قيودٌ من حرير

2023-06-13

رزان الحسيني

تصطادني وحشة الأماكن

رغم إتراع عيني بلوحات الوردِ القديمة

ويلحقُ بي شبحُ امرأةٍ عاشت في الخمسينيات

تهمسُ في أذني عن بابٍ يُفتح للمُختارين

في قاعِ الفرات

تُغريني بمهمّةِ نقلِ الشمعِ من الأحياءِ إلى الموتى

سأكون ملاكَ الشمع، إذاً؟

ومثل الفرات الذي لا يكتفي بالحصى

ولا بالغرقى،

أعطِني ما لديك،

هل تظنُّ بالخطّافِ الصدئ لصوتكَ ستصطادُ امرأةً مُصطادة؟

عبثاً، كلّ الأصوات التي أسمعُها صوت بكاءٍ لا أكثر.

مجبولة من الكلمات،

حروفٌ أُخرى لن تهدِمَني

والضجيج الذي تصنعهُ

مرةً يُضفي جمالاً خجولاً

ومرةً أطحنهُ بمنظاري المفطور

أخلقُ منه أسطوانةً لا تعرفُ عن نصوعها شيئاً

وفي الحالتين، ستصدحُ سمفونيّتي

متّنزِهةً أبداً مثل فنّانٍ سجين.

بُرج منارتي مُضاءٌ بالعشبِ الصارخِ كلَّ صباح

فلماذا إذن

تهاجرُ السفنُ مرفأ قلبي

المنيع على الأوبئة، الأصمَّ عن الأزمات.

ربما جفّ ماؤك، أيها السائل

هل تفقدتَ نهرك مرتين؟

أنتظرُ الخريف

يتساقطُ المرءُ فيهِ دونَ ملامةٍ

أو تطليعةٍ فضوليّة..

يحدثُ أن يصلَ ولا أجدُ سقوطاً أقدمّهُ أمامه

أنظرُ حولي

لا شجرةً،

لا عشباً،

لا نوافذَ، ولا قلوب

أهو ذنبي

حين يكون كلُّ العامِ خريفاً؟

الشعرُ الذي يغلي في معصميّ

يُحصّنني ضد شموسٍ ميّتة

تحاول ضمّي، وتأسى عليّ،

تصارعُ أملي المُثلجَ دوماً على تلك المنارةِ الهامدةِ

حتى وإن كنّا في تموز.

أملي

يسقي أرضاً محروقة، ويرسمُ لوحةَ خلقٍ زاهيةً

عن دربٍ بالأبيض والأسود..

أيها القيدُ من الحرير،

أيها الأذان بعد الفاجعة!

أرضي ورقٌ، وسمائي مرعى المأساة

افتح ما شئتَ من الأبواب

لن تلقى وراءها سوى الهجر والعناكب.

كاتبة ومترجمة من العراق








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي