خيارات إسرائيل بعد الحرب "لا معنى لها".. الغارديان: حماس تعيد تجميع صفوفها في شمال غزة

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا لمراسلها للشؤون الأمنية الدولية، جيسون بيرك، من القدس المحتلة قال فيه إن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عادوا إلى شمال غزة، حيث يقومون بالتعبئة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وإعادة بناء نظام الحكم، حسبما يقول مسؤولو الإغاثة وسكان غزة ومحللون ومسؤولون إسرائيليون.

وفي أماكن أخرى من غزة، يحتفظ المسؤولون الإداريون والشرطة التابعون لحماس بسيطرة صارمة على الجنوب، حيث يتركز قسم كبير من السكان، ومع ذلك فقد انهار النظام المدني في المناطق الوسطى، بحسب تعبير الصحيفة.

وتابعت بأن العودة الواضحة لحركة حماس في المناطق التي استولت عليها قوات الاحتلال خلال الهجوم الذي دام ما يقرب من أربعة أشهر تؤكد الصعوبات التي يواجهها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في الوفاء بتعهده بـ "سحق" المقاومة.

وقال إيال هولاتا، الذي كان رئيسا لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي حتى كانون الثاني / يناير 2023: "نسمع المزيد عن انتعاش التمرد في وسط وشمال غزة على حد سواء.. نسمع المزيد والمزيد عن حماس. إنهم يقومون بأعمال الشرطة في شمال غزة وينظمون التجارة، وهذه نتيجة سيئة للغاية".

وقال مايكل ميلشتاين من معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث مقره تل أبيب، إن حماس استعادت سيطرتها على أجزاء من غزة التي سيطرت عليها قوات الدفاع الإسرائيلية بعد قتال منذ العام الماضي.

وشمل ذلك جزءا كبيرا من المنطقة الشمالية المدمرة، بما في ذلك مخيم الشاطئ ومخيمات اللاجئين في جباليا والشجاعية ومدينة غزة.

وأضاف ميلشتاين: "إن حماس تسيطر على هذه المناطق. لا توجد فوضى أو فراغ، لأن عمال بلدية غزة أو قوات الدفاع والإنقاذ المدني، وهم فعليا جزء من حماس، هم الذين يفرضون النظام العام. حماس لا تزال موجودة. لقد نجت حماس".

وأضافت الصحيفة: "إن رواية جيش الاحتلال الإسرائيلي هي أنه في الجزء الشمالي من غزة تم كسر البنية العسكرية الأساسية لحماس.. وهذا لا ينجح إلا مع جيش تقليدي ولكن ليس مع عملية حرب عصابات مرنة مثل حماس. نحن نرى بالفعل أفرادا كقناصة، ينصبون كمائن مفخخة وما إلى ذلك".

وتتألف حماس من جناح سياسي وقوات عسكرية، بالإضافة إلى شبكة واسعة من الجمعيات الخيرية والجمعيات المدنية أيضا. وفازت الحركة المسلحة بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية في عام 2006 وسيطرت عسكريا بشكل كامل على غزة في عام 2007. ومنذ ذلك الحين، تحكم حماس المنطقة، كان العديد من المسؤولين الحكوميين على جميع المستويات في غزة قبل الحرب أعضاء في حماس أو متعاطفين معها.

وقال ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي قاتلت وحدته مؤخرا مقاتلي حماس في مخيم الشاطئ، الذي كان مسرحا لقتال شرس في تشرين الثاني/ نوفمبر: "لا يمكنك القول ما إذا كانوا قد عادوا أو لم يغادروا أبدا، لكنهم في كلتا الحالتين موجودون هناك الآن".

أفاد مسؤولو المساعدات الدولية المتمركزون في جنوب غزة، حيث تركز القتال الأخير وحيث لجأ أكثر من مليون شخص من النازحين من أماكن أخرى في القطاع، إلى أن التواجد المرئي لحماس في الشوارع أصبح الآن أقل وضوحا. وقالوا إن هذا لم يكن مفاجئا نظرا للغارات الجوية الإسرائيلية.

وقال أحد كبار المسؤولين الإنسانيين لصحيفة الغارديان: "لا يزال التكنوقراط موجودين، ولكنك لا ترى كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، ولا تزال ترى شرطة حماس في مناطق مختلفة تسيطر إلى حد ما على القانون والنظام في بعض الأماكن بما في ذلك في الشمال".

وتواصل وكالات الإغاثة التي تحاول توزيع الغذاء والوقود وغيرها من الضروريات على النازحين في جنوب غزة التعامل مع المسؤولين المعينين من قبل حماس. ولا تزال حماس توفر حراسة الشرطة للقوافل، على الرغم من أن قبضة الجماعة على السلطة تبدو أضعف مما كانت عليه قبل الحرب.

وقال ويليام شومبورج، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة: "هناك انهيار عام في النظام.  إن الإجرام يتزايد بشكل عام، وهو أمر مقلق للغاية حيث أصبحت احتياجات المدنيين يائسة أكثر من أي وقت مضى".

كما أفاد مسؤولو الإغاثة أيضا بوقوع العديد من حوادث نهب شاحنات المساعدات ومهاجمتها، خاصة في الجزء الأوسط من غزة، الذي لا تسيطر عليه حماس أو القوات الإسرائيلية.

وقال أحدهم: "العديد من قوافل المساعدات تتلقى حراسة مسلحة. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه هي شرطة حماس، التي لا تزال موجودة ومرئية، أو شركات أمنية خاصة. هناك خط رفيع بين هذه وتلك".

ووصف مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، بأنها "آخر مكان بقي يتمتع بأي نظام مدني حقيقي" بسبب وجود شرطة حماس المحلية.

وقد تم إلقاء اللوم في العديد من الهجمات على القوافل على عائلات قوية ومسلحة جيدا في وسط غزة، مما يشير إلى أن وسطاء السلطة القائمين منذ فترة طويلة يستعيدون الثقة والقدرات بعد سنوات عديدة من قمعهم من قبل حماس.

ويزعم المسؤولون الإسرائيليون أن قواتهم قتلت نحو 9000 من أصل 30000 مقاتل تشير التقديرات إلى أن حماس كانت قادرة على تعبئتهم قبل الحرب، والتي اندلعت نتيجة لهجوم دموي شنته المنظمة المسلحة على جنوب إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر.

ومن بين القتلى حوالي 1000 من مقاتلي النخبة من ألوية النخبة، على الرغم من أن ما بين 3000 إلى 4000 ما زالوا نشطين، كما يعتقد مسؤولو مخابرات الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: "شعوري هو أن نسبة كبيرة جدا من القوة المقاتلة لحماس قد قُتلت، بما في ذلك القيادة التي قُتلت.. حتى لو عادوا إلى الشمال، فإنهم يقاتلون كخلايا إرهابية، وفي أفضل الأحوال خلايا متمردة، وليس سرايا أو كتائب".

ويعتقد المسؤولون العسكريون والمحللون وبعض السياسيين في إسرائيل أن الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يستمر لعدة أشهر بشدته الحالية وأن الأعمال العدائية قد تستمر لسنوات.

وقال الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة: "طالما أن الحرب مستمرة، سينضم المزيد لصفوف حماس، والسبب بسيط وهو أن سفك الدماء الذي حدث، والقتل، والدمار، والمجاعة ... يثير المزيد من الكراهية والرغبة في القتال بين جزء من السكان".

وتحتفظ حماس أيضا بقدرة دعائية واضحة، وهي قادرة على تحرير وإنتاج مقاطع الفيديو في غزة. وتستطيع المجموعة الرد على المبادرات الإسرائيلية مثل المنشورات التي ألقتها على رفح هذا الشهر والتي تضم صور عشرات الأسرى، وتقدم مكافآت لأي شخص يقدم معلومات حول مكان وجودهم.

وبعد ساعات، حذرت صحيفة المجد الأمني، وهي وسيلة إعلامية مرتبطة بقوات الأمن الداخلي التابعة لحماس، الفلسطينيين من قبول العرض.

وقال ميلشتاين إن أي شاب يبلغ من العمر 16 أو 17 عاما في غزة يمكن أن يحصل على كلاشينكوف أو قاذفة قذائف صاروخية – وهو السلاح الذي تسبب في مقتل 21 إسرائيليا في حادثة واحدة الأسبوع الماضي.

وقال ميلشتاين: "لا يمكننا أن نقول ما إذا كانت هذه العملية جارية بالفعل، لكنها ستتم. إذا حدث ذلك، فقد يبدو الأمر مثل العراق بعد عام 2003".