إيكونوميست: أمريكا تحاول استهداف المستوطنين الإسرائيليين ولكن إلى أي مدى؟  

2024-02-11

 

الأمر الأكثر إشكالية هو المستوطنات الأصغر حجما الموجودة في عمق الضفة الغربية والتي يتعين تفكيكها (أ ف ب)نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، حاولوا في البداية الاستهزاء بالأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 1 شباط/ فبراير، والذي يقضي بفرض عقوبات على “الأشخاص الذين يقوضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية”.

ونشر محرر موقع يميني متطرف شهير، رسما كاريكاتوريا لراعٍ يهودي في الضفة الغربية، وعلق عليه: “ماذا سأفعل الآن بكل أملاكي في نيويورك؟”.

إلا أن الضحكة تلاشت عندما بدأت البنوك الإسرائيلية بحظر حسابات المستوطنين المستهدفين بنظام العقوبات الأمريكي. وتعهد بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، وهو نفسه مستوطن قومي متطرف، بمنع المؤسسات المالية من تنفيذ العقوبات. لكن قوته في هذه المسألة لا تذكر.

وقال أحد كبار المصرفيين: “إذا كان أي شخص يعتقد أنه من أجل حسابات عدد قليل من المستوطنين، فإن البنوك الإسرائيلية على وشك تعريض منافذهم إلى النظام المالي العالمي الذي يسيطر عليه الأمريكيون للخطر، فهو يحلم”.

وقالت المجلة إن بايدن يتفاخر بصهيونيته، وقد دعم إسرائيل إلى أقصى حد منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر. لكن هذا الأمر هو علامة على أن صبره تجاه ائتلاف بنيامين نتنياهو المتشدد بدأ ينفد.

وتعلق المجلة أن المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية، هم من بين أكبر العقبات التي تعترض خطط أمريكا الطموحة للسلام. وحتى الآن، لم تطل العقوبات سوى أربعة مستوطنين صغار إلى حد ما. وهم متهمون بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين.

لكن صياغة الأمر الرئاسي الأمريكي لا تترك مجالا للشك في أن الشخصيات الأكبر، بما في ذلك الوزراء، يمكن أن يتأثروا به. ويقول مسؤول إسرائيلي مشارك في المحادثات مع الأمريكيين: “إنها طلقة تحذيرية والهدف هو نتنياهو”. ويبدو أن بايدن يحاول دق إسفين بين المستوطنين وبقية إسرائيل، مما يترك لنتنياهو خيار إما التخلص من شركائه المتطرفين أو الاستسلام لهم.

وتقول المجلة إن عدد المستوطنين يتناقض مع وزنهم السياسي. ومن بين عشرة ملايين إسرائيلي، يعيش نحو 460 ألفا في الضفة الغربية (لا تشمل القدس الشرقية). ويعيش معظمهم في مستوطنات بالقرب من حدود ما قبل عام 1967 حيث تم إغراؤهم بالسكن الرخيص. ومن المفترض في أي اتفاق سلام أن يتم استيعاب هذه “الكتل الاستيطانية” في إسرائيل. وفي المقابل، سيتم تبادل قطع من الأراضي الموجودة حاليا داخل إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية الجديدة.

والأمر الأكثر إشكالية هو المستوطنات الأصغر حجما الموجودة في عمق الضفة الغربية والتي يتعين تفكيكها. معظم سكانها هم من أصحاب الأيديولوجيات الدينية الذين يشكلون أقل من 2% من سكان إسرائيل، ولكنهم يتمتعون بدعم واسع النطاق ومتحمس. لقد حققت الأحزاب التي تمثلهم أداء جيدا في انتخابات عام 2022، مما ساعد على إعادة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة. وفي الواقع، فهو يعتمد عليهم في أغلبيته النيابية. لقد تم مكافأتهم بسخاء، حيث إن خمسة وزراء، هم من المستوطنين.

وكانت قوة هؤلاء المتطرفين واضحة في 28 كانون الثاني/ يناير، عندما حضر 12 وزيرا مؤتمرا في القدس يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة بعد الحرب. وقال نتنياهو إن هذا “غير واقعي” ووعد بأن إسرائيل ليس لديها أي نية للقيام بذلك. لكنه لم يمنع وزراء من حزبه الليكود من حضور المؤتمر، حيث دعا المتحدثون إلى إعادة احتلال غزة وتهجير 2.3 مليون فلسطيني يعيشون هناك.

وحتى بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، فإن ربع اليهود الإسرائيليين فقط يؤيدون مثل هذه الخطة، وفقا لاستطلاع للرأي أجري في تشرين الثاني/ نوفمبر. لكن ممثلي المستوطنين، الذين يقومون بتسجيل عائلاتهم للاستقرار في هذه البؤر الاستيطانية الجديدة، أثبتوا باستمرار قدرتهم على تحريك سياسة الحكومة في الضفة الغربية لصالحهم. ولأكثر من نصف قرن، ظلوا يتحدون الحكومات، بما في ذلك الحكومات اليمينية، من خلال البناء في عمق الضفة الغربية، والحصول في نهاية المطاف على دعم حكومي بأثر رجعي.

 

نتنياهو يتأرجح الآن في استطلاعات الرأي، وإذا أُجريت الانتخابات قريبا، فمن المؤكد تقريبا أن ائتلافه سوف يخسر السلطة. ولكن حتى بدون أنصارهم في الحكومة، سيظل المستوطنون يشكلون قوة في السياسة وعلى الأرض. ويخدم العديد منهم في وحدات قتالية بالجيش، ويشاركون بشكل كبير في القتال بغزة. وسيجادلون بأن تضحياتهم ستهان إذا تعرضت منازلهم في الضفة الغربية للتهديد. وسوف يتردد صدى هذا الأمر لدى العديد من الإسرائيليين، حتى أولئك الذين ليسوا في معسكرهم السياسي.

وبالنظر إلى التجارب السابقة، سيحاول البعض عرقلة أي تنازلات للفلسطينيين بالعنف. وبتشجيع من أنصار الحكومة وتسليحهم، قتل المستوطنون ما لا يقل عن عشرة فلسطينيين في العام الماضي، وفقا لتقرير صادر عن منظمة “ييش دين” الإسرائيلية لحقوق الإنسان.

وإذا بدا إنشاء دولة فلسطينية أكثر احتمالا، فإن مثل هذا الإجراء قد يتزايد. ومع ذلك، إذا كان للخطط الأمريكية للسلام أن تحظى بفرصة، فلابد من مواجهة هذا التهديد. ولا تظهر حكومة نتنياهو سوى القليل من الاهتمام بالقيام بذلك. لكن حتى سياسي من الوسط قد يجد صعوبة في مواجهة المستوطنين.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي