الغارديان: هجمات "حماس" كشفت عن تدهور العلاقات الروسية- الإسرائيلية.. وأوكرانيا تستعد لملء الفراغ

2023-10-12

تعلق الصحيفة بأن التحول في النبرة يؤشر إلى شقٍّ أوسع بين موسكو وتل أبيب، والذي بدأ منذ الحرب على أوكرانيا (أ ف ب)نشرت صحيفة “الغارديان” تقريراً لمراسلها بيوتر سوير قال فيه إن هجوم “حماس” على إسرائيل، نهاية الأسبوع الماضي، كشف عن مستوى تدهور العلاقات الروسية– الإسرائيلية، فلم يصدر بعد عن الرئيس فلاديمير بوتين أي شجب للهجمات ضد إسرائيل، واكتفى بالحديث عن فشل الدبلوماسية الأمريكية.

وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طالما صوّرَ نفسه صديقاً لبوتين. وفي مذكرات صدرت له أثناء الحرب الروسية على أوكرانيا، امتدحَ نتنياهو، وبشكل مستمر، الزعيم الروسي لذكائه، وتحديداً موقفه الصديق للشعب اليهودي. وبالمقابل، قدَّمَ بوتين نفسه، وعلى مدى السنين بأنه حليفُ دولة إسرائيل ودعم العلاقات الثقافية والتأشيرات الحرة بين البلدين.

وبعد الهجوم الأسوأ الذي تعرضت له إسرائيل، فإن الصداقة التي تم الحديث عنها باستمرار تلاشت، على ما يبدو، فبعد أربعة أيام على  هجوم “حماس” المفاجئ، لم يتصل بوتين بنتنياهو، فيما لم يُصدِر الكرملين رسالة تعزية، وهي لفتة دبلوماسية عادة ما ترسلها روسيا وبشكل روتيني للقادة في العالم بعد أحداث دموية.

وفي يوم الثلاثاء، كشف بوتين، وفي أول تعليق له على اندلاع العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، عن السياسة الأمريكية الفاشلة في الشرق الأوسط، والتي لم تهتم باحتياجات الشعب الفلسطيني. وقال: “أعتقد أن الكثير من الناس يوافقون معي على أن هذا مثالٌ حيّ عن فشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط”، وبدون الحديث عن القتلى في إسرائيل.

وتعلق الصحيفة بأن التحول في النبرة يؤشر إلى شقٍّ أوسع بين موسكو وتل أبيب، والذي بدأ منذ الحرب على أوكرانيا.

 وظلَّ بوتين على مدى سنين حكمه حريصاً على بناء علاقات قوية مع إسرائيل ودعم القضية الفلسطينية، وهو تحالف نابع من الحقبة السوفييتية. ونجحت الدبلوماسية الروسية عندما رفضت إسرائيل الانضمام للدول الغربية وفرض عقوبات على روسيا، ما أغضبَ كييف، التي اتهمت إسرائيل بتجاهل معاناة اليهود في أوكرانيا.

 وتحت السطح، كان هناك تدهور في العلاقات بين روسيا وإسرائيل بسبب مزاعم بوتين بأنه يخوض حرباً ضد “النازيين الجدد” في أوكرانيا، وتحويل مسار بلده باتجاه إيران التي تعتبر العدو اللدود لإسرائيل.

 ونقلت الصحيفة عن الحاخام بنحاس غولدشميدت، الذي ظل الحاخام الأكبر لموسكو مدة 39 عاماً، قبل أن يفرّ جراء معارضته للحرب: “بردت العلاقات [بين روسيا وإسرائيل] والتي شاهدناها تحت بوتين، ونحن  الآن في عالم مختلف”. وأضاف أن “إسرائيل كانت حذرة وطورت علاقات جيدة مع موسكو في ضوء الجالية اليهودية الكبيرة وتأثيرها في سوريا”.

وقال غولدشميدت إن الكثيرين من اليهود في روسيا لم يرتاحوا من تأطير بوتين الحرب، ومقارنة الحكومة الأوكرانية بألمانيا النازية لتبرير غزو البلد. وخرجت التوترات للعلن في الصيف الماضي، عندما اتهم مسؤولون روس إسرائيل بدعم “النظام النازي” في كييف. واندلع الخلاف عندما نَشَرَ وزيرُ الخارجية معلومات عن نظرية مؤامرة تقول إن هتلر لديه دماء يهودية، وهو تعليق وصفته إسرائيل بأنه “لا يغفر، ومستفز”.

ولاحقَ الكرملين الفرعَ التابع للوكالة اليهودية في موسكو، وهي المنظمة المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، والتي ساعدت على ترحيل عشرات الآلاف من المهنيين اليهود الروس للهجرة إلى إسرائيل. وما زاد قلق إسرائيل هو الاعتماد الروسي المتزايد على إيران، فقد استثمرت موسكو، التي باتت معزولة عن الأسواق الغربية، المسيّرات الانتحارية الإيرانية من أجل استخدامها في أوكرانيا، في وقت حذرت فيه الولايات المتحدة من محاولات إيران الحصول على أعداد كبيرة من المروحيات القتالية والمقاتلات وأنظمة الدفاع الجوي.

 ومع تعهد الولايات المتحدة بتقديم الدعم لإسرائيل بعد هجوم “حماس”، عبّرَ المعلّقون المؤيدون للكرملين بأن هذه الخطوة ستؤثر على الدعم الغربي لأوكرانيا. وقال سيرغي ماردان، المذيع في التلفزيون والدعائي: “هذه الفوضى مفيدة لروسيا، لأنه سيتم حرف نظر ضفادع العولمة عن أوكرانيا، وسينشغلون بإطفاء حريق أبدي في الشرق الأوسط”.

وكانت هناك فرحة في موسكو بسبب الفشل الأمني والعسكري الإسرائيلي، الذي قُدِّم في موسكو على أنه دليل ضعف للغرب. وقال الخبير العسكري بوريس روجين: “على ما يبدو، فإن قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي نائمة على أمجاد الانتصارات القديمة”.

ويقول الخبير في الخدمات الأمنية الروسية أندريه سولداتوف إن التعليقات: “كشفت عن الصدمة النفسية التي عانى منها الجيش الروسي بعد الهجوم الكارثي ضد أوكرانيا، في الأشهر الأولى من عام 2022″، و”كانت خسارة الاحترام الدولي لدولة تفتخر بتقاليدها العسكري ثقيلة عليها، ولهذا قدمت “حماس” سيلاً من الشماتة، هل ضحكتم على عجزنا، حان دورنا” لكي نشمت.

وسخرَ المعلّقون على التلفزة الروسية من عشرات الآلاف من اليهود الروس الذي فرّوا إلى إسرائيل تجنباً للتجنيد. وفي كلمة أمام البرلمان الروسي، يوم الأربعاء، قال فيشاسلاف فولودين، المتحدث باسم الدوما، إن الروس الذين فرّوا من البلد للوقوف مع أوكرانيا يجب أن يحاكموا بتهمة الخيانة، ويرسلوا للعمل في المناجم. وقال: “نحن نتحدث عن المناجم، وبحاجة للعثور على مناطق فيها الجو ثابت، وبدون صيف”.

 وفي الوقت نفسه، يبدو أن أوكرانيا وضعت تظلماتها من إسرائيل، ومستعدة لملء الفراغ في العلاقات. وفي خطاب ألقاه إلى جانب الأمين العام للناتو يانس ستولتنبرغ، قال الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي بأن هجوم “حماس” ضد إسرائيل يشبه  الغزو الروسي لأوكرانيا، وأن شعبه يقف مع إسرائيل لأنه يعرف ما معنى المعاناة من هجوم إرهابي. وقال: “الفرق الوحيد هو أن منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل، وهنا دولة إرهابية هاجمت أوكرانيا”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي