هآرتس: هل سيكون اغتيال زاهدي فتيل الحرب الشاملة بين إسرائيل وإيران؟  

2024-04-02

 

لم تتحمل إسرائيل المسؤولية علناً عن الهجوم، وإن لم ينجح وزير المالية سموتريتش في ضبط نفسه فنشر تلميحاً في حسابه في “اكس” (أ ف ب)اغتيال حسن مهداوي (المعروف أيضاً باسم محمود رضا زاهدي) قائد “فيلق القدس” التابع لحرس الثورة الإيراني في سوريا ولبنان، المنسوب لإسرائيل، يؤدي بالمواجهة بين إسرائيل ولبنان وحزب الله إلى نقطة ذروة قياسية. ربما هذا هو الفصل الأخطر في الجبهة الشمالية منذ بدء الحرب في قطاع غزة منذ ستة أشهر تقريباً.

مهداوي هو الإيراني الأهم الذي نسب اغتياله لإسرائيل حتى الآن، القائد السابق لـ “فيلق القدس”، الجنرال قاسم سليماني، قتل في كانون الثاني 2020 في عملية اغتيال قامت بها الولايات المتحدة، والتي قيل إنها ارتكزت في جزء منها على معلومات استخبارية إسرائيلية. مهداوي (63 سنة) شخصية معروفة في سوريا ولبنان منذ ثلاثة عقود تقريباً.

حسب أقوال الدكتور شمعون شبيرا، المختص في شؤون حزب الله، فقد اعتبر مهداوي مقرباً بشكل خاص لرئيس حزب الله، حسن نصر الله، ورجل الاتصال بين نصر الله وطهران، وهو ضليع جداً في نشاطات حزب الله العملياتية. ومثل شخصيات رفيعة أخرى في “فيلق القدس”، كان ينتمي لجيل مخضرم شارك في الثورة الإسلامية في إيران في نهاية السبعينيات وفي الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات. بعد ذلك، عمل هو وأصدقاؤه في جهود نشر الثورة في أرجاء العالم العربي والإسلامي. لبنان هي الدولة الأولى التي حقق الإيرانيون فيها نجاحاً حقيقياً بفضل دعمهم لحزب الله.

لقد عرفت إيران وحزب الله عن خطة حماس لتنفيذ هجوم إرهابي قاتل في غلاف غزة، لكن رئيس حماس في القطاع يحيى السنوار لم يشركهم في الوقت المحدد لقرار الهجوم، 7 أكتوبر السنة الماضية. نشرت وكالة “رويترز” بأن قرار السنوار فاجأ إيران وأغضبها، لذا قررت عدم الاستجابة لتوقعاته وأمرت حزب الله بالاكتفاء بهجوم عسكري محدود ضد إسرائيل في بداية 8 أكتوبر. الخط الذي اتبعه حسن نصر الله، من إطلاق الصواريخ بعيدة المدى وقذائف مضادة للدروع، كان يكفي لجذب ثلاث فرق إسرائيلية إلى الحدود وإخلاء عشرات آلاف المدنيين. ولكن حزب الله حرص دائماً على عدم إشعال حرب شاملة.

بدرجة كبيرة، إسرائيل هي التي رفعت الثمن الذي جبته من أعدائها في الشمال. لا يدور الحديث فقط عن أكثر من 300 قتيل لحزب الله والمنظمات الفلسطينية بسبب الهجمات الإسرائيلية. أهداف الهجمات توسعت بالتدريج ووصلت إلى قادة كبار في “قوة الرضوان” التابعة لحزب الله، وفي حرس الثورة وفي حماس لبنان. عمق الهجمات أيضاً أخذ يزداد، كانت دمشق هدفاً حتى قبل الحرب، في إطار هجمات “المعركة بين حربين” التي وجهت بالأساس ضد جهود تعزز قوة حزب الله. ولكن سجلت في الشهر الماضي هجمات جوية في البقاع وشمال بيروت.

لم تتحمل إسرائيل المسؤولية علناً عن الهجوم، وإن لم ينجح وزير المالية سموتريتش في ضبط نفسه فنشر تلميحاً في حسابه في “اكس”. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي نشر فيلماً قصيراً لرئيس الأركان هرتسي هليفي أثناء زيارته لقيادة المنطقة الشمالية، وجاء أنه صادق على خطط عملياتية. في الهجوم نفسه، وفي مبنى قريب من السفارة الإيرانية في دمشق، قتل أيضاً عدد من الشخصيات الإيرانية الرفيعة. وحسب التقارير، أحد القتلى هو نائب مهداوي، وآخر هو رئيس مكتبه. هددت إيران في بيان رسمي برد “حاد ومباشر وقاس” على عملية الاغتيال التي نسبتها لإسرائيل.

عملية القصف في دمشق جاءت بعد ليلة أطلقت فيها مليشيا شيعية في العراق، ممولة من إيران، مسيّرة نحو قاعدة بحرية في إيلات. لم يتم اعتراض هذه المسيرة، وسبب انفجارها بأضرار في أحد مباني القاعدة، التي ترسو قربها عدة سفن تابعة لسلاح البحرية، منها سفينة ساعر 6. تصعب معرفة ما إذا كانت عملية الاغتيال رسالة مباشرة من إسرائيل موجهة لهذه العملية الإيرانية. لكن من الواضح أن فيها رسالة محسوبة: بدأت إيران تدفع ثمناً متزايداً بسبب مشاركتها في الهجمات ضد إسرائيل، التي تنفذها بواسطة مبعوثيها. لا حصانة لها من هجمات مضادة. ونشرت وسائل إعلام أمس صورة قديمة من الأرشيف ظهرت فيها شخصيات رفيعة في حرس الثورة مع رؤساء حزب الله، من بينهم رئيس الحزب حسن نصر الله. عدد كبير ممن ظهروا في الصورة، من بينهم مهداوي، لم يعودوا على قيد الحياة. ربما هذه الصورة تملأ نصر الله غضباً؛ وقد تجعله يظهر قدراً من الحذر.

أطلق حزب الله في الحقيقة آلاف القذائف والصواريخ المضادة للدروع نحو إسرائيل منذ 7 أكتوبر، لكنه حذر جداً في اختيار الأهداف. أطلق صواريخ دقيقة مضادة للدروع على بلدات خط الحدود، كما أطلق صواريخ غير دقيقة بعيدة المدى جنوباً، على الأغلب ليس أبعد من صفد. حتى أول أمس، لم يتم إطلاق سلاح دقيق إلى عمق أراضي إسرائيل. السؤال هو: هل سيقرر حسن نصر الله وأسياده الإيرانيون أن المطلوب الآن هو رسالة مختلفة، وسيزيدون شدة الرد؟ خطوة كهذه ستقصر الطريق نحو اندلاع الحرب.

يجب الانتباه إلى رد أمريكا على التطورات الأخيرة عندما يأتي. الرئيس الأمريكي، بايدن، عني بإرسال تأييد مباشر لإسرائيل بعد أن ثار شك في بداية حرب غزة بأن إيران وحزب الله سينضمان لحماس بكامل القوة، طهران وبيروت استوعبتا هذه الرسالة جيداً. وهكذا حرصت جهات رفيعة في الإدارة الأمريكية على بث هذه الرسالة. هؤلاء بذلوا جهوداً للتوضيح بأن الولايات المتحدة لن تدعم بعمى انجرار إسرائيل إلى حرب شاملة في لبنان. الحل الذي سيمكن من عودة سكان الجليل إلى بيوتهم يمر من ناحية واشنطن فقط بالاتفاق السياسي. يمكن الافتراض أن الأمريكيين سيبذلون الآن الجهود لمنع تدهور آخر في الشمال، الذي قد يورطهم مع إيران بشكل مباشر. حتى الآن لم تظهر الولايات المتحدة أي موقف متصلب تجاه إيران، بل بحثت عن مساومة لتأخير تقدم النظام نحو إنتاج القنبلة النووية.

 

 عاموس هرئيل

هآرتس 2/4/2024








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي