الإقبال على كرة الأرزّ اليابانية يتحول كرة ثلج  

أ ف ب-الامة برس
2024-03-03

 

 

   كرات أونيغيري أعدّتها مديرة "واراي موسوبي" ميكي يامادا في طوكيو بتاريخ 7 كانون الاول/ديسمبر 2023 (أ ف ب)   طوكيو- في أحد أحياء طوكيو الهادئة، ينتظر نحو خمسين شخصاً أمام مطعم صغير يقدّم "أونيغيري"، وهو طبق ياباني مؤلف من كرات الأرز بات شائعاً في اليابان وخارجها خلال السنوات الأخيرة وزادت شعبيته بفضل منصات التواصل الاجتماعي وبسبب التضخم.

خلف المنضدة في "أونيغيري بونغو"، يتّسع المكان لتسعة زبائن، في وقت تحضّر يوميكو أوكون (71 عاماً) مع فريقها المكونات الملوّنة التي ستُستخدم لتزيين نحو ستين نوعاً من كرات الأرز الملفوفة بالأعشاب البحرية والمحشوة بمكونات تقليدية كالخوخ المخلل، أو غير تقليدية كاللحم المقدد مع صلصة الصويا.

وتقول صاحبة المطعم الذي يبيع نحو 1200 قطعة من أونيغيري يومياً "في السابق، لم نكن نستقبل أي زبون بين الغداء والعشاء، أما حالياً فبات الزبائن يصطفون في طوابير لثماني ساعات أحياناً".

وتضيف "أنجز العمل نفسه منذ 47 عاماً ولم يتغير شيء بالنسبة إلي، بل العالم من حولي هو الذي تغيّر"، في وقت بات أونيغيري الذي عادة ما يُحضّر "في المنزل"، طبقاً بمكن للزبائن شراؤه وتناوله بمفردهم.

يتم استهلاك أونيغيري في اليابان منذ أكثر من ألف عام، وكان يُحضره الساموراي إلى ميادين المعارك. لكنّه كان يُعتبر في العقود الماضية منتجاً مملاً ورخيصاً يباع في المتاجر الصغيرة المنتشرة في كل أنحاء اليابان.

إلا أنّ هذا الطبق يحقق نجاحاً منذ سنوات، بسبب تزايد أعداد السياح في اليابان قبل جائحة كوفيد-19 بالإضافة إلى التحدث عنه في البرامج والمسلسلات التلفزيونية.

- اليابان والأرزّ -

يقول رئيس جمعية أونيغيري اليابانية يوسوكي ناكامورا إنّ إدراج أقدم مطعم أونيغيري في طوكيو وهو "أونيغيري أساكوسا يادوروكو"، في دليل ميشلان عام 2019، كان له دور في تعزيز شعبية هذا الطبق.

ويقول "تغيرت مذاك نظرة الأشخاص إلى أونيغيري، فبعدما كانوا يعتبرونه وجبة يومية عادية، باتوا يرونه طبقاً عالي الجودة، ما وسّع طرق استهلاكه".

ويشير الاتحاد الياباني للأطعمة الجاهزة إلى أنّ أونيغيري احتل المركز الثاني في ترتيب هذه المأكولات في اليابان عام 2022. وقد ازداد استهلاك الأسر اليابانية لـ"أونيغيري وغيره من فئة أطباق معينة" بنسبة 66% على مدى السنوات العشرين الفائتة، بحسب وزارة الداخلية.

ويشير ناكامورا إلى أنّ عدد المتاجر المتخصصة يرتفع بشكل كبير في اليابان، حيث ازدادت شعبية أونيغيري بسبب ارتفاع الطلب على الوجبات الجاهزة خلال مرحلة الجائحة من جهة، وتسارع التضخم في البلاد منذ عامين من ناحية ثانية.

ويوضح أن "سعر الأرزّ المزروع محلياً مستقر نسبياً"، بينما ارتفعت تكلفة واردات القمح منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ما رفع تكلفة عدد كبير من الأطعمة بينها الخبز.

من جهة ثانية، تُعدّ علاقة اليابانيين مع أونيغيري والأرزّ وطيدة جداً وقديمة، على ما تقول ميكي يامادا (48 عاما)، وهي مديرة شركة "واراي موسوبي" المتخصصة في تقديم أطباق "أوموسوبي"، وهو اسم آخر لأونيغيري.

وتضيف ان "الأرزّ هي قرابين نقدمها للآلهة" في ديانة شنتو، مشيرة إلى أنّ "شكل أوموسوبي الذي عادة ما يكون مثلثاً يشير إلى الجبال"، حيث يقيم عدد كبير من آلهة شنتو.

وتقول يامادا التي تتحدر من عائلة يعمل أفرادها في زراعة الأرزّ في فوكوشيما، إنها أدركت أهمية أونيغيري أثناء محاولتها الترويج للأرزّ المحلي الذي تضررت سمعته بعد الكارثة النووية عام 2011، بالإضافة إلى أنّ كرات الأرزّ التي تحضّرها وتصوّرها تحظى بشعبية كبيرة في انستغرام.

- "صور مميزّة" -

وفي حين تمتلك أكشاك الأونيغيري وسائل محدودة لتروّج لنفسها، أدت صور مميزة ينشرها الزبائن لهذا الطبق عبر منصات التواصل، دوراً كبيراً في تعزيز شعبيته، بحسب يوسوكي ناكامورا.

وازداد تالياً زبائن أونيغيري من فئة الشباب والإناث، إذ تستهويهم نسخ من الطبق تُستخدم فيه مكونات عالية الجودة، أو أخرى تُخلَط فيها انواع من الحبوب مع الأرزّ للحصول على طبق مغذٍّ بصورة أكبر.

وتقول ميوكي كاوارادا (27 عاماً)، رئيسة شركة "تارو طوكيو أونيغيري" التي افتتحت فرعين في طوكيو سنة 2022 يُباع فيهما أونيغيري بجودة عالية وقد يصل سعر الحبة الواحدة إلى 430 ينّاً (2,9 دولاراً) "أرغب في تجديد الصورة القديمة لهذا الطبق في اليابان وخارجها".

وتشير إلى انها تريد في السنوات المقبلة افتتاح عشرات المطاعم خارج اليابان، حيث تعتقد أن أونيغيري قادر على الإطاحة بالسوشي الذي يشكل سفيراً للمطبخ الياباني. وتؤكد أنّ اونيغيري "يمكن أن يكون نباتياً أو حلالاً، مع قدرته على التكيّف مع مختلف الثقافات".

ويقول يوسوكي ناكامورا من جمعية أونيغيري إنه يتلقى طلبات كثيرة من أشخاص يرغبون في افتتاح أكشاك أو مطاعم لأونيغيري خصوصاً في الولايات المتحدة، في حين بدأ بعض اليابانيين الاستثمار في السوق الأجنبية، على غرار أوموسوبي غونبي الذي يمتلك كشكين في باريس وآخرين في نيويورك.

وأمام كشك لأونيغيري بجوار محطة غراند سنترال في نيويورك، يقول شون كينغ (53 عاما) إنه "سعيد جداً" لأنه عثر على متجر يبيع هذا الطبق الذي تذوّقه للمرة الاولى في اليابان.

ويقول لوكالة فرانس برس "إنّ أونيغيري طبق خفيف وصحي وسهل الاستهلاك. لن يندَم مَن يتناوله".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي