"قبل أن يرتدّ إليك طرفك".. البوح بنكهة شاعرية

الامة برس-متابعات:
2024-03-17

غلاف الكتابالقاهرة- في تجربتها السردية الأولى، صدرت عن دار "العين" للنشر بالقاهرة المجموعة القصصية «قبل أن يرتد إليك طرفك» للشاعرة جيهان عمر. وتبرز الخلفية الشعرية للمؤلفة في نصوص المجموعة التي اتسمت بالتكثيف اللغوي والبعد عن الاستطراد، فضلاً عن اللعب على المفارقة والتناقض، ومراوغة المسافة بين الظاهر والباطن أو الداخل والخارج.

وبشكل عام، يشكل البوح الذاتي والبراعة في التقاط التفاصيل الصغيرة ورصد كل ما هو هامشي بعناية كبيرة مفتاحاً لفهم التجربة القصصية التي بدت في بعض المواضع وكأنها امتداد على نحو ما لقصيدة النثر.

وصدر لجيهان عمر عدد من الدواوين، منها: «حين أردت أن أنقذ العالم» و«الذاكرة خلف المرآة» و«قبل أن نكره باولو كويللو» و«بأقدام خفيفة».

من أجواء المجموعة نقرأ:

«كنت أرتب المكتبة جالسة على الأرض مختفية وراء كومة من الكتب، حين جاء أخي ليخبرني بأن هناك ورقة من فئة المائة دولار خبأها يوماً في أحد الكتب، ولكنه نسي اسم الكتاب. جعلني ذلك أتصفح كل كتاب لأبحث عنها علَّني أسبب له فرحة إيجادها.

كان يمر كل فترة مبتسماً في البداية، ثم مشفقاً بعد ذلك، وقد بدأت ملامح الإرهاق تظهر على وجهي، فأخبرني بأنه آسف؛ إنها مجرد كذبة أبريل. قال إنه لم يملك أبداً ورقة من فئة المائة دولار. غضبت في البداية من ضحكاته المنتصرة، ثم تساءلت: لماذا لم يولد غيري بهذا العيب الخلقي المُسمى التصديق.

نِمتُ بعدها كأي طفلة تصدق تماماً أنها بلهاء. كل حياتي بعد ذلك كانت مجرد مائة دولار وهمية خبأها أحدهم في قلبي وأنا لا أتوقف عن البحث؛ البحث عن أشياء مفقودة. أشياء لم توجد أبداً، ولكنها تضحك فقط في عقل الكاذب وتتشفى في ملامحي المرهقة.

كذبات أبريل ملأت العام؛ كذبات أفسدت عليَّ الحياة مثل قطرات الحبر على رداء جديد، يأتون غالباً بمزيد من الكذبات المتوالية وكأنها كنزهم الثمين، وأنا التي أتناولها كقطع (البيتي فور) الصغيرة حتى أمتلئ وأطلب منهم التوقف، والكَفّ عن مناولتي كذباتهم البيضاء والرمادية والمغطاة بالشوكولاته السوداء.

حتى صديقتي فاطمة التي وُلدت في الأول من أبريل، أتخيلها أحياناً غير موجودة، وأنها لم تُولد أبداً، وأنني سألتفت يوماً فلا أجد حنانها. حلمت اليوم أن قلبي يمتلئ بأوراق نقدية كثيرة، وأنا أقلّب فيها ولا أتوقف عن البحث. كل ما أتمناه أن أستيقظ يوماً مثل أي شخص بالغ؛ أن أقضي اليوم كله دون أن أصدق».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي