السياسي في القلق

2023-06-12

قاسم حداد

أحياناً يقلقني شعور بأنني، ربما، كتبت شعراً أكثر من اللازم، وكأنني أحتاج للتخلص من حواشٍ زائدة في كتبي. كأن هذا الشعور يجعلني مستعدا لبداية جديدة حقاً.. وسرعان ما أشعر بأن ذلك يكفي.

يتوجب أن أقضي الوقت الباقي في القراءة.

٭ ٭ ٭

 السؤال السياسي هو من بين مكونات القلق الكوني في الإنسان. وليس من الحكمة الخضوع لأوهام الطهرانية من السياسة. بقي أن أقول إن السؤال السياسي هو الهاجس الحضاري الأعمق من نشرة الأخبار اليومية.

٭ ٭ ٭

إنني أتعلم يوميا من تجربة النشر الإلكتروني، ومن التقنية الإلكترونية عموماً. وأثق أيضا في أن هذه التجربة سيكون لها الدور الكبير في تحولات الشعرية العربية، إذا ما نحن أحسنّا معرفة هذه الوسائط، وتعاملنا معها بشعور من يرغب في الاتصال الأجمل بالعالم والحياة والكتابة والإبداع. أما الكِتاب الورقي فسوف يحتفظ بحضوره الخاص فترة طويلة، فالجديد لا ينفي القديم لكن يضعه في مهب التبلور والجماليات المغايرة.

٭ ٭ ٭

 منذ سنوات طويلة قلت مرة: (في الفن القناعة كنز لا ينفع). كل ما أنجزته حتى الآن هو أسئلة صغيرة في عالم يزدحم بالأجوبة. النقص هو قانون حياتنا، ومن الحكمة أن نترك الباب موارباً، ولا نبالغ في الثقة بما نفعل.

٭ ٭ ٭

– لا نهرب من موضوعية الواقع (المزعومة)، لكننا نحاول فقط ألا نسمح لها بالسطو علينا لحظة الكتابة، فنحن لا نحاكي الموضوع بل نستجوبه، نحاوره، وننقضه، ولا نكترث به إلا بوصفه اقتراحاً غير مُلزم لأحلامنا.

طيلة كل هذه الأعوام، مَنْ يقوى على الزعم بأنه لا يتغير غير الأموات.

٭ ٭ ٭

المعرفة

عليك أن تعلمني كيف أطير

٭ ٭ ٭

 لسنا في عجلة من أمرنا

ثمة أجنحة كثيرة

وقليل قليل من الهواء

قليل لا ينعش الدم

ولا يسعف الريش

وليس للروح سطوة عليه

٭ ٭ ٭

لكن عليك أن تعلمني كيف أطير

٭ ٭ ٭

تعلمتُ إلا قليلاً

كيف يموت الميتون

وكيف تزدرد السباع بقية القتلى

وكيف لسورةٍ تُتلى

غيابٌ لا يكلُّ.

تعلمتُ ازدحام الباب بالماضي

وكيف تدرّبُ الأمواج ماءَ البحر

كي يَغرق.

تعلمتُ السباحة في خضم الموت

كيف أموت دون تجرّع الكأس القديمة

كيف أعرف أن درس العوم

أبعد من شواطئنا

وأن الطير يسبح خارج الأمواج

كان البحر يغري بالرحيل

وأعرف كيف طار الطير قبل البحر

أعرف

مَنْ يعلمني على الريح

انتهى بي في الطويل من الطريق.

٭ ٭ ٭

إنْ مَرَّ الغريبُ على جدار البيت

إنْ نامَ الغريبُ على فراش البيت

إنْ سألَ الغريبُ عن البنات

وفاته أن الغريب يظل غربة بيته

يتعلّم الموتى من الموت الطويل

ثلاثة في غربةٍ

ماء الغريب

ووردة القتلى وترتيل القراءة

ليس لي في مهرجان البيت غير تضرّع الأطفال

يصطرعون في الممشى

ولي في آخر البيت العتيق

جلاوزة يغنون الأغاني.

في مكاني أرقب القتلى

يتسابقون على الجحيم

كأنهم لا يدركون نهاية الممشى

هنا في صحوة الأطفال

قبل البحر

قبل الطير والأمواج

قبل تفتح الأزواج

سوف أعرف كيف أنَّ ثلاثة في واحدٍ

طيرٌ وزرقةُ موجةٍ وتلهفُ الغرقى

سأعرف أن ثلاثة ماتوا على بحر الخليج.

شاعر بحريني








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي