علماء آثار يحددون قبالة دانكرك مواقع سفن غرقت خلال الحرب العالمية الثانية

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-13

صورة وفّرتها في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2023 من قبل الإدارة الفرنسية لأبحاث الآثار تحت الماء تُظهر صورة ثلاثية الأبعاد متعددة الحُزَم لحطام المدمرة البريطانية "كيث" التي غرقت عام 1940 أثناء عملية "دينامو" في الحرب العالمية الثانية (ا ف ب)

حدد علماء الآثار موقع المدمّرة البريطانية "كيث" التي كانت ترقد في قاع قناة دانكرك منذ غرقها خلال عملية "دينامو" عام 1940 خلال الحرب العالمية الثانية، ويعملون من سفينتهم للأبحاث على إجراء جردة لهذه القطعة التي يبلغ طولها نحو مئة متر وعرضها عشرة وتبدو عليها آثار عدد من القنابل.

وتظهر السفينة الحربية بشكل ثلاثي الأبعاد على شاشة عالم الجيوفيزياء من هيئة "هيستوريك إنغلند" الحكومية البريطانية التي تشارك في حملة نقل الحطام هذه بقيادة الإدارة الفرنسية لأبحاث الآثار تحت الماء.

ويقيس مسبار الصدى المتعدد الحُزَم، المُعلّق أسفل القارب، عمق المياه، مما يتيح له إنشاء "نموذج ثلاثي الأبعاد لقاع البحر وما قد يكون موجوداً فيه من حطام سفن" أو سواى ذلك، على ما يوضح الجيوفيزيائي.

ويصف "رؤية السفينة تظهر على الشاشة" بأنه "أمر مؤثر"، فهذه السفن الغارقة تمثل تراثاً ثقافياً مشتركاً بين إنكلترا وفرنسا".

إلا أن  عالمة الآثار  من الإدارة الفرنسية لأبحاث الآثار تحت الماء سيسيل سوفاج المشاركة في إدارة عملية البحث التي بدأت في 25 أيلول/سبتمبر افادت بأن هذا الحطام  "سيختفي شيئا فشيئا" رغم "حجمه الكبير". وأوضحت أن فهرسة هذا الحطام يتيح "حماية ذكرى هذه السفن والتاريخ البشري الموجود وراء حطامها".

وحصلت عملية "دينامو" التي خلّدها فيلم دانكرك عام 2017، في الفترة من 26 ايار/مايو إلى 4 حزيران/يونيو 1940، وتمثلت في محاولة إجلاء قوات الحلفاء المحاصرة من القوات الألمانية في شمال فرنسا،  وتمكينها من الاتجاه إلى إنكلترا.

وفي تسعة أيام، أُجلِيَ 338220 مقاتلًا (معظمهم من البريطانيين لكنّ بينهم أيضاً فرنسيين (123ألفاً) وبلجيكيين (16800)، في ظروف غير مسبوقة وعلى متن قوارب مختلفة، كانت بينها سفن عسكرية وأخرى مخحصصة للصيد وعبّارات وزوارق قَطْر، وسوى ذلك.

ولا تتجاوز مسافة أقصر طريق بين دانكرك ودوفر 60 كيلومتراً، لكنها كانت في مرمى مدافع العدو المنصوبة في كاليه.

أما عالمة الآثار كلير ديستانك التي تشارك في إدارة العملية فتشرح أن "ما بين 1000 و1500 سفينة من كل الأنواع عبرت"، غرقت 305 منها بسبب "القصف وطوربيدات العدو والألغام وكذلك الاصطدامات الناجمة عن الهلع الذي رافق العملية".

وغرق نحو خمسة آلاف جندي، وفقاً للمؤرخ باتريك أودون من دانكرك.

305 قصص

وعلى مدار ثلاثة أسابيع، تولت عالِمتا الآثار، بدعم من اثنين من الجيوفيزيائيين، مسح بحر الشمال لجرد هذه السفن المفقودة، وهو ما يحصل للمرة الأولى في المياه الفرنسية.

وسبق أن حُدِّدَ موقع حطام هذه السفن بواسطة غواصين متطوعين في المنطقة، ولكن كان يُفترض بعلماء الآثار تأكيد المواقع ومقارنتها بالبيانات الأرشيفية لإضفاء الطابع الرسمي على ماهية كل حطام.

ويتجه الباحثون بعد ذلك نحو سفينة شحن فرنسية يبلغ طولها نحو مئة متر جاءت عام 1940 من الجزائر لتفريغ البضائع في دانكرك، فطُلب منها إجلاء 1200 جندي. لكنها ما لبثت أن غرقت بعد قليل من مغادرتها الميناء، من جرّاء إصابتها بلغم، على ما تروي كلير ديستانك.

وتشير الباحثة على الشاشة إلى الأثر الذي أحدثه اللغم على السفينة، التي رصدت بعد مرور أكثر من 80 عاما على غرقها. وتقول إن "قصة غرقها مؤثرة جداً".

وأعلن علماء الآثار أن هذه الحملة البحثية أتاحت التعرف بشكل مؤكد على 27 حطاماً لسفن غرقت خلال عملية "دينامو".

كما تم تحديد موقع حطام ثلاث قطع أخرى، لكنّ "تضررها الشديد" يستلزم "فحصها عن طريق الغوص" خلال مرحلة البحث الثانية سنة 2024، للتأكد من هويتها.

وتوضح سيسيل سوفاج أن الهدف من مثل هذه الحملة البحثية "هو تحديد مكان هذه البقايا وتكوين فكرة أفضل عنها". ويتمثل الهدف أيضاً في "حماية هذه (الآثار) بشكل أفضل وخصوصاً في حال تنفيذ مشاريع تنموية يمكن أن تدمّرها، كمزارع الرياح".

وثمة مشروع لإنشاء مزرعة رياح منذ سنوات قبالة ساحل دانكرك.

وتشير إلى أنها أيضاً فرصة لتعريف الجمهور بهذا التراث، ملاحِظَةً أن "دينامو محطة مهمة في الحرب العالمية الثانية"، لكنها معروفة بدرجة أقل بكثير في فرنسا منها في بريطانيا.

وتوضح  كلير ديستانك أن حطام هذه القطع التي كانت مخفيّة تحت الماء تمثّل "305 قصص في التاريخ".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي