ميدل إيست آي: العنصرية تنتشر في بريطانيا ضد الفلسطينيين.. وتعد علم فلسطين "إرهابي"

2023-10-11

دعم سوناك القوي لما سيقوم به نتنياهو في الأيام المقبلة، ليس خيانة للفلسطينيين فقط، بل تهور وقلة مسؤولية، كما يقول الموقع (أ ف ب)نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا عن وباء العنصرية المنتشر في بريطانيا ضد فلسطين والفلسطينيين بدون أن يتحداه أحد.

وفي التقرير الذي أعده بيتر أوبورن وعمران ملا، قالا فيه إن هناك مخاطر من استيراد بريطانيا الدم في غزة لو استمر من يفترض أنهم مفكرو التيار الرئيس، بنشر التعصب ومعاداة المسلمين بطريقة متهورة وسامّة.

ففي النقاش حول الحرب في غزة، ألقت سويلا برافرمان، وزيرة الداخلية، بثقلها يوم الأحد عندما حذرت بأنه لن يتم التسامح مع “معاداة السامية وتمجيد الإرهاب في شوارع بريطانيا”.

ويقول الموقع إن برافرمان محقة في كلامها، وعلى أنصار القضية الفلسطينية الاعتراف بأن واحدا من واجبات وزير أو وزيرة الداخلية هو منع اندلاع العنف في شوارع بريطانيا، وليس أكثر عندما تندلع الحرب في الشرق الأوسط، وما تولده من غليان عند الطرفين. وهناك حاجة للتفكير العقلاني والتحضر في أوقات كهذه.

ولسوء الحظ، فتدخل وزيرة الداخلية كان لدعم طرف واحد. فخلال الأيام الماضية، شهدت بريطانيا فيضاً من العنصرية المعادية للفلسطينيين والتعصب ضد المسلمين، وكانت برافرمان صامتة بدون مبرر. كما ظهر التعصب من أشخاص في مواقع مسؤولية.

فمحرر صحيفة “جويش نيوز”، ريتشارد فيرر، كتب في “ديلي إكسبريس” يوم الأحد، أن هجوم حماس على إسرائيل كان “بشكل واضح وبسيط تعطش تاريخي إسلامي للدم يتم توارثه عبر الأجيال منذ ميلادهم”.

ويقول الكاتبان، إن هذا الكلاك “سام”، ويوقع على “فرية الدم” بعد ردة الفعل تم تغيير كلمة “إسلامي” واستبدالها بالإسلاميين. أما محرر صحيفة “جويش كرونيكل” جيك واليس سايمونز، فقد كتب تغريدة في نفس اليوم، أن “معظم الثقافة الإسلامية تسيطر عليها فكرة عبادة الموت والتي تقدس سفك الدم، ليس الجميع، ولكن هناك الكثير من المسلمين تعرضوا لغسيل عقول بسببها”، وبعد ردة الفعل حذفها مع أنه تركها ليوم.

ويقول الكاتبان إن هذه التعليقات التحريضية تحمل مخاطر جلب الدم إلى بريطانيا نفسها. فشهوة المسلمين لسفك الدم وعبادة الموت عند المسلمين ليست خطيرة فقط، بل بدون سند تاريخي.

ومن المناسب تذكر أنه عندما فرّ اليهود من قمع المسيحيين في إسبانيا عام 1492، وجد الكثيرون منهم ملاجئ آمنة في العالم الإسلامي واحتضنتهم الدولة العثمانية. وأكد المؤرخ اليهودي والمحاضر في جامعة أوكسفورد آفي شلايم في كتابه “عوالم ثلاثة: مذكرات يهودي عربي” على “التقاليد القديمة للتسامح الديني والتاريخي من الانسجام بين القطاعات المختلفة في المجتمع” العراقي حيث ولد. وكما قال شلايم “احتاجت أوروبا فترة أطول من العالم العربي كي تقبل اليهود كمواطنين على قدر المساواة”.

ومن الصعب المبالغة في هيبة هذه اللحظة بتاريخ الشرق الأوسط الحديث، وهي من أكثر اللحظات رهبة منذ حرب يوم الغفران قبل 50 عاما. وتحتاج ممن هم في موقع المسؤولية التصرف بهدوء وتجنب الخطاب التحريضي.

ومع ذلك انضم آخرون للتحريض، فقد كتب محرر “صن” السابق كيلفن ماكينزي، محاولا استخدام الأحداث المأساوية كسلاح، قائلا: “صوّت لستارمر تحصل على الإسلام”، في إشارة لزعيم حزب العمال، حيث أطّر المسلمين البريطانيين وكأنهم العدو الوجودي. وتخيل ردة الفعل لو استبدل ستارمر بريشي سوناك، وقال إن التصويت له يعني “الحصول على الهندوسية”، حيث سيوصف حالا بالتعصب.

ونشر دوغلاس موراي، الذي يكتب بشكل منتظم لمجلة “سبكتاتور” و”صن” صورة لرجلين في نيويورك يحملان لافتة تقول: “يهود من أجل فلسطين حرة” ووصفهما بأنه “أغبى ناس في نيويورك اليوم، يهود للانتحار الجماعي”.

وفي عنوان بصحيفة “تايمز” اللندنية، كتبت: “اليهود البريطانيون يحضّرون أنفسهم لجرائم كراهية في وقت تحتفل الجماعات المؤيدة لفلسطين”، وربطت الصحيفة بوضوح أنصار فلسطين بمعاداة السامية. وهذا أمر كريه، لكن من الخطأ والخطر التلميح بأن كل تعبير عن هوية فلسطينية ودعم لحق تقرير الفلسطينيين، وهو كفاح مشروع في ظل القانون الدولي، يعتبر خطأ أخلاقيا بل وإرهابي.

وأصبح مقبولا في الخطاب البريطاني التلميح بأن العلم الفلسطيني نفسه -وهو ليس علم حماس- بأنه عيب أخلاقي وإرهابي. وهذا يعني أنه لا توجد طريقة يعبر فيها الفلسطينيون عن أنفسهم بدون وصمهم بالإرهاب. وبات الدعم للحرية الفلسطينية وتقرير المصير يوصف بأنه “بربري”، ويتم التعامل مع التضامن مع الفلسطينيين بأنه دعم للوحشية.

وليس هذا فقط في المجال الصحافي، وبل والأكاديمي أيضا. فقد وضع أستاذ الفلسفة بجامعة كامبريدج، جيمس أور، تعليقا على فيديو يصور جماهير في مدينة مانشستر يلوّحون بالأعلام الفلسطينية ويهتفون “الحرية لفلسطين”، متسائلا: “هل شهدت الشوارع البريطانية أمرا كريها أكثر من هذا؟”، وربما رد البعض عليه بنعم، شهدت، ولكن ما شعور الطلاب الفلسطينيين بجامعة كامبريدج  من موقف أور؟

وغردت الأكاديمية في كامبريدج تشارلوت براودمان، بتغريدة فيها فيديو لسيارة مزينة بالعلم الفلسطيني وتطلق صفارتها إلى جانب دراجة نارية تحمل علما مماثلا وبتعليق: “الاحتفال بقتل واختطاف الإسرائيليين ربما كان أبشع أنواع الكراهية التي رأيتها في شوارع لندن”. وفي الوقت نفسه، أمر رئيس الوزراء سوناك برفع العلم الإسرائيلي على 10 دوانينغ ستريت، ووعد بدعم لا لُبس أو تردد فيه لإسرائيل.

لكن التاريخ القريب يعلمنا أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة، فقد قُتل حوالي 1500 مدني فلسطيني في عام 2014 أثناء عملية الدرع الواقي. وفي 2018، قُتل أكثر من 200 فلسطيني أثناء تظاهرات العودة وجرح 36000 .

وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الإثنين، بفرض حصار كامل على قطاع غزة ومنع إدخال الطعام والكهرباء والوقود، ويشتم من هذا رائحة العقاب الجماعي لـ2.3 مليون فلسطيني والذي يعتبر جريمة حرب في ظل القانون الدولي. وعندما مُنح وزير الخارجية جيمس كليفرلي فرصة لشجب هذا، رفض.

ومن الملاحظ أن الصحافة الإسرائيلية متوازنة أكثر من بريطانيا، فقد حمّلت صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها يوم الأحد، بنيامين نتنياهو مسؤولية هجوم حماس، قائلة: “المسؤولية تقع بشكل واضح على شخص واحد: بنيامين نتنياهو”. واتهمته بالفشل “في تحديد المخاطر وهو يقود إسرائيل نحو تشكيل حكومة الضم والتشريد، عندما عين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير في مواقع مهمة، في وقت تبنّى سياسة خارجية تتجاهل حقوق الفلسطينيين”.

ودعم سوناك القوي لما سيقوم به نتنياهو في الأيام المقبلة، ليس خيانة للفلسطينيين فقط، بل تهور وقلة مسؤولية، كما يقول الموقع.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي