيا الخارجية “فقد خرجوا من رماد الحرب الباردة، وقادهم غزو العراق للتشدد ومنحهم الربيع العربي دورا جديدا. وبرروا هجماتهم في البحر الأحمر كاحتجاج على قصف غزة. وسيزيد الرد الانتقامي ضد الغرب، وبلا شك، من شعبيتهم”.

ويقول الكاتب “في قلب المخيال الغربي هناك أسطورة تقوم على أن كل البشر يريدون نفس الشيء وبالتالي يرغب كل إنسان بأن يعيش مثلنا. لكن أجزاء من العالم النامي أثبتت أنها لا ترحب بالديمقراطية، فهي قبلية جدا ودينية جدا. وعلى الواحد التساؤل الآن، ماذا سينفع مواطنينا إنفاق مبالغ ضخمة من أجل ممارسة دور الشرطي عليهم”.

و”يعتبر كاميرون من أكثر الداعين المؤهلين للعولمة، وهو يدعم فكرة أن العالم أصبح صغيرا ومتكاملا، ولهذا فيجب علينا محاولة تشكيله من أجل مصلحتنا. وهذا الطموح وبشكل غريب لا يتناسب مع ثروتنا وقدراتنا العسكرية، ومنفصل عن الانحراف الثقافي في المجتمعات الغربية، فضيق الأفق هو الحاصل، وسكاننا يريدون هجرة أقل ومزيدا من السيادة لتقليل الاعتماد على الصين ونقل التصنيع من الخارج واستهلاكا أقل من أجل البيئة”. و”قيل لنا إنه لا يوجد مال لأي شيء، إلا أن رئيس الوزراء استطاع العثور على 2.5 مليار جنيه لأوكرانيا، التي قد تتفاوض قريبا على وقف إطلاق النار، وكذا تبذير ما بين 1-2 مليون جنيه على كل صاروخ أطلق ضد الحوثيين. وتتعامل المؤسسة مع دور بريطانيا بأنه، خذ، خذ وخذ- مساعدات، أسلحة، لجوء، وفي كل مرة تفعل هذا فإننا نقترب من حروب البيزنطيين، وجعل التضحية ضرورية وتعريضنا لخطر عظيم”. و”حتى هذا الوقت لم يغرق الحوثيون أي سفينة ولم يقتلوا بحارا. فهل تعتقد أن الوضع في البحر الأحمر بعد العملية سيكون أفضل أم أسوأ؟”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي