فيصل بن سلمان: المصادر الأولية ينابيع متجددة من شأنها تجديد المعارف

الامة برس-الشرق الاوسط:
2023-09-21

غلاف الكتابالرياض: صدرت عن «دار جداول» الطبعة الثانية من كتاب «إيران والسعودية والخليج سياسة القوة في مرحلة انتقالية 1968 - 1971» للمؤلف الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز.

قدّم الأمير فيصل بن سلمان الطبعة الثانية بمقدمة جديدة، أجاب فيها على سؤال؛ لماذا هذه الطبعة؟ ذكر فيها أن «هذا الكتاب يُمثِّل جزءاً رئيساً من أطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد البريطانية، وأن الأمر لا يرتبط بالضرورة بنفاد الطبعة الأولى المحدودة جداً من الأسواق (2000 نسخة)، ولا بمتغيرات إقليمية تتعلق بالعلاقات السعودية - الإيرانية أو غيرها، وإنما لسببين عريضين، تميَّز بهما هذا المخطوط من وجهة نظره الشخصية، رغم جوانب نقصه الكثيرة ومحدودية إطاره الزمني».

وبيّن الأمير فيصل بن سلمان أن «السبب الأول يرتبط بمنهج البحث، حيث حاول الباحث فهم الأوضاع الإقليمية من منظور القوى الإقليمية ذاتها، وليس القوى العالمية. بل إنه، في ظروف تاريخية محددة، تكون القوى الإقليمية هي التي تقود سياسات القوى العالمية، وليس العكس حسب المفهوم السائد. حدث ذلك في الفترة التي غطّاها البحث من تنامي القوة العسكرية الإيرانية والقوة السياسية السعودية من جهة، وانشغال الولايات المتحدة الأميركية بحرب فيتنام، وانكماش النفوذ البريطاني لأسباب اقتصادية داخلية مزمنة، فكانت القدرة على إعادة ترتيب شؤون الإقليم لإيران والمملكة العربية السعودية سانحة بدرجة أكبر من أي وقت مضى».

وأضاف قائلاً: «مَن ينظر لعالم اليوم يُدرك أننا نمرُّ بمرحلة انتقالية يتشكَّل فيها عالم جديد بقوى متعددة، وإن كان بدرجات متفاوتة في القوّة، وتغيُّر في مفهوم القوة، من مفهوم ثنائي ينظر إلى القوة العسكرية والاقتصادية إلى مفهوم ثلاثي الأبعاد يضم إلى جانب ذلك القوة المعرفية والثقافية، أو ما يسمى بـ(القوة الناعمة). هذا التشكّل لا يخصّ منطقة الخليج العربية، أو الشرق الأوسط، وإنما يشمل أقاليم العالم المتعددة من أوروبا، وآسيا الوسطى، وجنوب شرق آسيا، وأميركا اللاتينية وغيرها. كما لاحظنا أن تلك التحوّلات في نظام القوى العالمية أصبحت محل حوارات ونقاشات تُعيدنا إلى أطروحات عقود خلت من حوار عالم اقتصادي مجزّأ إلى شمال وجنوب، وحالة سياسية تبحث عن بديل لنظام القطبية الثنائية أثناء الحرب الباردة، وطرح مفهوم عدم الانحياز اليوم لا يختلف في منطلقاته عن سياسات جواهر لال نهرو في الهند أو سوهارتو في إندونيسيا. لذلك نحن بحاجة اليوم إلى فهم أعمق لدوافع ومحركات سياسات القوى الإقليمية وحاجاتها السياسية والاقتصادية بشكل متجدّد ومنفتح في مختلف مناطق العالم».

وبيّن الأمير فيصل بن سلمان أن السبب الثاني لإعادة الطباعة يعود إلى تقييم مصادر البحث، حيث لاحظ مؤخراً قلة اهتمام كثير من الباحثين العرب في موضوعات ما يُسمى بـ«التاريخ المعاصر» أو الدراسات السياسية الإقليمية بالمصادر الأولية وتجديدها، واللجوء إلى تحليلات واستنتاجات دراسات دولية، سواء لأسماء كتَّاب لامعين، أو دراسات لمراكز بحوث شهيرة. وأدى هذا في كثير من الحالات إلى خلط بين المعلومة والاستنتاج، والوقائع والآراء. وبالتالي، إلى ضعف في التحليلات النهائية لتلك الدراسات. وذكر أن المصادر الأولية بأنواعها، كالوثائق الحكومية، أو المقابلات الشخصية، أو السير الذاتية، هي ينابيع متجددة من شأنها تجديد المعارف المتصلة بالموضوعات محل الدراسات، كما تُجدِّد ينابيع المياه جريان الأنهار والجداول. و«أكاد أجزم أنَّ مصادر البحث الأوّلية متاحة للباحثين في الموضوعات المعاصرة اليوم في منطقتنا العربية أكثر من أي وقت مضى، فكثير من الحكومات تنشرُ كثيراً من وثائقها بشكل أكثر أريحية واستجابة لحاجات البحث الأكاديمي، كما أن تطوُّر التقنية ومحرّكات البحث، وقيام كثير من صنَّاع القرار بتوثيق تجاربهم يُحتِّم على الباحثين تقليل الاعتماد شبه الكليّ على مخرجات الأرشيفات الحكومية البريطانية والأميركية والروسية والعثمانية وغيرها بشكل عام، لفهم ما كان يدور في منطقتنا».








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي