التايمز: إسرائيل تسير نحو المصيدة في رفح ومصير الشرق الأوسط مرتبط بالمدينة  

2024-02-13

 

ربما تعتقد إسرائيل أن الردع الذي نجح مع الآخرين سينجح معها، ولهذا بنت مفاعلات نووية للحد من محاولات الدول العربية الهجوم عليها (أ ف ب)نشرت صحيفة “التايمز” مقالا للمعلق فيها ويليام هيغ، حذر فيه من الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح، وقال إنه سيكون خطأ قاتلا.

وذكر الكاتب: “بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل، كتبت قائلا إن على الإسرائيليين الحذر من الوقوع في مصيدة حماس“. و”بعد أكثر من أربعة أشهر، يمكن أن يكون هذا هو الأسبوع الذي ستتعثر فيه إسرائيل بالمصيدة”. موضحا أن “عملية عسكرية شاملة حيث يتركز أكثر من مليون ونصف غزي لن تجلب النصر الشامل الذي يتحدث عنه بنيامين نتنياهو، بل ستؤدي لتآكل الأمن الإسرائيلي على المدى البعيد، ولن تكون متعاطفا مع حماس لو قلت إن الهجوم الشامل على رفح هو خطأ، بل ربما تكون مثلي، توافق على حاجة إسرائيل للعملية العسكرية حتى الآن، مع اعترافك بالحاجة لمزيد من المساعدات الإنسانية. ولا يمكنك التعامل مع التظاهرات ضد إسرائيل أو تلك الداعية لوقف إطلاق النار من جانب واحد، بشكل يترك حماس قادرة على الهجوم مرة أخرى” بحسب قول الكاتب.

وأضاف أنه “لا يمكن تحرير أي محتجزين بدون الضغط على الخاطفين. ومثل غيره من المعلقين الغربيين، قال وزير الخارجية البريطاني وزعيم حزب المحافظين السابق، إن حماس هي التي تعرض حياة المدنيين في غزة للخطر، وأنها تخوض حربا من تحت المستشفيات وحتى مجمعات وكالة “الأونروا” التابعة للأمم المتحدة.

وهو يؤمن بكل ما قاله سابقا، لكنه يعتقد أن رفح تهدد بأن تكون نقطة تحول لإسرائيل، ولحظة تجاوزها الحد ستقع في المصيدة. وبالنسبة لنتنياهو، فإن رفح هي الطريق للنصر الشامل الذي يريده، و”لو فكرت في حماس باعتبارها جيشا، فهناك منطق، فلدى حماس 24 كتيبة عسكرية تزعم إسرائيل أنها دمرت 18 منها، وأربع منها موجودة في رفح، ولو أبدتها فالنصر في يدك”.

ولكن حماس التي تحمل بعضا من ملامح الجيش، إلا أنها تحمل ملامح أخرى من حركة التمرد. ونعرف من التجربة المرّة، أنك تستطيع هزيمة وحدات الجيش المتمرد، لكنها ستعود للظهور من تحت الأنقاض بعد فترة قصيرة، وبمجندين كثر.

وقد خبر الغرب ذلك في العراق وأفغانستان، كما يعرفه الإسرائيليون في لبنان أثناء الاجتياح عام 1982 وانسحابهم عام 2000، حيث خلفوا وراءهم عدوا أقوى.

وحزب الله اليوم أقوى من أي وقت مضى. و”تستطيع تحقيق النصر الشامل على جيش في معركة، ولكن ليس ضد تمرد يستند في قوته على فكرة متجذرة في الشعب” وحتى يتحقق النصر يجب أن يرفق اللجوء إلى القوة العسكرية بالسياسة الحكيمة. وعليه، فإرسال الجنود الإسرائيليين إلى رفح كما حدث في الأشهر الماضية في مناطق غزة الأخرى، هو تجاهل لهذه السياسة. فالمدينة فيها العدد أكبر، ومعظم السكان على حافة الجوع ولا مكان أمامهم للهروب، وقد ناشد جو بايدن يوم الأحد نتنياهو وطالبه بالحذر من الإضرار بالمدنيين.

وبالنسبة لحكومة الحرب الإسرائيلية، فإن الكتائب الأربع لحماس هي مغرية جدا، وهناك أعداد أخرى على الإسرائيليين التفكير بها، وهي 17,000 يتيم، سيتحولون يوما إلى مقاتلين وينتقمون في المستقبل.

ويُعتقد أن القرار الإسرائيلي بشأن رفح هو أهم قرار وأكثر حرجا من القرارات التي اتخذت منذ بداية الحرب. ويمثل خيارا مصيريا بين مدرستين، وهي أنه لا سلام ممكن مع الفلسطينيين، فقط ردع. أما الثانية فتدعو لترك مجال أمام حل الدولتين في يوم ما، وإلا أن لن يكون هناك سلام. وفي الوقت الحالي، فالمدرسة الأولى التي يقودها نتنياهو رغم تراجع شعبيته، هي السائدة.

 ويرى الكاتب أنه من السهل رؤية أن الردع يمكنه منع الحروب، من الخط الفاصل 38 بين كوريا الجنوبية والشمالية، إلى خط السيطرة بين الهند وباكستان في كشمير والحدود الروسية- الناتو في منطقة البلطيق، وهو المفهوم الوحيد الذي يحفظ على السلام.

ولهذا السبب، تبني الدول مفاعلات وأسلحة نووية. وبعد نهاية الحرب في أوكرانيا، فالطريقة الوحيدة لردع روسيا هي دمج كييف في الناتو.

وربما تعتقد إسرائيل أن الردع الذي نجح مع الآخرين سينجح معها، ولهذا بنت مفاعلات نووية للحد من محاولات الدول العربية الهجوم عليها، ولكن الأمر ليس بهذه الطريقة، فالردع قد ينجح مع دول، لكنه لا يردع الجماعات المسلحة.

وكما قال الخبير العسكري سير لورنس فريدمان، فقد تحركت إسرائيل باتجاه محاولة تدمير التهديد بالكامل، وهذا لن ينجح بدون رؤية سياسية لمن سيحكم غزة بعد الحرب، لا حماس ولا إسرائيل. وأظهرت الدبلوماسية خلال الأشهر الماضية، أن الحل للحرب في الشرق الأوسط ممكن. حل يمكن أن يتبناه العقلاء على طرفي النزاع: الإفراج عن المحتجزين، مغادرة قادة حماس غزة، عودة السلطة الفلسطينية، تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، توقف الاستيطان في الضفة الغربية، تقديم الولايات المتحدة ضمانات أمنية للسعودية، اعتراف الغرب بالدولة الفلسطينية وقبول إسرائيل بها.

وهذا هو السياق الذي تحدث من خلاله ديفيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، عن إمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ويعترف الجميع أن هذا طموح بعيد المدى ويحتاج إلى سنوات، ولن يتحقق بدون إخراج نتنياهو من المعادلة، وسيطرة عربية على القيادة الفلسطينية. وسيكون من الخطأ القاتل على إسرائيل تضييق مساحة الحل واللجوء للحروب التي لا يمكنها ردعها ولا تستطيع تحقيق انتصار فيها. والمصيدة أمامها الآن، ومستقبل الشرق الأوسط ربما يعتمد على رفح.

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي