القبـّة الحراريّة

2023-08-07

جمال البدري

تتعرّض الكرة الأرضيّة اليوم لموجات حرارة استثنائيّة… إنها القبّة الحراريّة كالسرادق؛ فرضت انقلابا على الأرض نتيجة العبثيّة؛ فنال النّاس هيولي القلق… حتى القطب المتجمّد الجليد ذاب وشهق؛ وأصبح:

هواء المدينة أسود كالدخـــان

وأشجارها مكسورة الأغصان

إسفلــت الشــوارع مخلـــوع؛

كمفاصل حصان أعـــرج…

الشّمس تشرق في الليل فقط

دون قمــــر ونجـــوم…

أصوات الرصاص كالأزيز

كرات الثلج في أواخرالصيف

تقتل السنابل بصمت عنيــف

والسكارى يترنحون في الطرقات…

كأنّهم يحملون أثقـــال سيزيـــف.

لا نساء في المدينة العطشى للحبّ

كآبــة الشكّ تسود على النّـــاس…

كأنّهـــا أسراب غربــان جائعة…

من بعيد تسمع عواء الذئاب…

وهي تقترب من المدينة بنهم:

إنها متخمـــة من الجـوع؛

إنها ساغبـــة من الشبع؛

إنها صاديــــة من الريّ؛

إنها راوية من ملح العطــش…

انقلاب حلّ على الزمان والمكان

أيّتها الشمس الحارقة وارحماه؟

قــال الحكيــم: أتعلــم يابُنـــــي:

سواد هواء المدينة لسواد قلوب النّاس…

والأغصان المكسورة لانكسار آمال الناس

ألا ترى خوذ الجنود مثقوبة كالغربال؟

ألا ترى عيون الفتيات حائرة كالغريب؟

ألا تـرى دفاتـــرالتلاميـذ وقد تحوّلت

إلى مظاريـف في دكاكيــن البقاليــن؟

فقلت: لمـــاذا كلّ هذه الأحــزان يا حكيم؟

قال: الزمان زمانان؛ زمن الفرح؛ رحل وفرّ؛

وزمن الحزن حلّ حتى إشعار آخر؛ بعدما قرّ.

إنه غضب السّماء على الأرض وملح البحر.

فقلـــت يا حكيـــم: ومـــا هـــوالحـــــلّ إذن؟

قال: حلول السّــــلام المغروس في النفوس

وحلول المــــودّة المخلصة بين النّاس…

ثمّ صمت لقابيــل أبديّ؛ وطــرد لإبليس.

فقلت هذا محال اليوم؛ كما في الأمـــس!

سكــت الحكيم… فإذا به منقطع الأنفاس.

شاعر وكاتب من العراق








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي