فن تصليح المظلات في ليوبليانا صامد في وجه رياح الزمن  

أ ف ب-الامة برس
2024-04-21

 

 

   ماريا لاه إحدى آخر حرفيات تصليح المظلات في مشغلها في العاصمة السلوفينية ليوبليانا في 26 آذار/مارس 2024 (أ ف ب)   يتفرّد مَشغَل في العاصمة السلوفينية ليوبليانا في الحفاظ على حرفة تصليح المظلات الواقية من المطر، وفي ورشتها الصغيرة المليئة بخليط من كل نوع ولون، تقول ماريا لاه، الوحيدة التي تتقن هذا الفن "من ليوبليانا إلى بلغراد" إن "كل شيء قابل للتصليح".

فهذه المهنة انقرضت تدريجاً في أوروبا، وباتت ملايين المظلات المعطوبة تُرمى كل عام.

لكنّ ماريا لاه  تعتمد على زبائن من نوع جديد هم ذوو التوجهات البيئية الذين يتمسكون بقديمهم رفضاً للإهدار.

وتلاحظ الحرفية البالغة 56 عاماً في حديث لوكالة فرانس برس خلال انهماكها بترميم مظلة عمرها 50 عاما، إن موضة تصليح المظلات آخذة في البروز مجدداً.

على رفوف متجرها الواقع في وسط ليوبليانا، تتكدس آلاف قطع الغيار، من نسيج وأضلاع وكبسولات ونوابض، وعلى طاولات العمل آلة خياطة وأدوات مختلفة.

وتشرح ماريا لاه التي تتمتع بخبرة أكثر من 30 عاماً أن ترميم المظلة يستغرق في بعض الأحيان بضع دقائق فحسب، لكنه يستلزم أحياناً أخرى أياماً أو حتى أسابيع، وأن الأسعار أيضاً تتفاوت.

- تركَت كل شيء-

ولم تكن  ماريا نفسها تخطط لامتهان هذه الحرفة، لكنّ والدها الذي أسّس المتجر عام 1966 كان يعاني إعتام عدسة العين، فطلب منها مساعدته عندما كانت معلّمة في دار للحضانة.

وتروي أنه قال لها "إما أن تساعديني أو أقفل المشغل"، فما كان منها إلا أن تركت كل شيء لتتعلم الحرفة وتعمل مع والدها لمدة 14 عاماً.

وبعد هذا التردد في البداية، قررت الانخراط كلياً في هذا المجال. وتضيف صاحبة المتجر النشيطة ذات الشعر الرمادي القصير: "تبيّن أنني أملك الموهبة".

وبعد الوفاة المفاجئة للمؤسِس، ترددت ايضاً في إكمال مسيرته، لكنها أذعنت لضغط الزبائن، وفكّرت في أنها لا تستطيع التخلّي "عن مهارة فريدة في ليوبليانا!".

واليوم، لا تندم المرأة الخمسينية على قرارها، مع أن كثافة إنتاج المظلات الجديدة وتعدد الموديلات المتوافرة منها راهناً يجعل مهمتها صعبة.

لكنّها مصممة على الاستمرار في العمل بضع سنوات أخرى، ولا تعرف ما إذا كان أبناؤها سيرغبون في حمل المشعل ومواصلة العمل في هذا المجال، لكنها تؤكد أنها لن تجبرهم.

- "منقذتنا" -

وتؤكد ماريا لوكالة فرانس برس أن عملها يسير على ما يرام، لكنها تفضّل عدم إعطاء أية أرقام تفصيلية.

حتى أن عملها لا يتوقف صيفاً، إذ أن الأمطار باتت أكثر كثافة خلال هذا الموسم بفعل الاحترار المناخي. وتروي مثلاً أن حجم العمل في آب/أغسطس 2023 كان كثيفاً، إذ شهدت التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة يومها طقساً عاصفاً وماطراً لم يسبق له مثيل منذ نيلها استقلالها  عام 1991.

وفي الموسم الربيعي الحالي، يتقاطر الزبائن إلى مشغلها.

وتقول السبعينية دانيكا تيركون "أحبّ الاستمرار في تصليح مظلاتي إلى أن تُسلم الروح" ولا تعود قابلة للترميم. وتنتقد الاتجاه السائد نحو "المنتجات الجاهزة التي يرميها الناس بعد استخدامها ثلاث مرات فحسب". وترة أنهم "لا يدركون الضرر الذي يلحقونه بكوكب الأرض!".

أما  كاتيا بودا التي أحضرت مظلة جدتها الثمينة، فتصف ماريا بأنها "منقذتنا"، معربة عن أسفها لانقراض هذه المهنة تباعاً.

 وتشيد هذه المرأة الثلاثينية بـ"سحر التصليح" الذي تريد نقله إلى أطفالها، وهي تعشق المظلات المرممة التي تشكّل في ذاتها "نورا في الأيام الماطرة الحالكة".

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي