ضربة مزدوجة.. فايننشال تايمز: الفلسطينيون غير المرئيين في خطاب بايدن قد يقوّضون فرص إعادة انتخابه

2024-01-18

في حملة جمع تبرعات، الشهر الماضي، قال بايدن: “لن نفعل أي  شيء سوى حماية إسرائيل، ولا شيء” (أ ف ب)نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقال رأي لإدوارد لوس قال فيه إن دعم الرئيس جو بايدن القوي لإسرائيل ربما أدى إلى الإضرار بفرص إعادة انتخابه.

وفي مقال بعنوان “الفلسطينيون غير المرئيين”، جاء أن: “كل رئيس لديه نقاط ضعف، وفي حالة جو بايدن، ما يظهر أنه عدم مبالاة بالفلسطينيين قد يكون مكلفاً له. فقد قتل 10,000 طفل فلسطيني في المئة يوم السابقة، وحسب “سيف ذي تشيلدرن”، لكن بيانه يوم الأحد، الذي طالب فيه بالإفراج عن 100 رهينة أو أكثر، لم يشر أبداً للمعاناة الفلسطينية. وكأن الاعتراف بمحنة الفلسطينيين سيلقي ظلالاً من الشك على تعاطفه العميق مع الضحايا الإسرائيليين لهجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ويشعر الكثير من الشبان الأمريكيين، الذين يحتاج بايدن بشدة أصواتهم، بالنفور منه. وعلينا ألا ننسى العرب الأمريكيين الذين يعتبرون كتلة انتخابية رئيسية في عدد من الولايات المتأرجحة”.

ويقول لوس إن الغاضبين من خَرَس بايدن تجاه سياسة البطش الإسرائيلية ليسوا محصورين فقط بالتقدميين في الحزب الديمقراطي، بل هناك عدد كبير من حلفائه الموثوقين في مجلس الشيوخ يشعرون باستياء أيضاً: “ففي دافوس، هذا الأسبوع، قال السناتور من معسكر الوسط عن ولاية ديلاوير، والصديق الصدوق لبايدن في السياسة، كريس كونز، بأن على أمريكا التفكير بوضع شروط على الدعم العسكري لإسرائيل. وفي لهجة كونز الغاضبة، فهذا مساو للنقد”.

 وفي رسالة لبايدن، قبل الكريسماس، حثّت جماعة من الديمقراطية بخلفية في الأمن القومي، بمن فيهم أبيغيل سبانبرغر وإليسا سلوتكين- وكلتاهما موظفتان سابقتان في “سي آي إي”-  على استخدام النفوذ الأمريكي “وتحول مباشر ومهم في الإستراتيجية والأساليب في غزة”.

ويؤكد المسؤولون في البيت الأبيض أن الرئيس بايدن يعمل من وراء الستار، قدر ما يستطيع، لضبط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “مع أنه لا يوجد أي دليل لإثبات هذا”.

وحصلت إسرائيل على 100 قنبلة، زنة كل واحدة منها 2,000 رطل، وخارقة للتحصينات والملاجئ. وهذه القنابل عادة ما تستخدم في المعارك، وليس الاستهداف الدقيق لإرهابيين في حروب الشوارع. ولا أحد يجادل في أن إسرائيل استخدمت هذه القنابل بطريقة عشوائية.

ورغم هذا لا يزال بايدن يقاوم فكرة وضع شروط على 14 مليار دولار مساعدة لإسرائيل، ويريد من الكونغرس الموافقة عليها”. ويعلق الكاتب أن بايدن “لديه النفوذ العسكري وسلطة المنبر التي تجعله يتحدث بصراحة، فما الذي يمنعه من استخدامهما؟”. والجواب، كما يقول الكاتب، مرتبط بالمشاعر العميقة التي يكنّها بايدن لإسرائيل. فمن الأيام الأولى في مسيرته السياسية كان من أقوى المدافعين عن إسرائيل الكابيتال هيل.

لكن الظروف التي عمّق فيها تعاطفه قد تغيرت بشكل جذري. فغولدا مائير وإسحق رابين، السياسيان اللذان أعجب بهما، كانا يمثلان الرؤية المضادة لكل ما يقف من أجله ويدافع عنه نتنياهو.

 والتزم بايدن، ودائماً، بالاعتقاد الثابت، وهو أن إسرائيل لا تتنازل إلا عندما لا يكون “ضوء نهار” (اختلافات بسيطة في المواقف) بين أمريكا وإسرائيل.

لكن السجل يقترح أمراً آخر. فقد كان بايدن ناقداً لجورج هيربرت دبليو بوش، لأنه دفع، في 1992، للسلام بين إسرائيل و”منظمة التحرير الفلسطينية”. وهاجم جورج بوش الأب لأنه هدّد لسحب ضمانات القروض الأمريكية لو مضت إسرائيل في عمليات الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة.

وأدى الضغط الأمريكي، في حينه، للإطاحة بحكومة الليكود المتطرفة وانتخاب رابين. وهو ما قاد لاتفاقيات أوسلو.

وكنائب للرئيس، قوّض بايدن محاولة باراك أوباما لممارسة الضغط على حكومة نتنياهو، في 2010. وكان هذا نتيجة تطمينات بايدن، لكن رئيس الوزراء حملق في وجه أوباما، فرمش الأخير أولاً.

ومن خلال وضع الشروط على المساعدات الأمريكية، كان بإمكان بايدن الإطاحة بنتنياهو لو أراد، ولحصل على ثناء من الإسرائيليين والعرب وغالبية اليهود الأمريكيين.

وحصلت أمريكا على بعض الدعم الذي خسرته في العالم بسبب ما نظر إليه كازدواجية معايير تتبنّاها. ومعظم العالم يعتقد أن الولايات المتحدة تهتم أكثر بالضحايا الأوروبيين، مثل أوكرانيا، أكثر من اهتمامها بالشرق الأوسط.

وربما قاد خروج نتنياهو إلى وصول بيني غانتس، من معسكر الوسط، والذي ربما كان شريكاً لبايدن في خطابه عن حل الدولتين.

وفي حملة جمع تبرعات، الشهر الماضي، قال بايدن: “لن نفعل أي  شيء سوى حماية إسرائيل، ولا شيء”.

 ويحذر الكاتب من أن استمرار بايدن على هذا المنوال سيكون بمثابة ضربة مزدوجة، أولاً، لأن أساليب نتنياهو تضرّ بإسرائيل وتخلق جيلاً من الأيتام والغاضبين، وهو قادر على توسيع الحرب إلى لبنان لو اعتقد أنها ستنقذه، مع أن بايدن حذّر ضدها، لكن ما هو فاعل لو عمل نتنياهو ما يريد؟

أما الأمر الثاني، فهو أن بايدن يضرّ بفرص إعادة انتخابه، فحجم المجتمع العربي في ميتشغان ضاعَفَ من فوزه على ترامب في انتخابات 2020 هناك. وفي أريزونا، فهو ستة أضعاف. والحديث للناخبين هناك أن انتخاب ترامب سيكون سيئاً، ليس إلا سياسة سيئة. وربما لم يصوتوا، ولا حتى عندما يتعلق الأمر بغزة، فلن يحمل تحذيره من ترامب أي وزن. وكلّما تمسّكَ نتنياهو بالسلطة، باتت حظوظ بايدن سيئة، لكن تحركات الرئيس تهدف لضمان ذلك.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي