الغارديان: في الخليل أصبح المستوطنون هم الجيش ينتقمون من الفلسطينيين ويحوّلون حياتهم جحيماً

2024-02-05

لا تزال المدارس مغلقة، وكذا المحلات في المنطقة، وعندما حاول حلاق فتح دكانه فإنه تعرّضَ للضرب (أ ف ب)نشرت صحيفة “الغارديان” تقريراً عن حصار الفلسطينيين بالمدينة القديمة في الخليل. أعدّته إيما غراهام- هاريسون وكيك كيرزنباوم، وقالتا فيه إن المستوطنين الذين جنّدوا في الجيش الإسرائيلي يفرضون نظاماً قاسياً على مدينة الخليل، التي تعدّ من أهم مراكز الاقتصاد الفلسطيني.

وقالت الصحيفة إن شادي يخشى على أطفاله من الجنون بسبب بقائهم في البيت، خلال الأشهر الأربعة الماضي، حيث لم يخرجوا من ساحة بيتهم في المئة يوم أو يزيد. وتعيش عائلته في مركز المدينة القديمة، التي تعتبر أكثر المناطق عسكرة في الضفة الغربية.

وبالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون هناك، فقد توقفت الحياة بشكل كامل عندما شنت “حماس” هجومها، في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وقامت قوات الأمن، التي تسيطر على المنطقة، بوضع نقاط حراسة في الشارع الذي تعيش فيه العائلة، بشكل فرضت فيه إقامة إجبارية على الكبار والصغار، وبدون تمييز.

وقال شادي: “في الشهر الأول لم يسمح لنا بمغادرة البيت”، و”لو فتحنا الحماية الحديدية على الباب لمشاهدة ما يجري، فإننا نسمع صوت بنادقهم”.

وتتراكم القمامة في ساحة بيتهم، لعدم السماح لهم بوضعه في الخارج وجمعه. ويسمح له مرة في الشهر، ولمدة ساعة، كي يحصل على المواد الغذائية. ولأن الوقت قصير، فقد اشترى أكياس القمح: “وكأني أريد علف الحيوانات”.

وخففت القيود قليلاً، حيث يسمح للسكان بمغادرة بيوتهم ثلاث مرات في الأسبوع. ويستطيعون الآن مغادرة بيوتهم كل يوم، ولكن عليهم العودة قبل الساعة السابعة مساء، حيث يفرض عليهم حظر التجول.

ولا تزال المدارس مغلقة، وكذا المحلات في المنطقة، وعندما حاول حلاق فتح دكانه فإنه تعرّضَ للضرب.

وتعوّدَ سكان مركز الخليل على القيود التي تمتد على مدى 20 عاماً، إلا أن القيود الجديدة غير مسبوقة، حيث يمنعون من المشي في شوارع معينة مفتوحة فقط للمستوطنين.

 ويقول شادي: “حياتنا كانت صعبة هنا، ولكن ليس مثل الآن”. ففي أثناء الانتفاضة الثانية، كان الأقارب يرسلون الطعام عبر سلسلة بشرية ومن فوق سطوح منازل البلدة القديمة. وهذه المرة أصعب و”يفرضون قيوداً مشددة لدفعنا على الرحيل والسيطرة عليها لأنفسهم، ولا علاقة هذا بالأمن”.

وقال مواطن في منطقة “أتش تو”، وهي المنطقة التي حدّدها الجيش الإسرائيلي، والتي تهدف لحماية 800 مستوطن، يعيشون وسط 34,000 فلسطيني، إنهم يواجهون التحرش، ويمنعون من ترك منازلهم، ومنذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ولم يستطع المواطنون قطف الزيتون في المدرجات المزروعة بأشجار وتحيط بالمدينة، وتنتشر بينها الورود القزحية، حيث يستمتع مستوطن يرعى الماشية وجنود في الخدمة بالمناظر الخلابة.

ويقول عيسى عمرو، الناشط في الخليل: “الآن، المستوطنون هم الأسياد”. وضُرب عمرو، وعُذّب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث لم يعد قادراً على تحريك إحدى يديه، وأخبره الأطباء أن الضرر قد يكون دائماً، وعلق: “أنا معروف، وانظري ما فعلوا بي، أما البقية فهم خائفون”. ويقول عمرو إن المستوطنين يستغلون هجوم “حماس” لتقوية موقعهم على أمل طرد المدنيين الفلسطينيين من الخليل، وبذريعة مقاتلة الإرهاب. وقال: “لم أضرب لأنني عضو في “حماس”، ويعرفون مواقفي، وأنني لست متديناً”، و”هم يستخدمون المأساة ودم الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق حلمهم “من النهر إلى البحر”، وبدون الفلسطينيين، وما يفعلونه لا علاقة له بالأمن”.

وتعتبر الخليل من أهم المراكز الاقتصادية للسلطة الوطنية، وثاني أكبر مدينة في الضفة الغربية، وتاريخها متجادل بالدين والسياسة. وتعتبر من معاقل “حماس” القوية، واليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي بدأت حركته فيها ويدعم بنيامين نتنياهو. ويعيش وزير أمنه إيتمار بن غفير بمستوطنة فيها، وكان أول لقاء مع زوجته عند قبر باروخ غولدشتاين، الذي قَتَلَ، 29 مصلياً في الحرم الإبراهيمي في عام 1994.

وحسب اتفاقية أوسلو، فقد قسمت الخليل إلى أتش1، حيث تعيش غالبية الفلسطينيين، وعددهم أكثر من 230,000 نسمة، وأتش2 تحت السيطرة الإسرائيلية. وفي هذه المنطقة يظهر الفصل والتمييز الذي يصفه الناشطون بنظام الأبارتهايد والأكثر وضوحاً في الضفة الغربية.

ويتم استخدام مجموعة من الألوان هنا، حيث الشوارع الحمراء مخصصة للمستوطنين، والبرتقالية للفلسطينيين، ولكن بدون استخدام السيارات، أو ممارسة التجارة. ولا يخفي المستوطنون نيّتهم بتوسيع وجودهم في الخليل.

ويقول النقاد إن الدولة عزّزت من قوتهم ومنحتهم الفرصة لتطبيق أجندتهم بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث أصبحت الميليشيات المسلحة وحدات عسكرية بعد استدعاء الجنود النظاميين إلى غزة. ووزعت الحكومة أسلحة عسكرية على المدنيين والميليشيات المسلحة التابعة للمستوطنين الذين يسيرون في شوارع الخليل بالزي العسكري، أو الزي شبه العسكري أو المدني، بحيث يصعب تحديد هيكلهم القيادي. ويقول نداف ويمان، نائب مدير منظمة “كسر الصمت”، إن المجتمعات الآن تعيش تحت رحمة مجموعات مسلحة بدون شكل، وتتصرف وتبدو مثل ميليشيات مسلحة. وقال: “منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر لا يعرف الفلسطينيون إن كانوا يتعاملوم مع المستوطنين أم الجيش، والمستوطنون هم الجيش المكون من مستوطنين”. و”يقومون بمداهمة البيوت، ووقف السيارات، بل والسرقة، وفي الجيش الإسرائيلي”. و”لو كان الوضع في البلقان في سنوات التسعينيات لقلت إنها جماعات شبه عسكرية، لكنهم في الجيش الإسرائيلي، ويستخدمون كواجهة للحفاظ على النظام والقانون في الخليل، وهو القانون العسكري، ويمكن للفلسطينيين تحديه والاستئناف ضده. وما يحدث الآن كأنه انتقام”.

 وكان المزيج  المتشوش واضحاً في مدخل مستوطنة كريات أربع في الخليل، حيث وقف ثلاثة أشخاص عند نقطة تفتيش وهاجموا لفظياً ناشطاً حقوقياً إسرائيلياً وصحافيين. واحد منهم مسلّح، وبالزي العسكري، والأخرى امرأة  بزي المستوطنين، والثالث بزيّ جنود الاحتياط. وهذا المزيج يقوم بحجز الفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة أتش2 من خلال العنف والاستفزاز، وليس الأوامر المكتوبة. وقال عمرو: “لا توجد أوراق [ لتبرير الاعتقال والإغلاق]  ولهذا السبب أقول إنها ميليشيات”،  و”هم يعرفون أنهم يعملون هذا، ويحاولون جعل حياة الفلسطينيين صعبة وإجبارهم على المغادرة”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي