ظلُّ أبي

2023-08-02

مروان ياسين الدليمي

كان وحيدا

فاحتضنته ُأمواجُ مدينةٍ لن يفطرَ قلبَها رجاء

وقبل أن يمضي إلى رقدتِه الأخيرة

تدثَّرَ بصندوقٍ من خشب.

٭ ٭ ٭

في آخر مرَّة شُوهِد فيها كان يردِّدُ مع نفسِه :

«كم تبدو الحياةُ طويلة ًجدا»

ثم حدَّق في حفنة ِترابٍ بين كفَّيهِ

وخاطبهُ بصوتٍ مجروح: هل أنت أيضا أدرَكَك النحول؟

٭ ٭ ٭

كم أتوقُ إلى أن ألملِمَ تلكَ الحيرةَ في نظرتِه

بينما يقفُ بعينيهِ الرماديتين في آخرِ صورةٍ له

مثلَ هيكلِ سيارةٍ صَدِئة

يختلجُ الصدى في أحشائها.

٭ ٭ ٭

اندعكَ الكلام في أعماقي

حتى إنَّ الملائكةَ طارت بعيونٍ مغمضة

تاركة ً أحذيتَها على سطح ِ البيت

فأحكَم الأسى قبضتَه في كلِ زاوية

وذرَّ غبارَه على نافذتي.

٭ ٭ ٭

من بعدِ خمسينَ شتاءً

ما زالتْ روحي ملغَّمة ً بالفجوات

أحملُ في صوتي صحراء

أفكِّرُ بمزاحمةِ الكلابِ السائبة في إفساد الليالي.

٭ ٭ ٭

لماذا تسكنُني البهجة ُ قلِقةً

كما لو أني وجبة ُ عشاءٍ باردة؟

أقضي أياماً أحاول فيها نسيانَ أشياءَ عرفتُها

مثلَ التي خدعتُها بخرافاتٍ عن الحب

حتى أنالَ منها قُبلة لها طعمُ الفراق؟

٭ ٭ ٭

وجهُكَ يستعيدُني

فأرى من يشبهونك يسكُنُهم حظ ٌعاثر

ليس لكونِهم يفتقرون إلى الرغبةِ في المشورة

إنما لأنهم يغنّونَ بصوتٍ مبحوح ٍ له طعمُ الملح

ليستحيلَ غيابهُم إلى شقوق مُسَنَّنةٍ في جدارِ القلب.

٭ ٭ ٭

ربما أكثرَ مِمَّا قد يحاولُ النهارُ ألاَّ تهبط َ العَتمة ُ على كتفيه

حاولتُ ألا ألتفتَ إلى ظلّه وهو يتبعُني بحزنِه المُعتاد

أنْ أبتكرَ رائحةَ الغاباتِ لجسدي المضفورِ بإثم الوحشة

أنْ أدعوَ من كان الصيفُ يغفو على نهدَيها منتشِيا

أنْ تُصبِحَ أيامُ الأسبوع ِ تسعة

أنْ أُعلِّقُ الوقت من ياقتِه، ثم أشيحُ بوجهي عنه ُولا أحنو عليه

ماذا لو أنّي وبهدوءٍ تام أستعيدُ وجها تكدَّست ظِلالُه حول هجير أيامي

ماذا لو أنّي فقدتُ إحساسي بالنَّدم فيما أتأمَّلُ لمعَةَ حذائي؟

ماذا لو أنّي ما كنتُ على خطأ في كل ِ تخاريفي؟

كاتب وشاعر عراقي








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي