خدمة إسرائيل للقضية الفلسطينية
2024-04-05
أحمد عبدالتواب
أحمد عبدالتواب

 

قَدَّمت السياسة الإسرائيلية خدمات عظيمة للقضية الفلسطينية، خلال الأشهر القليلة الماضية، وكان هذا بالطبع عن غير قصد، إلا أنها قامت بدور كبير في شرح القضية للرأي العام العالمي من وجهة نظر الفلسطينيين، إضافة إلى توفير دلائل مادية قوية لا يجوز الطعن فيها، مسجلة بالصوت والصورة، عن جرائم الجيش الإسرائيلي البشعة ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، مع تجسيد جرائم قتل الأطفال، وعرقلة الإمدادات الغذائية والصحية، وقصف المستشفيات.. إلخ، كما فضح خطاب قيادات إسرائيل، المسجل أيضا بالصوت والصورة، عنصريتهم المتناقضة مع دعاياتهم التي تفبرك صورة أنها دولة ديمقراطية حديثة.. إلخ، وكانت كل هذه النتائج العظيمة بأكثر مما استطاع الفلسطينيون أن يحققوه لأنفسهم منذ بدأ النزاع مع العصابات الصهيونية قبل إنشاء دولة إسرائيل.

وبهذا صار من المُرَجَّح أن أصدقاء إسرائيل المقربين سيعيدون حساباتهم تجاهها، ليس لأنهم فوجئوا بأنها ترتكب جرائم حرب بشعة، ولا لأنهم صُدِموا بأن قادة إسرائيل بهذه العنصرية وهذا العنف، فهم يعلمون كل هذا وأكثر منذ سنوات، ولكن لأن إسرائيل، أمامهم، لم تعد، كما كانت في السابق، قادرة على إخفاء جرائمها ونياتها، أو التشويش على الفظائع التي تقترفها، ومحاصرة من يحاول إظهار الحقيقة للعالم. وأن هذا صار يهدد صورة أصدقائها في العالم. ومن خدمات إسرائيل الأخرى الكثيرة التي أفادت الفلسطينيين، أنهم تيقنوا من أنها بُوغِتَت بضربة حماس في 7 أكتوبر، بما يعنى فشل أجهزة استخباراتها المتعددة عن الرصد والمتابعة والتحليل وحصر الاحتمالات، مع غياب نوعية السياسيين الإسرائيليين القادرين على أن يتوقعوا أحداثاً قبل وقوعها بوقت كاف، كثمرة لفهمهم مجريات الأمور ولأسباب انفجار الأحداث، وإدراكهم مدى قُربهم أو بُعدهم عن لحظات الانقلاب النوعي الذى تتولد عنه أحداث عكسية قوية تحفر لنفسها وللواقع مسارات جديدة!

أضِف أيضاً أن مقولة (جيش إسرائيل الذى لا يُقهَر) تهافتت، بعد أن تبين أنها مجرد عبارة دعائية. فكما أنها، لإسرائيل، لا يجوز أن تلوح بها مجدداً، فإنها، للفلسطينيين، قد فقدت هيبتها، بل إنها صارت مادة للأجيال الفلسطينية الصاعِدة للسخرية من الجيش الإسرائيلي، الذى صار لديهم آلة جبارة على القتل والتدمير والتجويع والترويع، ولكنه أبعد ما يكون عن فرض أهدافه!

 

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-الأهرام

 

 



مقالات أخرى للكاتب

لا توجد مقالات أخرى للكاتب






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي