في ظل تصاعد حدة التوتر.. الحراك الدبلوماسي الغربي في لبنان.. هل يمنع اتساع الحرب بالجنوب؟

الأناضول - الأمة برس
2024-01-18

مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكستين، خلال اجتماعه برئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الأناضول)

بيروت - منذ انطلاقة العام الجديد 2024، شهدت بيروت زحمة زيارات لموفدين غربيين، مع تصاعد حدة التوتر على الحدود الجنوبية للبنان، في ظل مواجهات يومية متقطعة بين "حزب الله" وإسرائيل تجاوزت المئة يوم، وترتبط بحرب مدمرة يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

هذه المواجهات أسفرت حتى الأربعاء عن مقتل 30 مدنيا لبنانيا، بينهم 3 صحفيين و3 أطفال، فضلا عن جندي لبناني و5 من عناصر "كتائب القسام"- فرع لبنان، و162 عنصرا من "حزب الله"، الذي تسببت هجماته في مقتل 9 جنود و5 مدنيين إسرائيليين، بحسب ما تعلنه تل أبيب.

وخلال الأسبوع الأول من يناير/ كانون الثاني الجاري، زار لبنان كل من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام جان بيير لاكروا، ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ومبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكستين.

الصورة العامة تعكس حالة من حبس الأنفاس، إذ يتساءل اللبنانيون بقلق بشأن ما إذا كانت الحرب ستتوسع وتنفذ إسرائيل تهديداتها بتدمير لبنان أم ستنجح المساعي الدبلوماسية الغربية في عودة الأمور إلى ما كانت عليها قبل 8 أكتوبر الماضي.

وأعلن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، في 6 يناير الجاري، عن "فرصة تاريخية" لتحرير لبنان لأراضيه المحتلة من جانب إسرائيل، وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

ووفقا لوزارة الخارجية اللبنانية، فإن إسرائيل تواصل منذ عقود احتلال أراضي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتتقاعس عن إظهار الحدود في 13 نقطة تتحفظ عليها بيروت؛ مما يعرقل جهود التوصل الى حل طويل الأجل.

ومن بيروت في 11 يناير الجاري، دعا المبعوث الأمريكي هوكستين، الذي يتولى مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل، إلى "تهدئة الوضع في جنوب لبنان، والعمل على حل وسط مؤقت مع إسرائيل تجنبًا للأسوأ".

وقبل أيام من وصول هوكستين، قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي: "منذ 7 أكتوبر ونحن نكرر أننا طلاب استقرار دائم، وندعو إلى حل سلمي دائم، ولكن في المقابل تصلنا تحذيرات عبر موفدين دوليين من تدمير وحرب على لبنان".

وأضاف: "نعمل على حل دبلوماسي، ربما سيكون تطبيقه مرتبطا بوقف العدوان على غزة".

ميقاتي أوضح أن "التهديدات التي تصلنا مفادها أنه يجب انسحاب حزب الله إلى شمال (نهر) الليطاني، ونحن نشدد على أن هذا الأمر جزء من البحث الذي يجب أن يشمل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها على لبنان وخرقها للسيادة اللبنانية".

وكان هوكستين التقى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي قال إنه توجد "نافذة زمنية قصيرة للوصول إلى تفاهمات دبلوماسية مع لبنان"، مشددا على أن "تل أبيب تعمل على تغيير الواقع الأمني على طول الحدود اللبنانية".

فيما رحب وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، في 15 يناير الجاري، بجاهزية الولايات المتحدة للتوسط بهدف تخفيض التصعيد مع إسرائيل وإعادة الهدوء والاستقرار إلى جنوب لبنان.

وفي اليوم نفسه، أفاد موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي بأن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنها تريد إبعاد "حزب الله" لمسافة ستة أميال عن الحدود مع لبنان، كجزء من اتفاق دبلوماسي لوضع حد للتوتر على الحدود.

مساران للتفاوض

عن هذا الحراك المكثف، قال الكاتب والمحلل السياسي منير الربيع إن "لبنان يسير وفق مسارين للتفاوض، أحدهما بالنار عبر المواجهات المستمرة بين حزب الله وإسرائيل".

وتابع: "استبعد أن تتطور المواجهات إلى حرب واسعة، أولا بسبب رفض حزب الله لذلك، وثانيا بسبب الضغوط الأمريكية".

أما المسار الثاني، بحسب الربيع، فهو "دبلوماسي يقوده المبعوث الأمريكي لتسوية الوضع في الجنوب، من خلال تهدئة وتخفيض منسوب العمليات العسكرية للعمل فيما بعد على ترسيم الحدود البرية والذهاب لاحقا إلى تسوية شاملة على المستوى الفراغ الرئاسي".

ومنذ أكثر من عام، يعاني لبنان من شغور في منصب رئيس البلاد؛ جراء خلافات بين القوى السياسية لها امتدادات إقليمية ودولية.

الربيع رجح أن "المفاوضات ستبقى متوازية وقد تطول في ظل استمرار الحرب في غزة، لذلك المفاوضات مستمرة بالتوازي مع الموجهات العسكرية لتثبيت نقاط التفاوض بالنار".

أشبه ببركان

"الجهود العربية والغربية تنصب في منع انجرار لبنان إلى حرب مدمرة واستنساخ تجربة غزة"، وفقا للكاتب والمحلل السياسي آلان سركيس.

وقال إن "هوكستين نقل مبادرات للجم التوتر، أبرزها التطبيق الكامل للقرار (الدولي) 1701، ونشر قوات لبنانية ودولية في جنوب الليطاني، وإعلانها منطقة منزوعة السلاح، وإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني، من أجل استكمال ترسيم الحدود البرية، بعد نجاحه في ترسيم الحدود البحرية".

وهذا القرار صدر عن مجلس الأمن في عام 2006، وأنهى حربا في ذلك العام استمرت 33 يوما بين إسرائيل و"حزب الله"، ومن بين بنوده "إيجاد منطقة (داخل لبنان) بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات (حفظ السلام الأممية) "يونيفيل".

سركيس اعتبر أن "القرار بيد حزب الله، المدعوم من إيران، وليس بيد الحكومة اللبنانية، في حال أرادت إيران توسيع دائرة الحرب، كما حصل في اليمن والعراق ولبنان".

و"تضامنا مع غزة"، شنت جماعات موالية لطهران، بينها حزب الله والحوثيون (اليمن) وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن بهجمات.

ورأى سركيس أن "كل العوامل والمؤشرات تشير إلى ضغط دولي لمنع انزلاق لبنان إلى الحرب، لكن الرغبة الإيرانية ليست واضحة حتى الساعة: هل تريد إيران توسيع الحرب في جنوب لبنان أم تريد إبقاء اللعبة مضبوطة".

وشدد على أنه يوجد "سباق حميم بين المساعي الدبلوماسية، التي يقودها الغرب، وبين الميدان وأصوات القذائف، وهناك توسع لرقعة الاشتباكات لم تعد محصورة في الشريط الحدودي، وإنما امتدت إلى شمال الليطاني".

و"هذه العوامل تجتمع لتقول إن الوضع اللبناني هو بركان قد ينفجر في أي لحظة عندما تقرر إيران وإسرائيل خوض الحرب؛ لآن لجنوب يشهد حربا إسرائيلية إيرانية على أرض لبنانية"، كما أضاف سركيس.

وأردف: "يبقى الانتظار هو سيد الموقف لمعرفة كيف سترسو الأمور: هل ستنجح الوساطة الدولية ويتم تطبيق القرار 1701 لحماية لبنان أم أن المنطقة وجنوب لبنان سيشتعلان؟".

مواجهة كبرى

وبحسب المحلل السياسي المقرب من "حزب الله" قاسم قصير فإن "لبنان أمام مرحلة دقيقة جدا ما بين احتمالات التصعيد الكبرى على كل الجبهات في المنطقة أو الوصول الى اتفاق يوقف الحرب على غزة".

ورأى قصير، في حديث أنه "في حال لم يتم وقف الحرب على غزة، فنحن أمام مشهد تصعيدي في كل الجبهات، سواء في اليمن أو العراق ولبنان أو داخل فلسطين المحتلة".

وأضاف أن "زيارات الموفدين الدوليين في هذه المرحلة هي لمتابعة التوترات الحاصلة في الجنوب اللبناني، في ظل التخوف من تطورها إلى مواجهة كبرى في ظل التهديدات الإسرائيلية بالقيام بعمل عسكري كبير".

قصير تابع أن "هذه الزيارات تهدف الى إيصال رسائل، وقد رد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله على بعضها في خطابه الأخير بالقول إن "حزب الله" سيواجه أي تهديد وجاهز للحرب ولن يخضع لأي شروط من إسرائيل أو (حليفتها) أمريكا".

ومؤخرا، دعا هوكستين إلى العمل على حل وسط مؤقت، لعدم تطور الأمور على الحدود اللبنانية الإسرائيلية نحو الأسوأ.

لكن قصير قال إنه "لا يوجد حل وسط طالما الحرب على غزة مستمرة، وخاصة أن "حزب الله" يشترط وقف الحرب على غزة البحث في موضوع الجبهة الجنوبية".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي