معاريف: الجيش الإسرائيلي في "معضلة الأنفاق": نتقدم.. ولكن لا شيء يشير إلى استسلام "حماس"  

2023-11-09

 

يحذر الجيش الإسرائيلي من الإشارة إلى أن “حماس” قريبة من الانكسار في مدينة غزة (أ ف ب)مما يجري بحيّ الشيخ عجلين في جنوب غرب مدينة غزة نفهم عمق ما يجري الآن داخل القطاع من قتال. في هذا الحي، الذي بجوار حي الرمال، والذي يعد الحي الفاخر في قطاع غزة، تعمل قوات مدرعات ومشاة وهندسة. ظاهراً، موقع مديني بكل معنى الكلمة، مع محلات وعلامات تجارية مثل “رولكس”، وبقايا محلات ملابس، وأبراج من 15 – 20 طابقاً.

هنا أيضاً، مثلما في “الرمال”، ومعظم أحياء مدينة غزة، الدمار هائل. من هو هناك الآن، يروي بأنه لا يكاد يكون هناك مبنى لم يتضرر جراء القتال. في هذا الحي، مثلما في حي الرمال المجاور، وتل الهوى المحاذي لشمال الشيخ عجلين. بات واضحاً بأنه إذا ما انتهت الحرب، لن يكون للسكان الغزيين مكان يعودون إليه. هكذا أيضاً في أحياء عديدة في ضواحي المدينة، في وسط القطاع وشماله. دمار البنى التحتية، الطرق والمنازل، يجسد بوضوح أن الحرب هذه المرة مختلفة تماماً. يحيى السنوار جرّ غزة إلى مصيبة حقيقية، ولا يبدو أنه يعتزم التوقف حتى اللحظة.

يثبت الجيش الإسرائيلي حضوره في مدينة غزة، يقضم خط الشاطئ على مسافة قريبة جداً من مرسى الصيد الكبير والمركزي للقطاع؛ رمز ظاهر آخر لمدينة كانت هنا واختفت. ثمة تقدم لقوات المدرعات والمشاة، مع غطاء دائم بالنار وطائرات في الجو، وهو تقدم بطيء وآمن في المناطق المدينية المكتظة. بضع مئات من الأمتار يومياً، بينما تحيط بهم مبان عالية وتلك التي اختفت.

أمس، حين كان اشتباه بوجود مخربين في مطعم قرب شاطئ البحر، جاءت جرافة ودمرت المطعم، وحاول مخربون الهجوم من فوهة نفق نحو القوات، فَجَرَت تصفيتهم. في حادثة أخرى لوحظت فيها حوامة، نجحت القوات بوسائل مختلفة بأن من يطيرها موجود في أحد الطوابق الدنيا من مبنى من 15 طابقاً. استدعيت إلى المكان مُسيّرة أطلقت صاروخاً نحو نافذة الشقة التي كان فيها المخرب، بالضبط حين أخرج يده كي يستعيد الحوامة.

يحذر الجيش الإسرائيلي من الإشارة إلى أن “حماس” قريبة من الانكسار في مدينة غزة. لم نصل إلى النقطة بعد، تقول مصادر عسكرية، رغم أن الجيش آخذ في تثبيت سيطرته في مزيد من المناطق داخل المدينة.

بشكل نسبي مع عمق وجود القوات في الميدان، فإن عدد الاشتباكات أدنى مما قدر في هذه المرحلة، حين اجتازت الفرق عملياً خطوط الدفاع، وباتت على مسافة قريبة جداً من مراكز ثقل العدو.

كلما تقدم الجيش الإسرائيلي وكشف فوهات أنفاق، تنكشف صورة المدينة السفلى لـ “حماس” من تحت الأرض. هنا، بقلب مدينة غزة، قلب نابض للمدينة السفلى. في الميدان يحاولون دفع المخربين للخروج بوسائل مختلفة إلى محيط يريح الجيش الإسرائيلي أن يعمل فيه. مع ذلك، صورة المعركة التي توصف في الجبهات المختلفة لا تمثل نمطاً يقترب من رفع علم أبيض من جانب مخربي “حماس” الموجودين تحت الأرض.

يشخص الجيش الإسرائيلي ميلاً يبشر بتغيير ما بسبب أعمال الجيش الإسرائيلي الكثيفة داخل المدينة نفسها، بالنسبة للأيام الأولى للقتال التي كانت فيها أعمال اجتياح أكثر للمخربين من الأنفاق. في اليومين الأخيرين، في معظم الاشتباكات، كان اللقاء مع مخربين أفراد يخرجون من فوهات ويصفّون من مسافات بعيدة، بواسطة استخدام طائرات أو إطلاق قذيفة دبابة.

يقترب الجيش الإسرائيلي من مفترق قرار في ما يتعلق باستمرار القتال في المدينة وقطاع غزة كله. يمكن للجيش الإسرائيلي أن يتقدم في الأيام القريبة القادمة نحو مستشفيات مدينة غزة (الشفاء، والقدس، والإندونيسي) التي يوجد فيها -حسب التقدير- مخربون في الأنفاق. لكن لا بد من حاجة لخطوة دولة توفر الشرعية والغلاف اللوجستي إلى جانب الجهد العملياتي.

كما أسلفنا، الجيش الإسرائيلي لا يتحدث في هذه المرحلة بتعابير رفع علم أبيض، لكنه يشخص فاعلية متزايدة للضغط العسكري، الذي يؤثر على أداء كتائب “حماس”. صحيح أنها لم تنكسر بعد، لكن الجيش الإسرائيلي راض عن تقدم القوات. خلّفَ القتال مصابين بنار من الطرفين، والجيش الإسرائيلي بات يستخلص الدروس ويقلص الأخطاء في الميدان. 33 قتيلاً في الجيش الإسرائيلي منذ بدء القتال يعدّ ثمناً أليماً، لكن تقديرات الجيش حتى هذه المرحلة كانت أعلى، ووتيرة التقدم قدرت أنها أبطأ مما يجري الآن في الميدان.

علامة الاستفهام الكبيرة كانت ولا تزال هي الأنفاق. حتى الآن دمرت نحو 130 فوهة، ويعتقد الجيش أن لـ “حماس” قتلى كثيرين بقوا مدفونين تحت الأرض.

وقدر الجيش بأن لديهم خريطة حديثة العهد لمترو “حماس”، وتعمل قوات الهندسة على إدارة بعض الأنفاق، ولا سيّما في المناطق المقدَّر فيها أنها أنفاق طويلة تربط بين مدينة غزة ووسط وجنوب القطاع، بل والضواحي الشمالية ومناطق مثل بيت حانون.

في هذه العملية يسعى الجيش إلى قطع شمال القطاع عن جنوبه، وحرمان “حماس” من قدرة عملياتية لضخ مزيد من القوات للقتال على المدينة، والذي يقترب من مراحله الحاسمة.

 

 تل ليف رام

 “معاريف”








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي