معجم الاسم

نجود أبو شهلاء لا أذكر من كان صاحب الفكرة بتعليمه كتابة اسمه، أظنها أمي، وربما تولت هذه المهمة الحماسية قبل ولادتنا، لتوفر عليه إحراج القول «لا أجيد الكتابة»، وتجنيبه عناء استخدام البصمة للتوقيع مع ما يرافقها من إجراءات كطلب شهود وما إلى ذلك. مع كامل اليقين أن شيئا كهذا أبعد ما يمكن ع


المعطف..

سلطنة عُمان - مريم الشكيلية ليس حقل مكتظاً بالأعشاب، والحشائش اليابسة عندما يهطل السيل، ويغرق الجذور الممتدة إلى حدود عواطفنا. هل تتخيل ذاك الشعور الذي يعتريني كلما انسكب البرد على سواحل خدي، ويتمدد الحنين فارداً ذراعيه نحوي؟ وكلما بزغ خيط من خيوط الشمس هارباً من ركام الغيوم الرمادية المتراكمة


القصّة الأخيرة

عمر زكريا الحنفية تقطرُ ماءً... سأسمّيها حنفية وليس صنبورًا؛ استذكارًا للتسمية التي جاءت من إقرار الحنفية بجواز استخدام هذا الاختراع. أمّا مَن حرّموها، فلم يكن ما فعلوه إلّا لعطفٍ منهم على السقّائين الذين بدأوا يخسرون رزقهم، من وراء تلك الحنفية. لو رجحتْ كفّة السقّائين يومها، لَما كنتُ أُعاني ا


اقترب، سأهمس في أُذنك كلمة

حسن أكرم فكّرتُ لسنوات طويلة أن أُخفي عن الناس قصَّتي، أن أحرص على نفي نفسي بعيداً عن أنظار الناس وذاكرتهم. لكن حينما اقترب موتي، وشعرت أن حياتي كلّها ليس لها معنى، وأني لو تحدَّثتُ أو صمتُّ، فالأمر سيّان، قلتُ لأسلّي نفسي، وأنا أراقب الوقت البطيء الذي يمرّ في هذا المشفى الكئيب. لو أن لكلماتي قي


عن أيام ما قبل اختراع اللغة الإنكليزية: لولا الأستاذ عبد القادر لكنا سقطنا جميعا

حسن داوود الأستاذ عبد القادر لم يكن يعلَّم، هو فقط المدير، لكن كان يخطر له أن يدخل إلى صفّ من الصفوف ليرعب التلاميذ أحيانا، وأحيانا أخرى ليمتحن معرفتهم باللغة الفرنسية. «قوم إنت طلاع عاللوح» يقول للتلميذ الذي اختاره عشوائيا. « أكتب فيس، يعني ابن بالعربي»، فيكتب التلميذ الك


أوتار مهشمة على حافة الجسر

نازك بدير عندما تشعر بأنك فقدت جميع الأوتار التي تربط بين عظامك وعضلاتك، وقد تقطعت عروقك، كل جزء فيك بات مبتورا عن الآخر … أنت لا تشبه نفسك، جسدك خريطة فيدرالية، كانتونات هنا، ومخيمات هناك، ومطارات أمنية في مناطق متنازع عليها. في زحمة ذلك كله، يحدث أن تفقد القدرة على الحركة، وبعد تمزق أوتا


نسير في موتنا المؤقّت

سومر شحادة كُنّا نائمين، نومَ الكائنات التي نومُها موت مؤقّت، وهذا تعبيرٌ أوشكَ أن يصير حقيقة أبديّة كالموت؛ ونحن نهتز في الأسرّة، ونصحو جزعين، نراقب انهيارَ السقف والجدران علينا. لكن لم يسكنّا الموت السوري حدّاً كان يمكن أن يدفعنا إلى البقاء في السرير في انتظار الموت. لا نزال أحياء، ولا يزال جسد


يسأل وهو يعرف!

قاسم حداد قال له: يا طويل القامة والإقامة. كيف ترى المكان؟ قال: أراه كفنا يُمنح، مثل الهِبة، لميتٍ غافلٍ، ينجو منه عميق الأنفاس واسع الصدر، ويتعفّن فيه الممتثل لجثته الذهبية. قال له: لماذا إذن لا تغادر المكان؟ قال: لست من هنا. لا أرى في المكان سوى بيت صغير يطل على زرقة الكون.. إنني أنتمي للوقت أ


أديم الأرض عند الثالثة فجراً

أنس الأسعد "على أن قُربَ الدار"... كذا صارت تحكمُ المسافاتُ حيواتنا نحن السوريين، نقيس الألم بمقدار القُرب والتنائي، مع أنّ الأمر لم يكن بحاجة لكارثة طبيعية أخيرة تؤكّد، أو نثبت من خلالها، مدى تعلّقنا بتلك الدار ومَن فيها، بعد سنوات خارجها كادت تُصبح دهراً لا نهاية له. ولا كنّا بانتظار برهان يأتي


