مستقبل الشرق الأوسط بين التفاؤل والتشاؤم  
2024-04-09
مصطفى الفقي
مصطفى الفقي

 

إن الذي يتأمل ما جرى في الأشهر الأخيرة يدرك أن الصراع العربي - الإسرائيلي أكثر تعقيداً وأطول عمراً، بل وأزيد على ذلك أنه يتجاوز ما كان يشطح إليه الخيال منذ سنوات قليلة، فلقد استيقظ الشرق الأوسط في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على زلزال سياسي اهتزت له أركان المنطقة حين تمكنت حركة "حماس" من السيطرة على مفاصل الدولة العبرية لساعات عدة حتى وصلت آلة الحرب الإسرائيلية إلى مواقعها لتحصد الأرواح وتقوم بعمليات إعدام في الشوارع لعشرات الألوف من أطفال فلسطين ونسائها وشبابها في واحدة من أكبر المجازر في التاريخ البشري المعاصر.

أدى ذلك الزلزال إلى هزة كبرى لدى كل الأطراف، وامتدت تداعياته لتصل إلى الأوضاع الداخلية والسياسات الخارجية لدول المنطقة وأصبحنا أمام موقف مختلف لم نكن على دراية باحتمالاته، وفي ظني كما قلت مراراً إن السابع من أكتوبر 2023 على المستوى الإقليمي يشبه تداعيات الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2011 على المستوى الدولي، لذلك فإن الحدث الكبير الذي جرى والسياسة العنصرية الاستعمارية التي مارستها إسرائيل تشير كلها إلى الأهداف الخفية للقوى الإقليمية في المنطقة.

كشفت تلك الأحداث عن جوهر السياسات التي تمضي وراءها القوى الإقليمية المختلفة وسقطت الأقنعة عن وجوه الفرس والترك واليهود، بل وبعض الدول الأخرى في أحشاء أفريقيا، خصوصاً في شرقها حيث نشطت إثيوبيا لمواصلة أساليبها بالضغط على أطراف العالم العربي مستهدفة مصر بالدرجة الأولى بسبب النزاع حول السد الإثيوبي الذي تبدو فيه ملامح الكيدية أكثر مما تظهر فيه أسباب الحاجة إلى مزيد من المياه أو توليد الكهرباء في الجانب الإثيوبي.

الذي يمعن النظر في التطورات التي جرت في غرب آسيا وشمال أفريقيا، وهما مركزا ثقل في المشرق العربي، يدرك أن مصر هي الجائزة الكبرى التي يسعى البعض إلى قطف ثمارها أحياناً أو تعويق مسيرتها أحياناً أخرى، ولا شك أن الأحداث الأخيرة أثبتت أن أجواء الشرق الأوسط تحمل سحباً داكنة تتجه نحو المنطقة التي عانت طويلاً وأصبح من حقها أن تستمد روح البقاء من ذاتها.

ويمكن أن نستعرض هنا بعض النتائج التي تمخضت عنها أحداث غزة وما يمكن أن تسفر عنه انعكاساً على العالم العربي ومصائر شعوبه، وأهم تلك النتائج التي تمخضت عنها ملابسات الأحداث والظروف التي أحاطت بها هي:

أولاً: راجت في الفترة الأخيرة أسطورة تتحدث عن خلافات جذرية بين السياستين الأميركية والإسرائيلية، وذلك في ظني وهم حقيقي وأكذوبة كبرى، إذ إن العلاقات بين الدولتين ذات طابع اندماجي كامل، فالدولة العبرية امتداد للولايات المتحدة الأميركية تحمي مصالحها وتحقق أهدافها، فتضرب الشرق الأوسط في مقتل كل سنوات عدة حتى تظل السيطرة الأميركية ذات وجود مستمر تحمي فيه أمن إسرائيل بينما تحمي لها إسرائيل على الجانب الآخر المصالح الدولية المرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، ولقد سمعت تصريحات من بعض المسؤولين في واشنطن يقولون: لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان علينا اختراع وجودها بسبب ما تقدمه لنا من خدمات استراتيجية وتسهيلات أمنية.

 

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-الاندنبدنت عربية



مقالات أخرى للكاتب

  • ساحات المقاومة وأهمية المفاوضة
  • هل يمكن التعايش المشترك؟!
  • أطفال فلسطين ومستقبل الصراع  






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي