هآرتس: بالاحتيال وبصور غير قانونية.. هذه طريقة سموتريتش لتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية  

2024-03-17

 

تمت شرعنة “حورشا” كمستوطنة في 2020. ولكن عندما بنيت البيوت وأعطيت القروض السكنية للشراء، اعتبرت الأرض التي أقيمت عليها “أراضي تسوية”، أي أنها أراض لم يحسم وضعها بعد (أ ف ب)وضعوا بيوتاً متنقلة “كرفانات” على الجبل وعلى جانبي الطريق إلى مستوطنة “حورشا”. وهي مبان مؤقتة إلى جانب بيوت قليلة ثابتة بنيت في المكان. إذا تم فحص وثائق عدد من سكان هذه البيوت الثابتة، فستتبين قصة غريبة. عندما حصل هؤلاء على قرض للسكن قبل عشرين سنة، كانت هذه القروض قد أعطيت لقسائم هي أصلاً موجودة في المستوطنة المحاذية “نيريا”. ورغم ذلك، بنوا بيوتهم في “حورشا”، التي كانت في تلك الفترة بؤرة استيطانية غير قانونية.

أحد مستوطني “حورشا” هو يهودا إلياهو، وهو الآن اليد اليمنى للوزير سموتريتش، ورئيس إدارة الاستيطان في وزارة الدفاع، وهو منصب له تأثير كبير على سياسة الحكومة فيما يتعلق بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية. في العام 2004 عندما كان غير معروف خارج دوائر المستوطنين، حصل على قرض للسكن لعقار في قسيمة رقم 3153 الموجودة (في خطة بناء مدينة “نيريا”).

كشف تقرير “هآرتس” أنها ليست الحالة الوحيدة، وأن اثنين من المستوطنين على الأقل حصلا أيضاً على قرض للسكن عن قسائم أرقامها موجودة في خطة بناء مدينة “نيريا”، رغم أن بيوتهم بالفعل أقيمت في “حورشا”، في السنوات التي لم يكن وضع الأراضي قد تم تسويته بعد، لذلك لم يكن لها خطط هيكلية. وثائق مسجل قروض السكن، التي وصلت للصحيفة، تدل على أن هذه القروض أعطيت بمعرفة من لواء الاستيطان الذي يدير معظم الأراضي العامة (أراضي الدولة) في الضفة الغربية، وإن تصرفها في هذا الشأن واجه انتقاداً شديداً خلال السنين. عملياً، لم يكن باستطاعة سكان البؤرة الاستيطانية الحصول على قرض سكني بدون مصادقة لواء الاستيطان وتقديم الوثائق للبنك. رفض اللواء القول إذا كانوا يعرفون أن البيوت أقيمت بالفعل في “حورشا” وليس في “نيريا”.

لم يحدث هذا الأمر في “حورشا” فقط؛ ففي العام 2017 كشفت “هآرتس” أن سموتريتش حصل على قرض لصالح قسيمة خصصها له لواء الاستيطان في “كدوميم”، لكنه بنى بيته، خلافاً للقانون، في مكان آخر، خارج الخطة الهيكلية لـ “كدوميم” وعلى أرض لم يُعلن بأنها أرض دولة. وكشف التحقيق الحالي تفاصيل أخرى أيضاً في هذا السياق، ويكشف عن إقامة بيوت أخرى في نفس الحي بجانب بيت وزير المالية. حسب التسجيلات، تم الحصول على القروض السكنية الستة التي تظهر في المقال، من نفس البنك وحتى من نفس الفرع.

تم تغيير الأرقام

تمت شرعنة “حورشا” كمستوطنة في 2020. ولكن عندما بنيت البيوت وأعطيت القروض السكنية للشراء، اعتبرت الأرض التي أقيمت عليها “أراضي تسوية”، أي أنها أراض لم يحسم وضعها بعد. من هنا، لم يكن لسكان “حورشا” ولواء الاستيطان حق في هذه الأراضي، ولا يمكن الحصول على قرض سكني للبناء الذي هو غير قانوني على أرض لا يوجد عليها حقوق.

في العام 2011 تم الإعلان عن الأراضي بأنها أراضي دولة، وفتح الباب أمام التسوية، لكن قرضي السكن اللذين حصل إلياهو على أحدهما، صودق عليهما قبل فترة طويلة من ذلك في التاريخ نفسه 27 حزيران 2004، وكتب عليهما بأن العقار في شارع “حورشا نيريا”، الذي هو غير موجود على الخارطة. بعد سنتين، كان أحد السكان الذي كان يعيش في تلك الفترة في بؤرة استيطانية غير قانونية، اسمه الشيمع كوهين، وأصبح لاحقاً حاخام المدرسة الدينية في البؤرة الاستيطانية “حومش”، حصل على قرض سكني على قسيمة ظهر رقمها في الخطة الهيكلية لـ “نيريا”.

حسب الصورة الجوية، فإن هذه القسائم الثلاث في “نيريا” بقيت فارغة مدة عقد تقريباً، لكن في الأعوام 2014 – 2018 تم بناء ستة بيوت فيها، وهي الآن مأهولة بعائلات. نجحت “هآرتس” في متابعة قروض السكن التي تم الحصول عليها لصالح خمسة بيوت منها. ويتبين من التسجيل ومن رد شركة “أمانة” التي بنت البيوت، أن لواء الاستيطان غيّر أرقام القائم في المخطط الهيكلي لـ “نيريا”. مثلاً، تظهر القسيمة 3153 التي تم تسجيلها أيضاً في قرض الياهو في 2004. لكن العائلات التي بنت بيوتها وفقاً لهذه القسيمة، حصلت على قرض عن قسائم أرقامها وهي 3353 – 3353/1. عندما تمت شرعنة “حورشا” في 2020 ظهر في المخطط الهيكلي المصادق عليه أرقام القسائم من القروض السكنية التي حصل عليها أبناء “حورشا” قبل 15 سنة من ذلك.

ثمة صورة مشابهة تظهر في مستوطنة “كدوميم”، الموجودة على بعد ساعة سفر عن “حورشا”. خلف الشارع المحيط والموجود على مدخل المستوطنة، ما زال هناك عدة قطع فارغة، مسجلة في دائرة أراضي “كدوميم”. وتظهر وثائق مسجل الرهن العقاري أنه تم رهن ثلاث قطع منها باسم ثلاثة أزواج، بمن فيهم سموتريتش وزوجته، في تموز 2004. ولكن من رهنوا بيوتهم لم يبنوها في هذا الجزء من “كدوميم”، بل في حي “جفعات راشي”، في منطقة ليس فيها خطة هيكلية وعلى أرض لم يُعلن بأنها أرض دولة حتى الآن. يظهر لواء الاستيطان أيضاً في هذه المرة في وثائق مسجل الرهن العقاري، والرهن العقاري لا يمكن إعطاؤه بدون تقديم لواء الاستيطان موافقته للبنك.

في مقابلة مع سموتريتش، التي نشرت في “يوتيوب” عام 2010 بعنوان “حي أبناء المدرسة الدينية في جفعات راشي”، طرح نفسه على أنه الذي بادر إلى إقامة الحي والمسؤول حتى عن ترتيبات الحصول على القروض العقارية. “في اللحظة التي كان فيها ستة أوائل، قمنا بكل العمل مع القروض العقارية، وقلنا جميعاً إلى الأمام، لنبدأ بالبناء”، قال من يشغل الآن منصب وزير المالية والوزير المسؤول عن سياسة البناء في الضفة الغربية.

بمساعدة من الفرع

القروض السكنية في “حورشا” وفي حي “جفعات راشي” في “كدوميم” بينها قاسم مشترك آخر، وهو أنها جميعها مسجلة في نفس الفرع في بنك “مزراحي تفحوت” في شارع ملوك إسرائيل في القدس. في محادثة مع “هآرتس”، قال المتحدث بلسان البنك إن بعض القروض السكنية مدار الحديث تم الحصول عليها في البداية من بنك “أدانيم”، الذي كان له فرع في نفس العنوان، وتم الحصول على بعضها من بنك “تفحوت”. هذا البنك تم دمجه مع بنك “مزراحي” في 2005 ومع “أدانيم” في 2008.

حسب مصادر مطلعة على القروض السكنية في الضفة الغربية، بات معروفاً أن القروض السكنية في “المناطق” أعطيت حتى في السنوات التي كانت فيها بنوك أخرى أكثر حماسة لفعل ذلك.

بشكل عام، في عملية الحصول على القرض السكني، يطلب البنك مصادقة حقوق على القسيمة وزيارة لمخمن من قبل للعقار. عندما يدور الحديث عن قسائم يديرها لواء الاستيطان، فإنه يقدم الدليل المطلوب على شكل عقد ساري المفعول يسمح للساكن باستخدام قطعة الأرض. مخمن يعمل منذ سنوات في “شومرون” قال للصحيفة بأن المخمنين يميلون إلى أخذ ما يقوله لواء الاستيطان كأمر مفهوم ضمناً فيما يتعلق بوضع الحقوق في القسائم.

“أبطال القضية الحالية، الوزير سموتريتش، وصديقه – شريكه يهودا إلياهو وأصدقاؤهما في لواء الاستيطان، كانوا جزءاً من المستوطنين الذين حصلوا على القروض السكنية لتضليل البنوك”، قال درور اتكيس من جمعية “كيرم نبوت”، الذي يحقق في موضوع قروض السكن في “المناطق” [الضفة الغربية]، وعثر على كثير من القروض التي تم التطرق إليها في هذا المقال. “ربما هذا هو السبب في أنه بعد 11 سنة، وبصفته عضواً في الكنيست، كان مهماً جداً لسموتريتش أن يستثني نشاطات لواء الاستيطان من قانون حرية المعلومات”.

في العام 2012 نشرت “هآرتس” عن حالة تم فيها تقديم وثائق غير صحيحة لبنك “تفحوت” تفيد بأن حي “الأولبانه” في مستوطنة “بيت إيل” أقيم على أرض لـ “الهستدروت الصهيونية” وليس على أرض فلسطينيين خاصة. وقال سكان الحي إنهم حصلوا من لواء الاستيطان على تخصيص على الأرض واشتروا الوحدات السكنية التي بنيت عليها بحسن نية. ووفقاً للوثائق، تبين لاحقاً أن القسيمة 1033/1 التي حصلوا من خلالها على الحقوق، موجودة أصلاً في مكان آخر في بيت إيل.

لواء الاستيطان، وسموتريتش ويهودا إلياهو واليشمع كوهين، رفضوا الرد.

وجاء من شركة “أمانة”: أمانة، بواسطة شركة “بنيانيه بار أمانة”، بنت خمسة من بين القسائم التي أشرت إليها. تم البناء داخل حدود الخطة الهيكلية سارية المفعول على قسائم مخصصة لذلك، وعملت حسب الرخص القانونية، وتم بناء البيوت في القسائم المرهونة لصالح البنوك التي منحت القروض للمرتهنين”. بعد ذلك، قالت “أمانة”: “حسب معرفتنا، عندما فتح لواء الاستيطان القسائم في مستوطنة نيريا لتسجيل الحقوق، قام بترقيم القسائم بأرقام تختلف قليلاً عن أرقام القسائم في الخطة الهيكلية. وقبل أن سجلت حقوق لشركة “بار هارشوت” على اسم المرتهنين، أجريت فحوصات دقيقة بحيث يحصل كل مرتهن على حقوق في القسيمة التي خصصت له طبقاً للتعاقد معه. لا تعتبر “أمانة” طرفاً، وغير مرتبطة بتسجيل الرهن على القسائم. هذه عملية تتم مباشرة عن طريق المرتهن أمام لواء الاستيطان، الذي تم الرهن في تسجيلاته. لا شك أن لواء الاستيطان اهتم بتسجيل الرهونات على القسائم التي بنيت فيها البيوت طبقاً لتسجيل حقوق المرتهنين. يدور الحديث عن عمل بسيط يقوم بفعله يومياً”.    

من بنك “مزراحي تفحوت” جاء: “معظم القروض التي تم التطرق إليها في الطلب، لم يتم الحصول عليها من بنك “مزراحي تفحوت” بل من بنك “أدانيم”، قبل عشرين سنة قبل دمجه في البنك. أعطيت القروض بشكل سليم، تم تسديد جزء منها”.

 

هاجر شيزاف

هآرتس 17/3/2024

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي