أمل وخوف مزارعين في أوروبا وأميركا اللاتينية من التصديق المحتمل على اتفاقية تجارية مثيرة للجدل

أ ف ب-الامة برس
2023-07-15

 

    صورة التُقطت في الثالث من آب/أغسطس 2022 تُظهر أبقار في سان كوم-آن-فاريه في شمال غرب فرنسا (ا ف ب)   ما يجمع الفرنسي كريستيان باجار والبرازيلية سونيا بوناتو، اللذين يفصل بينهما تسعة آلاف كيلومتر، هو أنهما مزارعان، غير أنهما ينظران بطريقة مختلفة تمامًا إلى احتمال التصديق على الاتفاقية التجارية المثيرة للجدل بين الاتحاد الأوروبي والسوق الجنوبية المشتركة (ميركوسور).

ويقول باجار الذي يربّي أبقارًا في بلدة سان-سينفوريان-دي-بوا في وسط شرق فرنسا إن هذا الاتفاق "قد يعرّض الزراعة الفرنسية للخطر لأننا لا نملك مزارع بمستوى تلك الموجودة" في أميركا اللاتينية.

وهو يرعى قطيعه المكوّن من 250 رأسًا من الماشية ثمانية أشهر في السنة في بساتين محاطة بتلال، بينما تمتدّ مزرعة العائلة التي كان يديرها قبله والده وجدّه، على مساحة 145 هكتارًا اليوم موزّعة على أراضٍ مختلفة.

وإذا تمّ التصديق على الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والدول الأربعة في السوق الجنوبية المشتركة (البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي)، يخشى باجار أن تختفي مزرعته في مواجهة "المنافسة غير العادلة" من المزارع الضخمة في أميركا اللاتينية.

ويوضح "تجري المقارنة مع مزارع فيها ما يتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف رأس ماشية، لذلك طريقة العمل ليست نفسها أبدًا".

ويضيف "سيسهّل ذلك دخول منتجات لا تحترم المعايير نفسها المفروضة على المنتجين الفرنسيين"، لا سيّما في ما يتعلّق باستخدام الأسمدة الكيميائية وإمكانية تتبع اللحوم.

ويتابع باجار، وهو عضو في الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين في فرنسا أكبر نقابة للمزارعين في فرنسا "هذا نفاق إلى حدّ ما".

- "صعوبة في الحصول على دخل" -

قال باجار إن المزارعين الفرنسيين يعانون "بالأساس من صعوبة في الحصول على دخل" رغم المساعدات الأوروبية التي تقدّمها السياسة الزراعية المشتركة، بينما تراجع حجم قطيع الماشية الفرنسي بنسبة 10% في السنوات الستّة الماضية.

يسود القلق مع اقتراب قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي الأسبوع المقبل في بروكسل.

وفي 2019، أبرمت ميركوسور اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي، بعد أكثر من 20 عامًا من المفاوضات. لكن هذا الاتفاق لم يُصدّق بعد، ويعود ذلك جزئيًا إلى المخاوف الأوروبية بشأن البيئة.

ولا تزال المخاوف التي كانت كبيرة جدًا في عهد الرئيس البرازيلي السابق اليميني المتطرف جايبر بولسونارو (2019-2022)، مستمرة حتى بعد عودة الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى السلطة في برازيليا في كانون الثاني/يناير.

وينصّ الشق الزراعي في الاتفاقية على تسهيل صادرات أميركا اللاتينية من الصويا المستخدم لإطعام الماشية في فرنسا، مع زيادة حصة اللحوم الآتية من دول "ميركوسور" ويمكن تصديرها إلى أوروبا التي تضمّ 450 مليون مستهلك، لقاء رسوم جمركية مخفّضة.

- "منتج جيد" -

في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، هذه الاتفاقية مرادفة للأمل بالنسبة لسونيا بوناتو التي تزرع فول الصويا منذ 27 عامًا في إيباميري في ولاية غوياس بوسط البرازيل.

انتهى موسم حصاد فول الصويا للتو، وكشف عن التربة الحمراء لمزرعتها التي تديرها مع زوجها نيلتون.

في البرازيل، يُوزّع إنتاج فول الصويا على ثلاثة مواسم حصاد.

وتقول سونيا بوناتو (66 عامًا) التي تضع قلّادة على شكل رأس بقرة حول رقبتها "بالنسبة لنا، نشعر بالأمان حين نعرف أننا سنكون قادرين على بيع إنتاجنا (...) لا يوجد عدد كافٍ من الناس في البرازيل لاستهلاك كلّ المواد الغذائية التي ننتجها هنا".

في مواجهة المخاوف الأوروبية بشأن البيئة، تؤكّد المزارعة البرازيلية أن المعايير في بلدها "صارمة جدًا" وهي ضمانة للحصول على "منتج جيد".

أكثر من ثلث مساحة الـ131 هكتارًا في مزرعة بوناتو لم يتمّ استغلالها، ويشكّل ذلك منطقة محمية لا سيّما قرب مجاري المياه، وفقًا للقانون البرازيلي.

وتقول إن المزارعين البرازيليين الذين يزيلون الغابة المطيرة بشكل غير قانوني هم أقلّية، لكن ذلك يكفي لتشويه صورة البلد في الخارج.

وتعتبر بوناتو أن استخدام المبيدات الحشرية لا يزال ضروريًا في البرازيل، رغم أنها تقول إنها تفضل الانتقال إلى استخدام منتجات أقل ضررا.

وتتابع "نعيش في بلد استوائي تتكاثر فيه الطفيليات أكثر بكثير من البلدان التي توفر فيها فترات الصقيع حماية طبيعية".

وتضيف "لا يمكننا تغيير كل شيء فجأة لأن إنتاجنا سيتراجع كثيرًا، فالمنتجات الطبيعية ليس لها نفس التأثيرات. لكن هذا التغيير ليس مستحيلًا".

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي