"سوق الشِّعر".. أكثر من خمسة أيام في باريس

تكاد تكون فرنسا غير معنيّة بالحديث المستمرّ، منذ سنوات، بل عقود، عن تراجع حضور الشعر في المشهد الأدبي العالمي؛ إذ يعرف الشعر، في بلاد رامبو وبودلير، ديناميةً لم تنخفض تقريباً منذ عقود، والفضل في هذا يعود، أوّلاً، إلى قائمة من عشرات دور النشر، التي تُعرَف بـ"الصغيرة" (لقلّة تمويلها وقلّة عدد الكتب التي تُصدرها سنوياً مقارنة بالدور "الكُبرى")، والتي تحمل على عاتقها مهمّة إبقاء الشعر تحت الأضواء، في المكتبات ومعارض الكتب.

على أنّ دور النشر هذه ليست وحيدةً في المهمّة، إذ يقف إلى جانبها عددٌ من المهرجانات التي باتت غنيّة عن التعريف في فرنسا، كما هو حال مهرجانَيْ "ربيع الشعراء" و"سوق الشعر"، اللذين يعملان منذ سنوات على التقريب بين عالَم القصيدة وحياة الناس اليومية.

بدءاً من الأربعاء المقبل، وحتى الثاني عشر من حزيران/ يونيو الجاري، تحتضن باريس النسخةَ التاسعة والثلاثين من معرض "سوق الشعر"، الذي تستضيفه ساحة "سان سوبليس" في الدائرة السادسة من العاصمة الفرنسية. وتُعَدّ الفعالية أكبر تظاهرة شعرية في فرنسا، حيث تشارك فيها عشرات دور النشر، المختصّة بالشعر والعامّة.

ومثل "ربيع الشعراء"، لم يعد "سوق الشعر" مقتصِراً على الأيام الخمسة التي هي مدّة إقامته، ولا على العاصمة الفرنسية، إذ نظّم القائمون عليه، منذ مطلع أيار/ مايو الجاري، عشرات الفعاليات، من قراءات وحلقات نقاش وعروض، في مدن وبلدات وقرى فرنسية، في رغبة بالخروج من "النخبوية" و"الانغلاق" اللذين يرتبطان، في فرنسا، باسم باريس.

إضافة إلى توفير الإصدارات الشعرية، الجديدة والقديمة، أمام أيدي القرّاء، وحفلات توقيع، يحتوي برنامج "سوق الشعر" على العديد من القراءات والجلسات الموضوعاتية، حيث تُقام أمسيات جماعية تحت عناوين مثل "سلوفينيا" و"هولندا" و"لوكسمبورغ" و"إيطاليا" و"ألمانيا" وغيرها، حيث يشارِك شعراء وشاعرات من هذه البلدان في أمسيات مشتركة؛ كما تُقام طاولات مستديرة يشارِك فيها ناشرون ونقّاد وشعراء.

ويشهد "السوق" توزيع عدد من الجوائز الشعرية في نسخها لهذا العام، مثل "جائزة إيفان غول" و"جوائز غانزو"، في حين تحتفي هذه النسخة بلوكسمبورغ كبلد ضيف، وتكرّم ــ عبر سلسلة من القراءات والجلسات ــ الشاعر الفرنسي ميشيل دُغي، الذي رحل عن عالمنا في شباط/ فبراير الماضي.