أيامٌ تتحوّل إلى جملة

حمزة كوتي رأى أنّ الماضي نيزكٌ 1 من التكوين إلى الرؤيا يحمل الكاهنُ الزهورَ وأسماءَ أولئك الذين اتّفقوا على حقيقةٍ أسطوريةٍ في منشورٍ مُغلق. 2 الإنسان والزوال. الفرجار والخريطة. قياس المسافات. ثني العالم بشكل قوس على خصر امرأة هي زهرة وردية اللون. 3 أخذ يبدي اهتمامًا بالمذياع وحديقة العنب و


البتر

ليلى باحساين في العائلة، نَنحَدِر جميعًا من امرأة واحِدة: عبّوش. تلتقي كلُّ فروع شجرة عائلتي عندها، ويَسوقني إلى مَعينها عِرقان. عبّوش! هي أمّ جدّتَيَّ الاثنتَين. إنها جدّة والِدَيَّ الاِثنين. تبقى ذكراها فيَّ شذوراً وضَبابًا ككلّ شيء يتعلّق بطفولتي. لا أعلم ما الحيلة التي لجأَت إليها ذاكرتي ل


لمن نكتب؟ وسيكولوجيا الجماهير!

باسل عبد العال يدورُ هذا السؤال الكبير دورتهُ في أعماق الكتّاب والشعراء والمؤلفين العرب بشكلٍ خاص والعالميين بشكلٍ عام، هو السؤال الجوهر في مشروع الثقافة الكبير في رأيي، وهو السؤال الذي يتشكل كتشكيل شبكة عنكبوتية للأفكار التي تدور حوله وفيه، لمن نكتب؟ وهو سؤال البدء في الكتابة، الهاجس الأول الذي


حذاء

غدير أبو سنينة وهو يحاول حلّ رباط حذائه الشتويّ القصير، فكّر بالعقد الكثيرة التي لا تتناسب مع حجمه. كان عائداً للبيت بعد حديث سلس مع رئيسه في العمل ومكالمة حميمية من صديقته وتحيّة ودّية من جاره. يضطر لعبور منتصف الصالة للوصول للأريكة وخلع الحذاء. حذاء ثقيل تمتدّ عُقَده من منتصف الأصابع حتى ما فوق


هيثم

أمينة شرادي التقيته هذا الصباح، بشعره المشعث وابتسامته البريئة. يرتدي ملابس باهتة، لا تقيه من برودة الطقس. يحمل محفظة لم تعد تستحمل ثقل الكتب من كثرة خياطتها كلما تمزقت. ابتسم لي ثم فجأة، استوطنت وجهه الجميل، مسحة من الحزن والغضب. لم يتمالك أعصابه وصرخ في وجه حارس المدرسة: أنا لست ابن شوارع، أنا


أحمد سعيد حبيش ..ما بين الميلاد 1959 والإستشهاد 1995

أبو يونس حبيش * تشابهت الأرقام في شكلها ثم تباينت وتباعدت في مدتها لتنجب عمراً مدته " 36 " عاماً ، تحكي قصة شابٍ نشأ وترعرع في مدينة جبن الطاهرية في وسط اليمن ، كان في طفولته هادئ الطبع ، دمث الأخلاق يُستنطق بالكلام ولا يبادر به ، فإذا تكلم نطق بما يقتضيه سؤال السائل ، ملازماً للمسجدفي الفروض ال


اكتئاب

راضية تومي كانت تجلس قرب النافذة. المطر الخفيف يلتصق بالزجاج. بالخارج بضعة أشخاص يُسرعون الخطو. يُغطّون رؤوسهم بالمطريّات. نظراتها لا تحبسها جدران الغرفة ولا تقع على شيء ما هناك، حيث الحياة في الشارع الملسوع بالبرد. جذَبتْ نَفَساً من سيجارتها البيضاء الطويلة، وكأنها تجذب نَفَساً من أنفاس الحياة.


النصّاب الأعمى

سهيل كيوان -مسكين، قلت عندما رأيت كهلاً يتحسّس طريقه بعصاه الخاصة لعبور الشارع. -لا تقل مسكين. ردّ قريبي الذي جلس إلى جانبي في السّيارة. -ليش؟ -إنت بتعرفه؟ -لأ، أول مرّة أشوفه. -لكان لا تقل مسكين. -أفّ، يا ساتر. -أي والله، هذا نصّاب كبير، لولا خايف من الناس، كان نزلت وكسرت له عصاه. -يا لط


يتحاجزان… الثقافي والسياسي

قاسم حداد قد يستدعينا واقع الاحتدام والتحاجز بين الثقافي والسياسي، إلى إعمال الجهد العميق لإخراج أحدهما من الآخر، أو بالأحرى تحريرهما من سلطات لم تزل تفتك بهما مدعومة من شأن ثالث هو الشأن الاجتماعي، بوهم عدم فعاليتهما بمعزل عن سلطة الآخر وشرطه. ٭ ٭ ٭ ليس القول بالحق في صياغة الواقع هو شأن سياس








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي