قصائد أبديّة

2023-06-01

أديب كمال الدين

وَجَع

قالَ لي حرفي:

هل أوجعَكَ الحُبّ؟

قلتُ: بل أحرقَني وذرَّ رمادي

في أعماقِ جسدي

حتّى صارتْ كلُّ خليّةٍ في جسدي

قصيدةً تنتظرُ النورَ لتشرق،

وتنتظر النار

لتتعرّفَ إلى أمِّها التي أطلقتْها

صرخةً مُدوّيةً،

مثلما تنتظر الرماد

لتتعرّفَ إلى أبيها الذي قادَها

إلى بحرِ الظلمات.

٭ ٭ ٭

صدأ

قالَ لي حرفي:

ليتني أشرقُ في قلبِكَ

ليتحوّلَ إلى لؤلؤةٍ.

قلتُ: وماذا أفعلُ بها؟

قال: ليتني أشرقُ في لؤلؤتِكَ

لتتحوّلَ إلى حُلْمٍ.

قلتُ: وما أكثر أحلامي!

قال: ليتني أشرقُ في حُلْمِكَ

ليتحوّلَ إلى طائر.

قلتُ: وما أكثر طيوري!

آهٍ أيّها الحرف،

ليتكَ تشرقُ في طفولتي

لتعيدَ لها أعيادَها المسروقة،

وفي شبابي

لتزيلَ عنهُ طعناتِ الحُبّ

وشظايا الحرب،

وفي ماضيي

لتزيلَ عنهُ الصدأَ العظيم.

٭ ٭ ٭

أطلقْ روحكَ من قفصها

قالَ لي حرفي:

إذا أردتَ أن تكتبَ قصيدةَ حُبٍّ لا تُنسى

فاحبسْ لسانَكَ في قفصٍ

وأطلقْ روحَكَ من قفصِها

لترقصَ

وتتعرّى

وتبكي

وتهذي.

٭ ٭ ٭

اختصار

قالَ لي حرفي:

لا تتعبْ نَفْسَكَ بكلامٍ لا طائل منه.

واختصرْ قصيدةَ حُبِّكَ الكبرى

إلى حرفين فقط:

الكاف وسرّها الحاء

والنون وسرّها الباء،

بل اختصرْ كلَّ شيءٍ

وأرجعْهُ إلى النقطة.

نعم،

فمِن النقطةِ جئتُ

ومنها بُعثتُ

وإليها سأعود.

٭ ٭ ٭

وداعاً

قالَ لي حرفي:

كتبتَ مئاتِ القصائدِ والكتبِ عن الحُبّ

دونَ أن تنالَ شيئاً!

ألا تعرفُ أنّ بحرَ الحُبّ

لا يتوقّفُ عن الطوفانِ والهذيانِ أبدا

وأنّ مراكبكَ فيهِ لا تعرفُ إلا أن تغرقَ أبدا،

رغم أنّ الحاء

خُطّتْ على راحةِ يدِكَ اليمنى

والباء على اليسرى؟

ثُمَّ ألا تعرفُ أنّ أجملَ من كلمةِ «أحبّكِ»

هي كلمة «وداعاً»؟

ألا تعرفُ أن تقول

لمَن تُحبُّ «وداعاً»؟

٭ ٭ ٭

قصائد أبديّة

قالَ لي حرفي:

لقد أصبحتَ أنتَ القصائد التي كتبتَها

ولا شيء آخر؛

قصائدكَ بطفولتِها ذات الأعياد المسروقة،

وبشبابِها المُتلاطمِ كالموجِ الغاضب،

وبشيخوختِها ذات الأسنان الاصطناعيّة.

تذكّرْ هذا وابتسمْ قليلاً أو كثيراً،

فأنتَ تحوّلتَ من ضياعٍ أبديّ

إلى قصائد أبديّة!

شاعر عراقي








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي