هآرتس: لماذا نبرئ أنفسنا من المشاركة في التجويع ونتهم الأبرياء بالمشاركة في 7 أكتوبر؟  

2024-04-07

 

تجويع جماعي لبني البشر بشكل عام، وللنساء والأطفال والشيوخ بشكل خاص، أمر غير محتمل (أ ف ب)التجويع الجماعي ممنوع أخلاقياً، وهو يلغي حق الوجود الأخلاقي لدولة إسرائيل. لكل حرب عادلة حدود! الادعاء بأن الهدف يبرر كل الوسائل هدف خبيث وخاطئ. عشرات النقاشات في فلسفة الأخلاق تناولت مسألة الحدود المسموحة من ناحية أخلاقية ونفعية. حتى لو لم يكن أي اتفاق نظري على مكان مرور الحدود، فإن هناك اتفاقاً على وجود حدود، وهي المعاناة الإنسانية. هدفنا لم يكن التسبب بمعاناة الآخرين.

تجاوزت حماس هذه الحدود في 7 أكتوبر. أعمال الذبح الصادمة، من إحراق الناس أحياء وتدمير بلدات بالكامل، لا مبرر لها، حتى لو كان النضال لوجود وطني مستقل للشعب الفلسطيني نضالاً عادلاً. لذلك، سيتم ذكر حماس إلى الأبد بالسوء. هكذا أيضاً حكومتنا والأعمال التي تتم باسمها حتى الآن في غزة. الوضع الذي حدث في غزة هو تجاوز واضح للحدود وعلف أسود يرفرف فوقها وفوقنا.

في بداية كانون الثاني، قال الاقتصادي الأول في برنامج الغذاء العالمي، عريف حسين، إن 80 في المئة من إجمالي الأشخاص في العالم الذين يعيشون جوعا كارثيا، يعيشون في غزة. حسب قوله، لم يشاهد “شيئاً كهذا، شيئاً يشبه ما يحدث في غزة وبهذه السرعة”. الوضع في غزة فريد مقارنة مع أزمات أخرى، لأن الذين يعيشون في القطاع محصورون في منطقة دون وجود إمكانية للبحث عن الطعام في أماكن أخرى.

في شباط، قالت منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” إنه “لم يسجل في أي يوم مستوى شديد من الجوع ونقص الأمن الغذائي مثل الموجود في غزة”. وفي آذار 2024 نشر تقدير آخر لمستوى عدم الأمن الغذائي في غزة. حسب التقرير، أكثر من 670 ألف مواطن غزي يعانون من الجوع، وأكثر من 870 ألف غزي في حالة طوارئ إنسانية. ويتبين أيضاً أنه إذا لم يتغير الوضع حتى منتصف تموز 2024 فسيعاني نصف سكان القطاع من الجوع.

تجويع جماعي لبني البشر بشكل عام، وللنساء والأطفال والشيوخ بشكل خاص، أمر غير محتمل. التجويع يمس أيضاً بالمخطوفين الذين يعانون من شدة الجوع. كيف يمكننا الاعتراض على جوع المخطوفين عندما نسمح لمئات آلاف الأشخاص بالمعاناة من نقص التغذية.

القيادة الحالية في إسرائيل تجعلنا شركاء جميعاً، نحن شركاء في موت الناس بسبب الجوع والعطش، وأنهم يقتل بعضهم بعضاً من أجل قطعة خبز، وأنهم يأكلون أعلاف الطيور ويشربون المياه الملوثة، نحن شركاء في قتل عاملي الإغاثة أثناء عملهم الإنساني والأخلاقي؛ توزيع الوجبات الساخنة.

عندما نشرب القهوة في الصباح ونختار نوع الحليب المناسب (في كأس من الزجاج أو كأس من البلاستيك) نكون شركاء في التجويع. عندما نفكر بمائدة العيد والخروج من مصر، نكون شركاء في التجويع. عندما نناقش هل يجدر تقديم السمك على الطريقة المغربية أو الفسيخ نكون شركاء في التجويع. وحتى عندما ننام في الليل نكون شركاء في التجويع.

لذلك، ليس من حقنا أن نسأل لماذا يديننا العالم. لماذا لا يسمحون للمحاضرين الإسرائيليين بإلقاء المحاضرات في الخارج؟ ولماذا لا يريد العالم الاتجار مع إسرائيل أو زيارة إسرائيل؟ لماذا لا يقبل بنا كل “الأخيار” ولا يفهموننا؟ الأعمال التي تحدث الآن غير أخلاقية بشكل واضح، وتضعضع الهوية الأخلاقية لإسرائيل ومواطنيها.

إسرائيليون كثيرون قالوا بعد 7 أكتوبر إن كل سكان قطاع غزة مذنبون لأنهم اختاروا حماس وسمحوا بحكمها. قالوا إنه لا يوجد أبرياء في غزة لأن السكان عرفوا وصمتوا. من هذه الناحية، نحن مثل الغزيين، جميعنا شركاء. وهذا لا يعني أنهم أو نحن نستحق الموت بسبب الجوع، أو نقتل بصاروخ أو طعن أو قذيفة. ولكن هذا يعني بأن علينا مسؤولية ثقيلة، وأن علينا الوقوف ضد النظام الذي يلقي علينا هذه الشراكة بالذنب رغم أنفنا.

كان من الجدير تحويل الهدايا التي حصل عليها كثيرون منا في العيد إلى طعام وإرسالها إلى غزة، ولو كإشارة شخصية وإنسانية تليق بالعيد والروح اليهودية. لنرسل الغذاء والماء لأولئك الذين هم على أطراف مصر، والذين لا خلاص لهم. كنا عبيداً في أرض مصر، ونأمل أننا تعلمنا درساً أخلاقياً في الحرية والمسؤولية.

 

 

يولي تمير

هآرتس 7/4/2024








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي