معاريف: كيف تبدو عودة ترامب إلى البيت الأبيض كارثة تحل على إسرائيل؟  

2024-03-22

 

الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب (ا ف ب) في عصر انهيار المفاهيم كنتيجة لكارثة 7 أكتوبر، تلوح إمكانية متجددة ومقلقة لعودة مفهوم قديم جديد، تعاظم خطره وتهديده مؤخراً، واسمه دونالد ترامب.

في مقالات رأي تنشر في مواقع شائعة وفي تصريحات يطلقها السياسيون، وفي ردود الفعل على خطوات موضع خلاف في مجال علاقات إسرائيل والولايات المتحدة، تطلق مؤخراً تعابير عطف ومحبة لترامب، تعابير تسعى للإقناع بأنه الأفضل من بايدن بانتخابه رئيساً جديداً.

منذ وقت غير بعيد، نشر استطلاع يظهر أن 44 في المئة من الإسرائيليين يفضلون ترامب كرئيس، وبين مصوتي نتنياهو يفضلون ترامب. بكلمات أخرى، فإن مفهوم ترامب جيد لإسرائيل، ومن المجدي نشره. هذا مفهوم ليس بمثابة رهان فحسب بل وخطير ومهدد وهدام للولايات المتحدة، وللعالم الحر وأساساً لإسرائيل. ويكاد يكون غنياً عن البيان أن إسرائيل دولة تربطها صداقة تقليدية مع الولايات المتحدة، دولة مدعومة من الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى في العالم.

في عواصم القوى العظمى الغربية والبلدات الديمقراطية المركزية، التقديرات التي تفيد بفرص انتخاب ترامب مرة أخرى كرئيس للولايات المتحدة، كابوس وحلم مزعج. فهو يذكر في هذه الأماكن كمن دمر مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى مؤثرة ورائدة. كمن أهان وأذل قوى عظمى كألمانيا فرنسا وبريطانيا. كما أُعجب بطغاة مثل فلاديمير بوتين وانبطح أمامهم، وتباهى بقصة العشق التي له مع حاكم كوريا الشمالية كيم يونغ أون. وحتى في أوساط سفراء ودبلوماسيين كبار قدامى في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، يتحدثون بقرف عن فرص ترامب لانتخابه رئيساً مرة أخرى.

هاجم ترامب هذا الأسبوع اليهود الذين يصوتون للديمقراطيين كمن “يكرهون أنفسهم، وعليهم أن يخجلوا من أنفسهم”. أحقاً. من يتجرأ ويتحدث عن اليهود؟ فقد ادعى ترامب بأن “هتلر فعل أموراً طيبة”، والمقابل لقول مريض مجنون ومزعج كهذا لا يزال يطلب أصوات اليهود في الولايات المتحدة. هرعت العصبة ضد التشهير ونشرت بياناً صحافياً شجبت فيه تصريحات ترامب عن أنماط تصويت اليهود كـ “لاسامية”.

كاتب مقال في “نيويورك تايمز” نشر هذا الأسبوع مقالاً تحت عنوان “أتريدون معرفة ما يريده ترامب؟ استمعوا لما يقول”. والكاتب يفصل قائمة من تصريحات أطلقها ترامب في السنوات الأخيرة، كل منها يجلي عنصريته وكراهيته للغريب، وعداءه لأبناء الأقليات، بمن فيهم اليهود.

مقال هو خلاصة مخيفة لما هو متوقع من مفهوم ترامب، بخاصة لإسرائيل.

الله يحمينا

لا يذكر التاريخ الانتخابي للمتنافسين على الرئاسة في الولايات المتحدة مرشحاً يعلن صراحة ماذا سيفعل إذا ما وعندما ينتخب كرئيس – وماذا سيفعل إذا ما وعندما يخسر. لكن هذا ما يعلنه ترامب منذ أن تقرر بأنه سيكون المرشح الجمهوري للرئاسة في 2024. فقد أعلن بأنه كرئيس، فأول ما سيفعله هو العفو وتحرير كل المتهمين الذين يقضون عقوبات بالسجن على مشاركتهم العنيف والإجرامية للهجوم على مبنى الكابيتول.

وأعلن بأنه سيعتقل وسيعمل على حبس من برأيه يعتقل ويحبس المسؤولين الذين برأيه، عرقلوا أداءه لمهامه كرئيس ولم يطيعوا أوامره. وأعلن هذا الأسبوع للمواطنين الأمريكيين بأنه إذا ما خسر في الانتخابات ولم ينتخب “فسيسفك دماً في أمريكا” و”ستكون هذه الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة”. لا أقل ولا أكثر.

بكلمات بسيطة، يوضح دونالد ترامب مسبقاً وبشكل لا لبس فيه، بأنه لن يقبل نتائج الانتخابات الرئاسية إذا لم تكن لصالحه، ويقول بأنه إذا ما فاز بايدن فـ “النتائج مسروقة”. هذا ليس مضحكاً، بل مخيف.

المقلق إزاء مفهوم ترامب الخطير هو الخوف من أنه يشكل جزءاً من سلوك نتنياهو المهزوز تجاه الرئيس بايدن. لا يمكن استبعاد إمكانية أن يكون نتنياهو بالفعل يفكر بأنه مسموح تحدي بايدن والصدام معه، لأنه سيخسر في انتخابات الرئاسة بعد بضعة أشهر، وسينتخب ترامب الذي كان صديقه الكبير بدلاً منه.

الفظيع في هذا التفكير أنه حتى إذا ما فاز ترامب ودخل البيت الأبيض لأربع سنوات، فسيكون كارثة لإسرائيل. ما لا يستوعبه نتنياهو ولا يريد أن يستوعبه، هو أن ترامب اليوم ليس ترامب قبل أربع سنوات. لم يعد صديقاً فحسب، بل مليء بالهزء والاستخفاف والاستهتار بنتنياهو.

“كون بايدن هو الرئيس في زمن الحرب ضد حماس، يعدّ هدية من السماء”، قال يهودي قديم ومقدر في الجالية في حديث مسؤول. “لو كان ترامب هو الرئيس الآن، لبعث بسبب الضغوط ببعض السلاح لإسرائيل. لكن الواضح أنه لن يكون المبادر والمفكر بعرض 17 مليار دولار مساعدة مالية لإسرائيل في زمن الحرب”.

التصريحات التي أطلقها ترامب في الأيام الأخيرة حول الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس ومطالبته بوقف نار فوري، دليل على الخطر المرتقب منه على إسرائيل إذا ما انتخب رئيساً. الله يحمينا.

عملياً، وضع ترامب كمرشح مهزوز وليس جيداً. لا يملك مالاً، وأعلن محاموه بأنه لن يستطيع دفع غرامات بمبلغ 400 مليون دولار فرضت عليه. حسب تقارير أخيرة، حملته الانتخابية تفتقد للمال والمتبرعين. ويتحدث الصحافيون عن أن الحملة ليست منظمة أو مرتبة، وكبار النشطاء يتركون. أخيراً، نستنتج أن مفهوم ترامب الذي يتسلل بين إسرائيليين غير قليلين، لا يعدّ هذياناً بل هو كارثة لإسرائيل.

 

 شلومو شمير

 معاريف 22/3/2024








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي