تجدد التساؤلات بشأن سبل مكافحة مرض شاركو بعد تبدد آمال المرضى

ا ف ب - الأمة برس
2024-04-26

رجل مقعد يدفع كرسيه شاب في 01 شباط/فبراير 2017 في مدينة واتفورد في بريطانيا (ا ف ب)

لا يزال المصابون بمرض شاركو يواجهون مصيرهم في غياب أي علاج فعلياً، رغم الأبحاث الكثيرة التي أجريت طوال عقود، إذ تبددت آمال كبيرة كانت معلّقة على أحدها بعدما تبيّن أنه غير فاعل، مما جدد التساؤلات في شأن أفضل السبل لمكافحة هذا المرض التنكسي.

وقال طبيب الأعصاب الفرنسي فيليب كوراتييه، ضمن مؤتمر مخصص لهذا المرض المعروض أيضاً باسم التصلب الجانبي الضموري "أجرينا اختبارات على مدى 30 سنة ولم يفض أي منها إلى نتيجة".

وأكد أمام حاضرين كان بينهم عدد من المرضى "لا تعتقدوا أننا غير آبهين بالفشل الذي نواجهه تباعا".

ويؤدي التصلب الجانبي الضموري إلى شلل العضلات تدريجاً حتى الوفاة في غضون بضع سنوات: ثلاث إلى خمس سنوات في المتوسط.

وعلى غرار أمراض عصبية كثيرة، أبرزها مرض الزهايمر، لم يتم التوصل إلى علاجات شافية رغم عقود من الأبحاث.

وأتى كلام البروفسور كوراتييه في إطار أليم بسبب فشل علاج كان المرضى يعولون عليه بشكل كبير، وهو ريليفريو من مختبر "اميليكس" الأميركي.

وقد أعطى هذا الدواء نتائج اعتُبرت واعدة في الدراسات الأولية التي أجريت على عدد محدود من المرضى. وحملت هذه العلاجات آمالاً في إطالة عمر المرضى لأشهر.

المربع الأول؟

وبناء على هذه النتائج، أجازت السلطات الصحية الأميركية بيعه عام 2022. لكن هذا القرار الذي اتُّخذ تحت ضغوط  كبيرة من جمعيات المرضى، لم يحظَ بالإجماع إذ اعتبر أطباء أعصاب كثيرون أنه اتُّخذ بشكل مبكر.

وأعلنت شركة "اميليكس" في مطلع العام أن تجربة أوسع أفضت إلى نتائج سلبية، فسحبت علاجها من الأسواق.

وفي فرنسا، أجازت وكالة الأدوية (ANSM) العلاج حديثاً، وفرضت شروطا مشددة أكثر من تلك التي اعُتمدت في الولايات المتحدة، لكنّها أظهرت انفتاحا أكبر على جمعيات المرضى من وكالة الأدوية الأوروبية.

فهل أثيرت آمال المرضى من دون داع؟ وهل من خلال الموافقة على علاج لا اساس متينا له، تُخَفَّض المعايير التي قد تؤدي ذات يوم إلى إنتاج أدوية فعّالة؟

قال البروفسور كلود دينويل لوكالة فرانس برس "في المرحلة التي اتُخذت فيها القرارات، كانت موافقة  وكالة الأدوية الفرنسية مبررة"، معتبراً أن الاعتقاد بأن النتائج الأولية سيتم تأكيدها من خلال دراسة لاحقاً، أمر "جائز".

ويضيف دينويل، وهو نائب رئيس جمعية أبحاث التصلب الجانبي الضموري، "لكننا نأسف بشدة لعدم تأكيد الآمال التي أثيرت".

وتجد الجمعيات صعوبة في عدم اعتبار هذا الفشل بمثابة عودة إلى المربع الأول، على الرغم من أنّ التقدم ليس معدوماً تماماً على صعيد العلاجات.

مشهد طبّي معقد

وقد أجازت وكالة الأدوية الأوروبية في المرحلة الأخيرة أحد هذه العلاجات، هو عقار "كالسودي" من مختبرات "بايوجن" الأميركية.

إلا ان هذا العلاج لا يُعنى به سوى المصابين بشكل وراثي محدد من المرض (أقل من 2% من المرضى).

ويعمل هذا الدواء عن طريق تصحيح عمل الجين المسبب للمرض. ويظهر قدرة على إبطاء تقدّم المرض، أو إيقافه موقتاً لدى بعض المرضى، مع العلم أنّ الاحتمال الثاني لم يتم تأكيده بعد.

ورغم أنّ عدد المرضى المعنيين بالدواء محدود، تثير هذه النتائج الإيجابية آمال أطباء الأعصاب لأنها تؤكد أهمية ما يسمى بالعلاجات الجينية في مواجهة أشكال وراثية من المرض، مما قد يمهد الطريق أمام نجاحات أخرى.

إلا أنّ هذه الأشكال من المرض تطال عددا محدودا من الأشخاص لا يتجاوزون أكثر من واحد من كل عشرة مرضى، بينما يعاني الآخرون مما يسمى بأشكال متفرقة لم تُعرف حتى اليوم العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بها.

ما هي الاستجابات العلاجية التي يمكن توفيرها لهم؟ السؤال معقّد لأن مرض شاركو يختلف بشكل كبير بين المرضى، إن لناحية عمر المريض عند تشخيصه أو سرعة تقدم المرض أو مدى معاناة الشخص من مشاكل إدراكية...

ويعتبر عدد كبير من المتخصصين أنّ هذا المشهد الطبي المعقد يفسّر الصعوبات في البحوث التي ينبغي أن تتوصل إلى تحديد أفضل لأوجه الاختلاف بين المرضى.

وقال دينويل "ما نعرفه حالياً هو أنه لا يوجد مرض شاركو واحد بل عدة أمراض"، مضيفاً "لا ينبغي أن نتوقّع علاجا واحدا يناسب الجميع".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي