رعاية الأكبر سنا.. كيف يمكنك أن تجعلها أسهل بكثير؟

الجزيرة
2023-11-15

رعاية الأكبر سنا.. كيف يمكنك أن تجعلها أسهل بكثير؟ (سيدتي)

يتزايد عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق بين السكان. ففي عام 2019 بلغ عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما فأكثر مليار شخص. وسيرتفع هذا العدد إلى 1.4 مليار شخص بحلول عام 2030، وسيصل إلى 2.1 مليار شخص بحلول عام 2050، وفق اليونيسف. ولهذا يتساءل البعض: ما هو العالم الذي نريد أن يعيش فيه كبار السن بحلول ذلك الوقت؟

فكيف سيعيش كبار السن في عالم يضمن لهم حياة كريمة يتمتعون فيه بالأمان الأسري والأمن الاقتصادي، وأيضا مواصلة عملهم والمساهمة في المجتمع.

يصعب على معظم الناس التحدث عن التقدم في السن في ظل ثقافة تساوي تلقائيا بين الشيخوخة والإعاقة التي غالبا ما يتعرض أصحابها للوصم والتمييز.

يقول أشتون أبلوايت مؤلف كتاب "هذا الكرسي روكس.. بيان ضد التمييز على أساس السن": "إننا نعيش في ثقافة عميقة تتعلق بالعمر والقدرات، تطغى على كل شيء باستثناء السلبيات المتعلقة بالتقدم في السن. نحن لا نتحدث عن ذلك لأسباب إنسانية وأسباب متأصلة ثقافيا".

وفي تقرير نشره موقع "فوكس" الأميركي للكاتبة آنا نورث، استعرضت فيه عدة أسئلة تساعد في كيفية التحضير والاستعداد لرعاية الأحباء المسنين، خاصة وأن العديد من جيل الألفية والجيل "زد" سيواجهون قريبا قرارات صعبة بشأن رعاية آبائهم المسنين، وهي:

بماذا يفيدك وضعك المعيشي؟

قالت ماريا بي أراندا مديرة معهد إدوارد آر رويبال للشيخوخة بجامعة جنوب كاليفورنيا: كبار السن "مستقلون، ولديهم مفاهيمهم الخاصة حول الطريقة التي يريدون أن يعيشوا بها".

ويمكن لهذا النوع من الأسئلة المفتوحة أن يبدأ محادثة عما إذا كان كبار السن يعيشون في منازلهم أو مع أسرهم أو في مكان آخر، ويمكن أن يفتح الباب للحديث عن المستقبل. يمكنك المتابعة بأسئلة مثل: هل أنت مرتاح؟ وهل يتم تلبية احتياجاتك؟

أين تريد أن تعيش إذا أصبحت بحاجة إلى مزيد من المساعدة؟

إجراء المحادثة بشكل استباقي قبل أن يصاب شخص ما بمرض خطير، يمكن أن يساعد أفراد الأسرة على الاستعداد لاحترام رغبات شخص تحبه.

فعلى سبيل المثال، ووفقا لأحد استطلاعات رابطة المتقاعدين الأميركية، فإن غالبية الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما يريدون "البقاء في منازلهم"، والبقاء في منازلهم لأطول فترة ممكنة عوضا عن الانتقال إلى منشأة معيشية مدعومة أو دار رعاية. وفي عائلات أخرى، قد يرغب الشخص الأكبر سنا -أو يحتاج إلى- الانتقال للعيش مع أبنائه البالغين أو أقارب آخرين.

ويتزايد العيش متعدد الأجيال في الولايات المتحدة، حيث يعيش 20% من النساء، و15% من الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما في منازل متعددة الأجيال، بل إن عددا متزايدا من الأسر يجمع موارده مع أحد الأقارب الأكبر سنا لشراء منزل معا.

ماذا يجب أن أعرف عن أموالك؟

إذا كان كبار السن منفتحين على مشاركة المعلومات، فمن المفيد معرفة صافي ثرواتهم، وما إذا كانوا يمتلكون أي ممتلكات مثل العقارات، وما إذا كانوا مدينين بأي ديون. فإذا كنت بحاجة إلى إدارة شؤونهم المالية، فسوف تحتاج إلى معرفة ما يجب على الدائنين دفعه.

وهذه المحادثة قد تكون صعبة للغاية، فقد يشعر الشخص الأكبر سنا بالقلق من أن ابنه يحاول السيطرة عليه، أو حتى البحث عن معلومات بشأن الميراث. لذلك يمكنك الاستعانة بطرف ثالث للمساعدة في إجراء هذه المحادثة.

التضامن بين الأجيال

من جهتها دعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إلى خلق "روح تضامن بين الأجيال" جديدة وقوية، كوسيلة لإطلاق العنان للتقدم نحو حماية حقوق الإنسان "في كل مرحلة من مراحل الحياة.. آمل في أن تتمكن جميع الأجيال القادمة من التمتع بالمساواة وحقوق الإنسان التي نطالب بها لكبار السن".

وقالت وهي تخاطب مجموعة العمل المعنية بالشيخوخة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك: إن رحلة تعزيز الحقوق ليكون كبار السن قادرين على المشاركة بنشاط والمساهمة في التنمية المستدامة "تحتاج إلى أن تسترشد بأصوات كبار السن وتجاربهم المعيشية".

وبينت باشيليت أن الحقوق الأساسية لكبار السن بحاجة إلى الحماية اليوم أكثر من أي وقت مضى، لكن الضمانات القانونية القائمة تجعل تلك الفئة من الناس في الواقع "غير مرئية". وأضافت: "اليوم أكثر من أي وقت مضى يحتاج كبار السن إلى حماية أقوى للتمتع بحقوقهم الإنسانية بشكل كامل".

ضرورة ملحة للعمل

وقالت المفوضة السامية إن تعزيز حقوق الإنسان لكبار السن هو بالتالي "ضرورة ملحة يجب أن نسعى جميعاً لتحقيقها". فلفترة طويلة عانت حقوقهم من "الحماية غير الكافية"، ولا تزال هذه الحقوق تواجه بالتجاهل والإهمال في السياسات الوطنية.

وشددت أنه "على المستوى الدولي يتم نسيانهم ببساطة"، مشيرة إلى أن مكتبها أجرى عدة دراسات تشير إلى ثغرات الحماية. وقالت إن تقريرها الذي قدمته العام الماضي إلى مجلس حقوق الإنسان بشأن التمييز والتفرقة على أساس السن أسفر عن استنتاجات "لم تكن مفاجئة".

وأكدت أن الإطار الحالي لكبار السن "غير ملائم على الإطلاق"، في حين أن المشاركة الدولية كانت "بعيدة عن أن تكون منهجية" أو متماسكة. وقالت إن أيا من معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لا تحتوي حاليا على أي نص محدد بشأن التمييز على أساس السن أو التفرقة العمرية.

تعزيز الصحة العقلية لكبار السن

وقد تؤدي التحديات التي تأتي مع التقدم في العمر والوصول إلى سن الشيخوخة إلى الإضرار بالصحة العقلية للإنسان. ولتلافي ذلك تقدم جيلينا كيكمانوفيتش -وهي مؤسسة ومديرة معهد أرلينغتون للعلاج السلوكي وأستاذة علم النفس بجامعة جورجتاون- في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية 4 طرق لتعزيز الصحة النفسية لدى كبار السن، وهي:

1- راجع مسيرة حياتك

من المسلمات أنه كلما زاد المرء تقدما في العمر مال لاسترجاع الذكريات والأحداث التي وقعت في الماضي.

ويقول الدكتور هربرت رابابورت الطبيب النفسي الأميركي: إنه "خلال عملي مع المرضى المتقدمين في العمر، غالبا ما نتعامل مع سؤال ماذا كان الهدف من الحياة؟ ومن الأهمية بمكان مساعدتهم في تكوين قصص حياتهم ومشاهدة كيف يؤدي ذلك إلى الشعور بالسلام وقبول كل ما يأتي بعد ذلك".

وهناك إستراتيجية تساعد على مواجهة تلك الميول، وذلك بتعمد تذكر المواقف والأوقات الإيجابية في حياتك، وكذلك تذكر أكبر قدر ممكن من المعلومات الملموسة والحسية وفق الدكتور رابابورت.

2- ابحث عن معنى لحياتك

معظم النصائح الشائعة في علم النفس والتطوير الذاتي تحثنا على اكتشاف معنى في الحياة. ولكن عالمة النفس جويل فوس -وهي صاحب كتاب "إيجاد معنى في الحياة.. دليل قائم على الأدلة للممارسين" (Meaning in Life: An Evidence-Based Handbook for Practitioners)- تخشى من أن ذلك قد يشكل مزيدا من الضغوط على الناس، وقد يصبح مصدرا للشعور بالذنب والخجل فيشعر المرء أنه قد أخفق لأنه لم يستطع أن يجد معنى لحياته. وتقترح بدلا من ذلك أن ينخرط الناس في الأنشطة الهادفة التي كانوا يمارسونها.

وتقول الكاتبة إنها توصلت من خلال تجربتها العملية في مجال علم النفس، إلى أن الوباء ساعد كثيرا من الناس في وضوح الرؤية بشأن الأمور الأهم في حياتهم.

ويعود ذلك في الغالب إلى عدم التركيز على الذات من خلال التواصل مع الآخرين وتحسين العلاقة بالله عبر العبادات والاهتمام بالمفاهيم الروحية أو بالطبيعة.

3- تقبل القيود التي تأتي مع تقدم السن

هناك مفهوم خاطئ غالبا ما نسمعه يتردد على ألسنة الناس، يقول إن القبول يعني الاستسلام أو التخلي عن الهدف، ولكنه في الحقيقة يعني عكس ذلك تماما، فهو هنا عملية مستمرة لمواجهة القيود التي يفرضها التقدم في العمر باستخدام الشجاعة والحكمة.

وفي هذا الشأن يرى كارستن وروش أستاذ علم النفس بجامعة "كونكورديا" الكندية، أن "أحد أفضل العوامل التي تشير إلى الشيخوخة الناجحة القدرة على التحرر من الأهداف التي لا يمكن تحقيقها".

ويقول: إنه "في حين أن العزيمة والمثابرة قد يكونان أكثر أهمية بالنسبة للشباب، فإن كبار السن الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة يتخلون عن الأشياء التي لم يعد بمقدورهم القيام بها؛ ويتحولون نحو الأشياء الهادفة التي ما زال بإمكانهم القيام بها".

4- تعامل مع القلق من الموت

تقول راشيل مينزيس باحثة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي بجامعة سيدني: إن العديد من الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم قلق شديد من الموت يعانون من مشاكل واضطرابات نفسية.

وتضيف: "عادة ما ينحسر القلق من الموت خلال مراحل لاحقة من حياة الشخص، ولكن بالنسبة لبعض كبار السن فإن ذلك القلق قد يرتفع ويمكن أن يزيد ويتسبب في شعورهم بالاكتئاب والقلق".

ولمواجهة القلق من الموت تقترح مينزيس قراءة إعلانات النعي أو مشاهدة أفلام تتضمن الموت، خاصة إذا كان الشخص قد تعود على تجنب مشاهدة تلك المشاهد في السابق.

كما تنصح بزيارة المقابر ودور رعاية المسنين وغيرها من الأشياء التي تساعد على التفكير في الموت بصفته "جزءا طبيعيا من الحياة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي