ما هي تداعيات إدراج واشنطن للحوثيين على لائحة "الإرهاب"؟

ا ف ب – الأمة برس
2024-01-19

يمنيون يحملون الأسلحة النارية خلال تظاهرة عقب ضربات أميركية وبريطانية في العاصمة صنعاء في 12 كانون الأول/ديسمبر 2024 (ا ف ب)

دبي- مع استمرار هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، أدرجت الولايات المتحدة الأسبوع الحالي مجدّدًا الحوثيين على لائحتها للكيانات "الإرهابية".

وأكدت واشنطن أنها تسعى بذلك إلى ممارسة ضغوط على الحوثيين المدعومين من إيران، متعهّدةً ألا يؤثّر الأمر على إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لليمنيين.

إلا أنّ العديد من الخبراء يعربون عن قلقهم من تداعيات هذا الإجراء على أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية والغارقة في الحرب منذ تسع سنوات.

- ماذا يعني هذا التصنيف ؟

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله"، التسمية الرسمية للحوثيين، "كيانًا إرهابيًا عالميًا مصنفًا تصنيفًا خاصًا"، ما يعني عمليًا تجميد الأصول التي قد تملكها الحركة في الولايات المتحدة وقطع مصادر تمويلها.

وكان الحوثيون قد أُدرجوا على القائمة نفسها مطلع عام 2021 في نهاية عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وكذلك على لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، ما يمنع إجراء أي مبادلات معهم.

وندّدت آنذاك منظّمات الإغاثة بهذا الإجراء، معتبرةً أنه يعقّد الاستجابة للأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها الشعب اليمني.

لكن بعد أسابيع، ألغت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن هذا التصنيف استجابة لمطالبات المنظمات.

وتعهّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء بأنه من الآن وحتى دخول التصنيف حيّز التنفيذ في 16 شباط/فبراير، "ستجري الحكومة الأميركية تواصلًا قويًا مع أصحاب المصلحة ومقدمي المساعدات والشركاء الذين يلعبون دورًا حاسمًا في تسهيل المساعدات الإنسانية والاستيراد التجاري للسلع الحيوية في اليمن".

- كيف سيؤثر على الحوثيين؟

تحاول الولايات المتحدة من خلال تصنيفهم كيانًا "إرهابيًا"، الضغط على جماعة الحوثيين الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من شمال البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، كي يوقفوا هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، المنطقة الاستراتيجية التي يمرّ عبرها 12% من التجارة العالمية.

غير أن بعض الخبراء يشكّكون في فعالية هذا الإجراء. ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية عبدالغني الإرياني إن "العقوبات لم تنجح قط في الماضي ولن تفلح اليوم".

وترى مديرة كلية غورتن في جامعة كامبريدج إليزابيث كيندال أنه حتى لو كان الحوثيون "يستحقون" بالفعل هذا التصنيف "فليسوا هم من سيتحمّلون" تبعاته، مشيرةً إلى أن قادة عدة من الحركة "يجمعون ثروات على حساب الاقتصاد الخفي للحرب".

وتضيف الخبيرة في شؤون اليمن، "قد يتبيّن أن التهريب مربح أكثر بعد التصنيف".

- ما هي تداعياته على الشعب اليمني؟

يؤكد نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن دييغو زوريلا أن "المنظمات الإنسانية تأمل بشدة ألا يؤثر تصنيف الإدارة الأميركية على إيصال المساعدات إلى الشعب اليمني".

غير أنّ المنظمات غير الحكومية التي تواجه أصلًا تقليص التمويل الدولي للمساعدات في اليمن، تعرب عن قلقها إزاء عملياتها في البلد الذي يعتمد فيه ثلثَي السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للعيش.

ويخشى مدير منظمة "كير انترناشونال" إيمان عبداللهي من احتمال أن تؤدي هذه العقوبة إلى "تأخير على مستوى تمويل اللوجستيات والعمليات".

ذلك أنه حتى لو مُنحت استثناءات للمنظمات الإنسانية، فإن نظام العقوبات يشمل جهات أخرى ينبغي التعامل معها مثل المصارف والتجّار، ما قد يؤدي إلى "تأجيج الأزمة الإنسانية"، بحسب قول عبداللهي.

وتوضح كيندال أن الآلية التي اختارتها إدارة بايدن هي بالتأكيد أكثر مرونةً من تلك السابقة، لكنّها تشمل حتمًا "معاملات أكثر ومخاطر بالنسبة للمنظمات والمستوردين، ما سيؤثّر على توصيل المنتجات وسيرفع الأسعار".

- ما هي انعكاساته السياسية؟

قد يتسبب التصنيف في تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وضع الحرب في اليمن على سكّة الحلّ.

واندلع النزاع في اليمن عام 2014. وسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة في شمال البلاد أبرزها العاصمة صنعاء. في العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة اليمنية، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى وتسبب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، وفق الأمم المتحدة.

وأواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ أنّ طرفَي النزاع في اليمن التزما الانخراط في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة كجزء من خريطة طريق لإنهاء الحرب.

لكن كيندال ترى أنه "سيكون من الصعب بالنسبة للأمم المتحدة مواصلة جهود الوساطة مع جماعة مصنّفة إرهابية، من دون الحديث عن دمجها في صيغة لتقاسم السلطة".

وقد تتأثر أيضًا المفاوضات المتقطّعة التي يجريها منذ أشهر الحوثيون مع السعودية الراغبة في الانسحاب من النزاع في اليمن.

وتؤكد نائبة مدير "برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في مركز "تشاتام هاوس" سنام وكيل أن "التفاوض مع جماعة إرهابية سيكون بشكل واضح صعبًا، حتى بالنسبة للرياض".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي