إيكونوميست: هجوم حماس بدد أوهام نتنياهو بشأن تهميش الفلسطينيين.. ويجب التعامل معهم كشعب  

2023-10-09

 

حسابات نتنياهو لتهميش الفلسطينيين قامت على ثلاثة اعتبارات، وكلها طارت في الهواء مع هجوم حماس (أ ف ب)علقت مجلة “إيكونوميست” على الهجوم الجريء لحركة لحماس، وفشل إسرائيل الأمني في منعه، قائلة إن سياسة إسرائيلية استمرت عقدين من الفلسطينيين اشتعلت فيها النيران.

وتحت عنوان “الدروس من هجوم حماس على إسرائيل” قالت المجلة: “من الصعب رؤية أبعد من صدمة هجوم حماس المتعطش للدماء على إسرائيل، لأنه تضمن آلاف الصواريخ والمقاتلين الذي هاجموا جنوب الدولة العبرية من البر والبحر والجو”. وتسبب الفشل في توقع الهجوم رغم حجمه الكبير، بالمهانة لأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية المتفاخرة.

ومن السابق لأوانه معرفة ما ستتكشف عنه الأسابيع المقبلة، فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتدفيع حماس “الثمن الباهظ”.

وتقول المجلة إن الرد الإسرائيلي يحمل مخاطر أيضا، فإرسال القوات إلى غزة قد يتحول إلى حرب شوارع دموية، ويعرض حياة الرهائن الإسرائيليين للخطر. وكلما طال أمد الحرب، فهناك إمكانية لأن ينتشر العنف إلى الضفة الغربية أو لبنان. كما أن وفاة المدنيين في غزة، خاصة لو نُظر إليه باعتباره وحشية، سيضر بمكانة إسرائيل في العالم، ويوصف بأنه خطأ عميق.

لكن ليس من المبكر القول إن هذا الهجوم وضع حدا لعقدين من السياسة الإسرائيلية التي قامت على اعتقاد بتجاهل السيادة الفلسطينية للأبد، ومحاولة عقد صلات مع بقية الشرق الأوسط. ومهما كانت نتيجة هذه الجولة، فإن الشيء الجديد هو البحث عن إجابات لسؤال حول كيفية تعايش الفلسطينيين والإسرائيليين بسلام.

فحسابات نتنياهو لتهميش الفلسطينيين قامت على ثلاثة اعتبارات، وكلها طارت في الهواء مع هجوم حماس. الأول، لو تركت القضية الفلسطينية تتعفن، فيمكن للإسرائيليين العيش بأمان. ونتيجة للانتفاضة الثانية والعدد الفظيع من الضحايا فيها، قامت إسرائيل بحصر الفلسطينيين داخل أسوار أمنية. فالقوة الأمنية الخارقة والقبة الحديدية، أعطتا إسرائيل انطباعا أن التهديدات المسلحة من الفلسطينيين يمكن التحكم بها. وقد انهار هذا المفهوم اليوم، وواحد من أسباب ذلك، هو حرف انتباه الاستخبارات عن غزة والتركيز على الضفة الغربية، خدمة لأهداف اليمين المتطرف التوسعية.

وفي جنوب لبنان، هناك ترسانة مخيفة لحزب الله جاءت في معظمها من إيران. ولا أحد يشك بأن إسرائيل قادرة على تأكيد هيمنتها العسكرية على الفلسطينيين، لكن لو كان قادتها العسكريون وجواسيسها يعتقدون أن هذا سيوفر الحماية للمواطنين الإسرائيليين، فربما يكون للناخبين رأي آخر، وأن العودة للوضع الراهن غير كاف.

أما الفرضية الثانية، فهي أن وجود حماس يعطي إسرائيل القدرة للتعامل مع فتح، الحزب الفلسطيني الذي يدير الضفة الغربية. واعتقدت إسرائيل أن سياسة “فرّق تسد” تبقي على الفلسطينيين ضعفاء، وأن وجود المتشددين يمكن أن يقوض من مصداقية المعتدلين كشركاء سلام، وكل هذا ناسب نتنياهو وكان جيدا له.

وبالهجوم الأخير، فقد استنفدت هذه الفكرة غرضها. فواحد من الأسباب التي دفعت حماس للهجوم هي أن سياسة فرق تسد، خلقت الظروف التي تحولت فيها فتح إلى حركة فاسدة ومنفصلة عن الواقع. فزعيمها، محمود عباس مريض. وبهذا الهجوم، تزعم حماس أنها الصوت الحقيقي للمقاومة الفلسطينية، فالخلافات الفلسطينية الداخلية كانت من أجل حماية الإسرائيليين، ولكنها انتهت لتجعلهم هدفا.

الفرضية الثالثة وهي أن إسرائيل يمكن أن تعزز من مكانتها في الشرق الأوسط حتى لو تركت الفلسطينيين مهمشين. وقد تعزز هذا الموقف من خلال توقيع اتفاقيات إبراهيم مع البحرين والإمارات عام 2020، إلى جانب المغرب والسودان. وحتى وقت قريب، كان من المتوقع أن تنضم السعودية إلى النادي، وربما تفعل ذلك، لكن حماس أظهرت أن الفلسطينيين لهم رأي أيضا.

وتقول المجلة إن العملية القادمة ضد حماس ستضيف زخما للحس بأن الوقت قد حان للبحث عن نهج جديد. وبعد السبت الدامي، يجب ألا تحطم إسرائيل حماس لكي تظل هذه تحكم غزة، وكأن شيئا لم يحدث. ومع ذلك، لا توجد بدائل سهلة، فالجيش الإسرائيلي لا يريد احتلال غزة، ولهذا السبب فالقطاع يحكم نفسه، كما أن قوة حفظ سلام من الصعب تخيلها، فلا دولة تريد تحمل المسؤولية.

ولو دمر الجيش الإسرائيلي حماس في غزة وعاد إلى قواعده مرة أخرى، فلا أحد يعرف أي قوة مدمرة ستملأ الفراغ الذي تُرك. وعلينا ألا نقلل من المصاعب التي المقبلة. فقد أدت الانتفاضة الثانية لتحول الشباب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. وبالتأكيد، فهذا الغضب الأخير سيخلق جيلا من الإسرائيليين لا يستطيع تخيل كيف يمكن أن يكون فصيل فلسطيني شريكا في السلام. وفي الوقت نفسه، سيزيد الائتلاف المتطرف الذي يركز على ضم الضفة الغربية من جهوده الاستيطانية.

ورغم كل هذا، على الإسرائيليين المتعنّتين أن يبدأوا مرة أخرى بالتعامل مع الموضوع الفلسطيني. ويحتاج جهاز الأمن الإسرائيلي لطرف يعمل معه، ولهذا فهو بحاجة لمحاور فلسطيني. وما سيحدث لاحقا يعتمد على مَن هو في السلطة في إسرائيل، ففي الوقت الحالي تتحد إسرائيل، لكنها ستدخل في مرحلة حساب مُرّة، يمكن أن تقود إلى تحالف جديد وحتى رئيس وزراء جديد.

ولو أراد الإسرائيليون الأمن، فعلى مَن هو في السلطة التوقف عن التفكير بأن الموضوع الفلسطيني يمكن وضعه على الرف والبدء بالتفكير بهم كشعب يمكن التعامل معهم.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي