قوانين تشيلي تعاقب المحرضين على انتحار النساء... لكن الصعوبة في الإثبات

ا ف ب – الأمة برس
2024-03-07

كونسويلو هيرموسيلا والدة الطالبة أنطونيا غاروس التي انتحرت سنة 2017، تحمل صورة ابنتها في منزل العائلة في كونسيبسيون التشيلية في 29 شباط/فبراير 2024 (ا ف ب)

كونثبثيون - ألقت أنطونيا غاروس بنفسها من الطبقة الثالثة عشرة لأحد المباني في جنوب تشيلي، بعدما تعرّضت مرات كثيرة للضرب على يدي شريكها... ومع أنّ السلطات باتت مذّاك تعاقب على "التحريض على انتحار الإناث"، لا يزال من الصعب إثبات الاعتداءات والأضرار النفسية التي تلحق بالضحايا.

عندما رمت الشابة البالغة 23 عاماً بنفسها من النافذة في السابع من شباط/فبراير 2017 في مدينة كونثبثيون، سمع شرطيان وصلا إلى الموقع بعد تنبيههما إلى الشجار، شريكها يصرخ بها قائلا "اللعنة أيتها الفتاة المجنونة، ارمي نفسك!".

وقالت والدة الطالبة كونسويلو هيرموسيلا لوكالة فرانس برس إن زوجها "أمرضها" وأبعدها عن عائلتها وأصدقائها وأغرقها في الإدمان.

وألقت الوالدة باللائمة على الزوج بما حصل مع ابنتها، رغم أنه "لم يدفعها بيديه" للسقوط من النافذة.

في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2019، شنقت أنطونيا بارا (21 عاماً) نفسها في منزلها في تيموكو، في جنوب البلاد أيضاً. وقبل ثلاثة أسابيع، تعرضت الطالبة للاغتصاب بعد قضاء ليلة في ملهى ليلي. وروت وهي تبكي ما حدث لها في رسالة صوتية وصلت إلى مهاجمها الذي استخدمها لتهديدها.

وأدت قضيتا هاتين الطالبتين إلى إقرار قانون يعاقب في عام 2022 على "قتل الإناث عن طريق الانتحار" و"التحريض على انتحار النساء".

- "لا حل" -

وقال والدها أليخاندرو بارا لوكالة فرانس برس إن "التهديد بالفضيحة عبر الإنترنت حطّمها (...) ولم يكن أمامها أي حل".

 متطوعان يتحادثان في "موسسة أنطونيا" في كونسيبسيون التشيلية في 29 شباط/فبراير 2024 (ا ف ب)

في تشيلي التي تشهد انفجاراً اجتماعياً مع ظهور عدد كبير من المنظمات النسوية، تثير قضية أنطونيا بارا تأثراً كبيراً.

وقد حظيت محاكمة المعتدي عليها، والذي حُكم عليه بالسجن 17 عاما، بمتابعة كبيرة في البلاد، وحققت أكثر من مليون مشاهدة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتجنّد أليخاندرو بارا لإيصال قضية ابنته على أوسع نطاق عبر الإعلام، وأثمرت معركته القضائية في كانون الأول/ديسمبر 2022 إلى إصدار "قانون أنطونيا" الذي يعاقب على التحريض على انتحار النساء بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.

وقبل ذلك، في قضايا مثل قضية أنطونيا بارا، كانت العقوبات القضائية تطال فقط مرتكبي جرائم الاغتصاب.

كذلك، يمدّد التشريع الجديد مهلة التقادم في جرائم العنف الجنسي ضد البالغين، من 5 إلى 10 سنوات. ويحظر الاستجواب المهين أو المسيء للضحايا ويحمي بياناتهم الشخصية.

وقالت وزيرة المرأة والمساواة بين الجنسين في تشيلي أنطونيا أوريانا لوكالة فرانس برس "بهذا القانون، تقدمت البلاد نحو تشريعات شاملة لمعالجة العنف ضد المرأة والمعاقبة عليه، بما في ذلك الاعتراف بالعواقب الوخيمة لهذا النوع من العنف على حياة الضحايا والصلة بين الصحة العقلية والعنف القائم على النوع الاجتماعي".

وأحصت الشبكة التشيلية لمناهضة العنف ضد المرأة حالتي انتحار قسري لنساء و48 حالة قتل للنساء في عام 2023.

- "العنف القائم على النوع الاجتماعي" -

وفي نيسان/ابريل، أقرّت تشيلي أيضاً قانوناً ينص على منح مخصصات مالية للأطفال القصّر المولودين لأمّهات وقعن ضحايا لجرائم قتل الإناث أو دُفعن إلى الانتحار. وقد مُنحت حتى الآن 26 من هذه المخصصات في البلاد.

ورحبت منظمات حقوق المرأة بطرح هذا القانون، لكنها لفتت إلى الصعوبات التي تعترض تطبيقه، خصوصاً في إثبات العنف والضرر النفسي الذي تتعرّض له الضحايا.

وتؤكد عضو الشبكة التشيلية لمناهضة العنف الجنسي بريسيلا غونزاليس أن "هذا القانون يصعب تطبيقه، لأنه ينطوي على الاعتراف بأن النساء ينتحرن بسبب العنف الجنسي، وغالباً ما لا يفهم الموظفون المشاركون في (التحقيق) بهذه العمليات ذلك".

وبذلك، في السنة التالية لإقرار القانون، لم تكن أي قضية موضوع تحقيق من جانب النيابة العامة.

قبل شهرين من إنهاء حياتها، قدمت أنطونيا غاروس شكوى بتهمة الاعتداء. ولم تتم إدانة شريكها لأنه لا يعيش معها، ولا يمكن مقاضاته بتهمة العنف الأسري.

ومن أجل "الحصول على العدالة"، أنشأت والدة الطالبة "مؤسسة أنطونيا" المخصصة لدعم "الناجيات" من العنف الأسري.

وتقول "ما يهمني هو أن يتمكن ذكر عنيف من القول +نعم، أستطيع أن أتغير، أنا أؤذي شخصاً ما+، أو أن تدرك الفتيات ذلك ويطلبن المساعدة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي