هل ما زالت العصافير تزقزق في غزّة؟

2024-01-13

حنان عيسى

يقولون لي اكتبي قصيدةً عن ذلك.

وربما سأفعل بما أن إفساحَ مكانٍ

لقصيدة هو إغلاقُ بابٍ في وجهِ إعصار.

سأُفشي سِرّاً؛ هذه القصيدة سوف تراوغني.

أُقلِّمها لتصبح سياجاً أنيقاً من العشب،

سأسمع أطفالًا عالقين في نقاط التوقف.

مسافات منظّمة بين الكلمات، سوف تقفز فوقها

صفوفٌ لا نهاية لها من الأُمهات والإخوة الميّتين.

ربما في مكانٍ ما في غزّة

امرأةٌ تسحب بطنها للداخل

لآخر مرّة. تنظر في المرآة ذات الإطار المُذهَّب

تريد أن تحبَّ جسدها تحت الحصار.

وأُخرى تجلس على مكتب، مقيّدة برعب

القَصْفِ أو الصفحةِ الفارغةِ

أمامها. أصوات لوحة المفاتيح، مسافةٌ للخلف –

لا مزيد من القتل يصبح كأنه لم يكن أبداً.

بطرفي إصبعيها تثبِّت معالم فلسطين على الخريطة

تعدل، وتسحب إلى الخارج، تملأ

الرئتين بالهواء عبر البلاد بينما يمشي الناس

بسهولة بين كروم زيتون الأسلاف، هذا

مجمع المستوطنين. وغنوا "مرحبًا" للقوارب التي دُفعت

إلى ميناء فلسطيني منذ زمن بعيد.

"لقد دمر الألمان عائلاتنا وبيوتنا، فلا تدمروا آمالنا".

المخابز الفلسطينية مستهدفة. من أجل قتل الروح

لا يمكنك أن تسمح برائحة الخبز الطازج لأن

الأرغفة تحمل الحياة. من يومٍ إلى يومٍ إلى يوم، وإذا أردت إنهاء

شعبٍ عليك أن تسحق جميع فرحه. أن تسكت الضحكات.

أتساءل، هل لا تزال العصافير تزقزق في غزّة؟

لا أعرف إن كان بَعْدُ بإمكانها الغِناء.

عشٌّ من الشرائط الملوّنة فوق الإبادة الجماعية، ملفوف مثل

سجادة تذكّر بالموت - "أيها الثعابين والفئران،

اسمعوا !" يقول الصوت على الهاتف. "نحن فاعلو خير

سيدمّر العدوُّ أملكَ ومنزلك خلال خمس دقائق.

لذا اركض." وها أنا اركض أيضًا.

خلف الأعشاش الفارغة، فرنٌ متفحّم بعد القصف.

صوت معدني من السماء

يضحك قائلاً: "لا تحطموا أملنا" بينما تفرغ

السّماءُ السُّمومَ وأنا أركض من مكانٍ لمكان عبر الخريطة.

انظر. ها هي الكاتبة تركض معي. والمرأة، التي تريد

أن تحبَّ جسدها تركض. من الخوف وليس من أجل اللياقة البدنية

ونحن نركض، نركض.

أعودُ إلى الأمان في قصيدة فارغة،

أبحثُ عن مساحة على الصفحة.

ولكن القصيدة ماتت.

المرأة، جسدها فارق الحياة، إنها ميتة.

ضاعت الكلمات في التراب. الكاتبة ماتت.

قلوب العصافير تُعتصر في الألم. ماتت العصافير.

وأنا ميتة، نحن "أحياءٌ أموات" ميّتون.

أصابع ملطخة بالدم تُمرِّرُ

فيديوهات القتلى ومقاطع من أصواتهم.

لكن الموتى صامتون

كما نحن صامتين

كما نتخطّى صور الجُثث

بتمريرة من إصبعنا الشاهد.

لقد متنا مع الذين يموتون في غزّة.

شاعرة وفنانة عراقية ويلزية تكتب بالإنكليزية، وهي الشاعرة الوطنية لـ ويلز National Poet of Wales منذ تموز/يوليو 2022. ترجمة عن الإنكليزية: صفاء منير








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي