نتنياهو مع "رصيف وتجويع" شمالاً و"سندخلها وحدنا" جنوباً: ما رد السنوار بعد "الشفاء"؟  

الامة برس
2024-03-24

 

بنيامين نتنياهو (ا ف ب)القدس المحتلة- ما يحدث الآن في قطاع غزة، وعلى رأسه اقتحام ناجح للجيش الإسرائيلي و”الشاباك” في مستشفى الشفاء، يحدث في ظل الأحداث التي تجري في الساحة الدولية؛ ففي الولايات المتحدة تزايد للتوتر بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل على خلفية الصعوبات في ضخ المساعدات الإنسانية وتفشي ظاهرة الجوع أو شفا الجوع في القطاع، في حين تجري جولة أخرى من المفاوضات في قطر برعاية أمريكية في محاولة للدفع قدماً بصفقة لإطلاق سراح جزء من المخطوفين.

رداً على استياء الإدارة الأمريكية، تعهدت إسرائيل قبل عشرة أيام بإغراق القطاع بالمساعدات الإنسانية، وهو تعهد لم يتحقق على الأرض حتى الآن. إسرائيل لا تعيق إنزال المساعدات الأمريكية وإقامة الرصيف البحري على شاطئ غزة، لكن لم يتم حتى الآن الإبلاغ عن موافقة حول إدخال البضائع منه إلى شمال القطاع عن طريق معبر إيرز. المساعدات الإنسانية تصل بوتيرة لا تلبي الطلب في القطاع، ولا تمكن من مواجهة ناجعة لخطورة الوضع بعد خمسة أشهر ونصف من الحرب.

منظمات دولية تنشر يومياً تحذيرات حول خوفها من تفشي الجوع في أوساط السكان الفلسطينيين الذين اضطر معظمهم إلى الهرب نحو منطقة رفح في الجنوب. الوضع في شمال القطاع أخطر لأن الجيش الإسرائيلي دمر معظم المباني والبنى التحتية هناك أثناء القتال، وجزء كبير من التموين المخصص للشمال تم سلبه وهو قادم من الجنوب.

الإدارة الأمريكية التي أظهرت دعماً واضحاً لإسرائيل طوال الحرب وتسامحاً كبيراً إزاء تملص نتنياهو من مناقشة اليوم التالي للحرب في القطاع، غيرت أسلوبها مؤخراً. اتضح هذا في الاتصالات التي جرت مؤخراً في الأمم المتحدة حول صيغة قرار مجلس الأمن الذي يطلب إعلاناً عن وقف إطلاق النار في القطاع. طبيعة الصعوبات مع الولايات المتحدة تدل عليها الزيارات التي جرت هذا الأسبوع. في البداية، جاء غالنت في زيارة طارئة للتوسل للأمريكيين بتسريع تزويد السلاح للجيش الإسرائيلي. بعد ذلك، زيارة رون ديرمر ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، بناء على طلب من الرئيس الأمريكي لنتنياهو لمناقشة العملية العسكرية التي يعد الأخير بشنها يومياً في رفح.

الأمر المفاجئ أن القيادة في إسرائيل ترفض رؤية العلاقة بين الأمرين. بايدن يطلب من نتنياهو ضمانات للحفاظ على أمن المدنيين الفلسطينيين وإخلائهم من المنطقة بشكل منظم. في ظل غياب خطة مقنعة لإسرائيل، ستواصل الولايات المتحدة التعبير عن معارضتها الساحقة لاقتحام الجيش الإسرائيلي لرفح، وقد تؤخر وتيرة إرساليات السلاح التي يحتاج إليها الجيش في القطاع، وبالأساس في حالة تصعيد شامل مع حزب الله في لبنان.

في غضون ذلك، زار بلينكن البلاد، وكان لقاؤه مع نتنياهو قد عكس الفجوة في المواقف العلنية بين الدولتين. أعلن نتنياهو بأن على الجيش الإسرائيلي دخول رفح لـ “تصفية بقايا كتائب حماس”، وإذا عارضت الإدارة الأمريكية ذلك “فنفعل ذلك وحدنا”، أي رغم معارضة أمريكا. عملياً، يذكر نتنياهو أن عملية كهذه لن تبدأ في رمضان، وسيكون من الصعب القيام بها في ظل الاختلاف في المواقف مع الولايات المتحدة، وأنها عملية ستحتاج على أي حال إلى إعداد طويل.

في المقابل، حذر بلينكن -حسب تقرير في موقع “اكسيوس”- مجلس الحرب من أن إسرائيل قد تعلق لفترة طويلة في القطاع إذا لم تبلور استراتيجية خروج. وأكد بلينكن في تصريح لوسائل الإعلام أن الإدارة الأمريكية تصمم على فعل “كل ما يمكن” للتوصل إلى صفقة تبادل.

تفويض واسع ولكنه محدود

في نهاية الأسبوع الماضي، جرت في الدوحة جولة أخرى من المفاوضات مع دول الوساطة، الولايات المتحدة ومصر وقطر، في حين أن قيادة حماس الخارج موجودة في المدينة بشكل دائم. حسب مصدر إسرائيلي رفيع، وافقت البعثة الإسرائيلية على الاقتراح الأمريكي فيما يتعلق بعدد المخربين الذين سيتم إطلاق سراحهم في النبضة الأولى. ولكن حماس لم ترد بعد على هذا الاقتراح. في “أخبار 12” نشر أن رئيس “الشاباك”، رونين بار، انضم للبعثة بعد خلاف كبير في مجلس الحرب بين نتنياهو والوزراء ورؤساء أجهزة الأمن. وافق رئيس الحكومة في نهاية المطاف على إعطاء البعثة تفويضاً واسعاً للتفاوض، ولكن محدود جداً. قاد بار الطلب بإعطاء رؤساء البعثة هامشاً للمناورة في هذه المحادثات.

القرار النهائي في الطرف الفلسطيني يتعلق حتى الآن برئيس حماس في القطاع يحيى السنوار، الذي ما زال يختبئ في مكان ما في شبكة الأنفاق التي حفرتها حماس في القطاع. حسب المنشورات حول رد حماس على اقتراحات الوسطاء، يبدو أن هناك علاقة بينه وبين قيادة الخارج في قطر. على أي حال، يبدو أن السنوار هو الذي يعطي الكلمة الأخيرة إزاء مسؤوليته عن الإنجاز الذي سجلته حماس في نظر رجالها في الهجوم الإرهابي في 7 أكتوبر.

السنوار غير موجود حسب معرفتنا في مستشفى الشفاء في غزة، حيث تستمر عملية الجيش الإسرائيلي منذ أسبوع، ولكن اقتحام المستشفى يعكس الحالة النادرة نسبياً التي فيها أساس حقيقي للتفاخر العسكري بأهمية إنجازاته. قتل في هذه العملية حتى الآن -حسب الجيش الإسرائيلي- حوالي 170 مسلحاً من حماس و”الجهاد الإسلامي”، وتم اعتقال بضع مئات من المشبوهين. في هذه المرة، لا يدور الحديث فقط عن “رجال في جيل القتال”، بل عن عدد كبير من النشطاء المعروفين، وبعضهم كبير في التنظيمين. التحقيق معهم قد يثمر معلومات استخبارية قيمة، ستعمق الضرر العملياتي بأداء حماس. استمرار العملية قد يشكل أيضاً وسيلة ضغط على حماس على خلفية المفاوضات في قطر.

 

 

عاموس هرئيل

 هآرتس 24/3/2024







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي